يوجد فى المملكة العربية السعودية مجموعة من الشباب المؤهل تأهيلاً علمياً عالياً، استطاع أن يشق الطريق ويصل إلي مراتب ومناصب عالية.. ومن هؤلاء عبدالله على المجدوعى، رئيس مجموعة شركات المجدوعى، ومؤسس وعضو فى عدة لجان ومجالس إدارات. وهو شاب لم يتجاوز عقده الثالث بقليل، تمكن من إدارة مجموعة كبيرة لها ثقلها فى الوسط التجارى فى المنطقة الشرقية. وكان لمجلة هذا اللقاء معه. \ يؤكد أمير المنطقة الشرقية مراراً علي تحويل المنطقة الشرقية إلي عاصمة اقتصادية للخليج، ما رأيك؟ \\ لا شك أن تأكيد أمير المنطقة الشرقية إلي تحويل المنطقة الشرقية إلي عاصمة اقتصادية للخليج يضيف المسؤولية علي القطاعين العام والخاص علي التحرك السريع فى هذا الاتجاه، فالمنطقة تحتوى علي مزايا نسبية كثيرة تجعلها تتميز حتي علي بعض المدن الخليجية المجاورة، ومن أهمها الكثافة السكانية. وعلي الجهات المختصة تسريع عملية تحديث الأنظمة والقوانين وتطويعها لتتناسب مع مستجدات العصر. كما أن علي القطاع الخاص أن يستغل الفرص المتاحة وبالذات فى قطاع الخدمات. \ أشار التقرير السنوى (36) لمؤسسة النقد العربى السعودى لعام 1419-1420ه إلي نمو القطاع الخاص بنسبة 2% لعام 1999م. ما هى رؤيتك لذلك من منظور أن القطاع الخاص شريك فى التنمية الشاملة؟ \\ لا شك أنه تحسن مطلوب وإن لم يكن بالحجم المتوقع. ومع صدور خطة التنمية السابعة الجديدة والتى تؤكد علي تفعيل برامج التخصيص وتنويع مصادر الدخل مقروناً أيضاً بإعادة هيكلة القطاع العام وتحديث أنظمته وقوانيه، كل ذلك سيكون له أكبر الأثر فى نمو القطاع الخاص بشكل غير مسبوق. \ ما مدي تأثير الوالد فى تحديد مسارك فى الحياة؟ \\ لقد صاحبت الوالد منذ صغرى فى أعماله ورحلاته حتي أحببت عملنا ووجهنى بأسلوب التشجيع والدعم إلي دخول جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وإنهاء الدراسة بها وما صاحب ذلك من لحظات أمل ويأس، ولولا تشجيعه لما كنت أكملت دراستى الجامعية وحصلت علي درجة الماجستير، وهو الآن يدفعنى للحصول علي درجة الدكتوراة. \ ما هى الأنشطة التجارية التى تمارسها المجموعة؟ \\ استثمارات المجموعة بدأت أساساً فى قطاع النقل وذلك عام 1965م حتي أصبحت تمتلك أسطولاً من أكبر الأساطيل السعودية وكان هدفها منذ البداية تنويع الأنشطة مع المحافظة علي التخصص والريادة، فلدي المجموعة الآن خمسة أنشطة تجارية مرتبطة بالنقل والشحن، إضافة إلي وكالة سيارات هيونداى ومصنع للحديد وآخر للألمنيوم والزجاج. \ يوجد أكثر من 400 سيدة أعمال بالمنطقة الشرقية، حسب قاعدة البيانات المتوفرة لدي الغرفة التجارية الصناعية بالمنطقة الشرقية. هل تري أن المرأة قادرة علي إدارة أعمالها بنفسها؟ وهل بإمكانها أن تحترف التجارة؟ وما هى الخدمات التى تقدمها الغرفة لها؟ \\ قدرة المرأة علي أداء العمل لا أراها تقل بأى حال من الأحوال عن قدرة الرجل، بل إن الكثيرات من النساء لديهن من العقل والحكمة أفضل مما لدي بعض الرجال. والسؤال هنا هل النظرة الاجتماعية والقيود المفروضة عليها تمكنها من أداء هذا الدور؟ أما احتراف التجارة، فمن ناحية نظرية يمكنها ذلك وبنجاح خاصة فى الوظائف التى ترتبط بجمهور النساء كعملاء أو فى صناعات مثل النسيج والإلكترونيات والذهب. وحقيقة ليس لدى أدني خلفية عن الخدمات التى تقدمها الغرفة التجارية الصناعية بالمنطقة الشرقية للنساء، ولكنى لا أري هنالك تقصير من ناحية الغرفة فى دعم رجال الأعمال والتجارة بصورة عامة. \ فى العام الماضى صدَّرت المملكة العربية السعودية ما قيمته 190 مليار ريال، هل هذا يعنى أن القطاع الخاص بدأ يثبت وجوده؟ \\ إذا أخذنا الصادرات بمجملها، قد لا تصل إلي النتيجة المطلوبة، حيث أن حوالى 75% من إجمالى الصادرات بترول ويلى ذلك الصناعات البتروكيماوية واللذان لا يداران عن طريق القطاع الخاص. أما النمو فى الصادرات خارج إطار البترول والصناعات البتروكيماوية فإنه بطئ ويلزمه دعم كبير ومتواصل من جميع الجهات. فعلي سبيل المثال، نجد أن وزير التجارة النرويجى افتتح مؤخراً مركز تنمية صادرات النرويج فى عاصمة كوريا الجنوبية سيول، فلماذا لا يكون لنا مثل هذا التواجد الدولى لتنمية الصادرات السعودية؟ \ ما رأيك فيما يسمي بالاندماجات خاصة وأن انضمام المملكة العربية السعودية لمنظمة التجارة العالمية بات وشيكاً؟ \\ الاندماجات يجب أن تكون مدروسة بشكل جيد، ويجب أن يكون هناك درجة عالية من الوعى لدي الأطراف المندمجة مع تحديد واضح لكيفية تسيير العمل. وإذا توفرت هذه الأسس، فإن النتيجة ستكون إيجابية. \ تخسر المملكة العربية السعودية ما مقداره مليار ريال سنوياً بسبب الغش التجارى.. هل من سبيل للتصدى لهذه الظاهرة؟ \\ الغش التجارى لن يتواجد ويترعرع إلا فى حالة غياب القوانين الصارمة والتطبيق الحازم لتلك القوانين والتشديد علي المراقبة فى المنافذ الحدودية، إضافة إلي وعى المستهلك ومدي تطور مفهومه وإدراكه. ولكن المحير فى الأمر أن هناك دول متقدمة عدد سكانها أضعاف عدد سكان السعودية ولا نجد فيها هذه الظاهرة بهذا الحجم. \ من وجهة نظرك، ماذا قدمت البنوك السعودية لرجال الأعمال والمواطنين؟ \\ أولاً يجب أن نفهم أن الأرباح حق طبيعى ومشروع لأى جهة تعمل فى القطاع الخاص، وبدون الربح تنتفى الحاجة إلي الاستمرار فى العمل وبالتالى الانسحاب من السوق، وفى النهاية سيخسر المستهلك الذى سيبقي تحت رحمة عدد قليل من مقدمى السلع والخدمات. لذا من المهم أن نعى أن الأرباح المعقولة مهمة جداً لتحسين الخدمات واستمرارها وتغطية المخاطر التى تصاحب أى عمل. أما فيما يخص البنوك فأعتقد أن خدماتها فى المجمل تطورت بشكل ملحوظ فى السنوات القليلة الماضية وأصبحت أكثر وعياً بحاجة السوق، إلا أن هناك قصوراً واضحاً فى دعم المشاريع المتوسطة والصغيرة. \ السياحة رافد من روافد الدخل فى المملكة العربية السعودية، ما هى مقومات السياحة فى نظرك؟ \\ نمو السياحة ما هو إلا محصلة نهائية لمدي حداثة القوانين والأنظمة وتطورها، إضافة إلي مدي تحضر المجتمع ووعية، والأهم من هذا كله توفر الأماكن والأنشطة السياحية، إضافة إلي البنية الأساسية. ولا أعتقد أننا فى السعودية حالياً نستطيع مجاراة الدول المتقدمة فى هذا المجال لسبب بسيط هو أنهم سبقونا منذ عشرات السنين. ولكن بالعزيمة والإصرار نستطيع تخطى حاجز الزمن، فالمملكة العربية السعودية تذخر بكل المقومات السياحية من آثار وطبيعة جغرافية متنوعة وشواطئ خلابة. ويجب ألا ننسي أن لدينا سوق سياحية مضمونة ألا وهى موسمى الحج والعمرة، فإذا ما عرفنا كيف نستفيد من هذا التدفق البشرى الهائل فستكون العوائد بلا شك مضاعفة. \ التأمين علي السيارات فى بعض الدول المجاورة إجبارى، حيث تفرض علي المسافرين إليها التأمين علي سياراتهم.. هل تؤيد المعاملة بالمثل؟ \\ الدول الخليجية تطبق التأمين الإجبارى علي السيارات منذ سنين طويلة. وبالتالى من الطبيعى أن تطبقه علي السيارات القادمة، خاصة أن السعودية لا تلزم بالتأمين علي السيارات حالياً. ولكن نشير هنا إلي أن مجلس الشوري قد أقر مؤخراً بإلزام السيارات القادمة إلي المملكة العربية السعودية بالتأمين التعاونى ضد الغير وهذه خطوة جيدة. \ وجدت سياسة سعودة الوظائف تجاوباً ملحوظاً من القطاع الخاص، ما هى إيجابيات وسلبيات هذه السياسة؟ \\ إيجابيات السعودة واضحة للجميع وأسهمت الدراسات في ذكر الكثير من الإيجابيات منها الاجتماعى والإنسانى والدينى. أما السلبيات فلم يتطرق إليها الكثير حتي لا يتهم بمعاداة السعودة والسير ضد التيار. وفى رأيي أن الحديث عن السلبيات يجب أن يسبق الإيجابيات. وأهم هذه السلبيات من وجهة نظرى هى: $ تم تحديد النسبة المئوية السنوية للسعودة ب5% علي كل القطاعات ولم يتم مراعاة القطاعات التى يصعب سعودتها فى المستقبل المنظور. $ بعض القطاعات الحكومية بالغت فى تطبيق قرار مجلس الوزراء مطالبة الأنشطة التجارية المرتبطة بها سعودة 100% من الوظائف. $ لم ينظر فى قرارات السعودة تأهيل وتدريب السعوديين للدخول فى معترك الحياة العملية وتلبية متطلبات القطاع الخاص وألقى هذا العبء علي عاتق القطاع الخاص المثقل بالهموم والمشاكل وبدون أدني ضمانات تحمى رب العمل الذى يقوم بالتدريب والتأهيل. $ غياب السجل الوظيفى لطالب العمل بحيث يمكن لمكتب العمل والشركات الراغبة فى التوظيف معرفة تسلسل أعمال الموظف وأسباب تركه العمل، وهذه نقطة خطيرة. $ عدم مساهمة الحكومة فى تحمل نفقات التدريب والتأهيل التى يقوم بها حالياً القطاع الخاص. فجميعنا يعلم مدي ضعف مستوي تأهيل خريجى المعاهد والمدارس بصورة عامة وافتقادهم لأدني متطلبات العمل بالقطاع الخاص. ولعل إنشاء صندوق تنمية الموارد البشرية يسهم فى هذا المجال. $ يجب ترك باب فصل الموظف السعودى مفتوحاً حسب حاجة العمل، ما لم يكن الفصل تعسفياً. فكثيراً من الشركات تتهيب من توظيف السعوديين خشية من القوانين التى تساند الموظف حتي وإن كان كسولاً أو غير منتجاً ضد صاحب العمل. فمثلاً أحد أهم أسباب نمو الاقتصاد الأمريكى خلال السنوات الماضية هو حرية التوظيف والفصل، فمثل تلك القوانين المنتهية الصلاحية تشجع الموظف علي التكاسل والتراخى.