من النادر بل المستحيل أن يظل السلوك الوظيفى موحداً فى قوته وضعفه، فى انقباضه وانبساطه خاصة فيما يخص الإنتاج، فهناك العديد من العوامل التى تؤثر فيه سلباً أو إيجاباً وتجعله يتذبذب من حين لآخر.
هو مجموع التصرفات التى تنتج عن موظف معين بتأثير عوامل عديدة شخصية وداخلية وخارجية، واعتاد عليها بحيث أصبحت جزءاً من شخصيته الوظيفية المعروفة عنه.
تؤثر عوامل شخصية عدة فى تكييف السلوك الوظيفى للموظفين، مثل الخلفية الثقافية، والأفكار الخاصة، والحالة الاقتصادية، والأوضاع الاجتماعية، والمشاكل الأسرية، ومدي بعد السكن من مقر العمل أو قربه، والحالة الصحية، والمؤهلات العلمية، وغيرها.
وهى العوامل التى تنبع من داخل المؤسسة مثل: التنظيم الإدارى؛ جيد أو ردئ، إجراءات العمل؛ مبسطة أم معقدة، الحوافز؛ موجودة أم غير موجودة ومطبقة أم غير مطبقة، الجزاءات؛ عادلة أم ظالة، الترقيات؛ فى مواعيدها أو تتأخر، تقييم الأداء؛ علي أسس ومعايير واضحة أم متروك للتقديرات الشخصية، العلاقات الإنسانية؛ تحظي باهتمام الإدارة والموظفين أم مهملة، التدريب؛ متاح أم غير متاح، جو العمل المكتبى؛ صحى ومناسب أم لا، التقنيات الحديثة؛ مستخدمة فى العمل أم لا، وكفاءة الإدارة وغير ذلك.
وهى العوامل التى تنبع من خارج المؤسسة مثل؛ نظرة الآخرين إلي المؤسسة، ومكانتها الاجتماعية، وموقعها بين المؤسسات المنافسة، ومدي وجود فرص عمل مناسبة خارجية وموقع هذه الفرص، والأوضاع الاقتصادية بصفة عامة، ومستويات الرواتب والمزايا المادية والمعنوية بصفة خاصة، ومدي توفر حملة نفس مؤهلات الموظف وكذلك خيراته، والخدمات التى تقدمها المؤسسات الأخري لموظفيها، وغير ذلك. تفاعل العوامل مع بعضها من الضرورى عدم الفصل بين مجموعات العوامل الشخصية، والداخلية والخارجية، فكل منها يتأثر بالآخر، ويؤثر فيه، وإن كانت درجة التأثر والتأثير تتفاوت من مؤسسة لأخري، ومن موظف لآخر، ومن وقت إلي آخر. والإدارة الحصيفة هى التى توازن فى اهتمامها بين كل العوامل، ولا تركز علي مجموعة علي حساب الأخري. مظاهر تذبذب السلوك الوظيفى ومؤشراته إن تذبذب السلوكيات الوظيفية لا تعنى فقط هبوط معدلاته، ولكن أيضاً زيادتها عن المعتاد، فكما تسعي إدارة المؤسسة إلي دراسة وتحليل وعلاج الانخفاض فى الإنتاج أو المسلكيات الوظيفية المختلفة، فإنها كذلك ينبغى أن تدرس ظاهرة زيادة الإنتاج وارتفاع مستوي الأداء عن المعتاد حتي تقف علي الأسباب للعمل علي استمرارها أو توفيرها فى إدارات أخري، ومن أهم مظاهر هبوط المستويات المعقولة من الإنتاج والسلوكيات ما يلى: $ استغراق وقت أطول من الوقت المعتاد لإنجاز نفس العمل فى نفس الظروف. $ ارتفاع نسبة شكاوي العملاء. $ وجود اختلاف بين فى تقييم أداء الموظفين وبخاصة فيما يتعلق بإنجاز العمل أو التعاون مع الزملاء والرؤساء واتباع تعليمات العمل. $ تفاوت نتائج أعمال المؤسسة من سنة لأخري، فتارة تحقق أرباحاً كثيرة وأخري تحقق خسائر. $ ارتفاع نسبة الجزاءات التى توقع علي الموظفين عن القدر المعتاد، ووجود مخالفات عديدة تقتضى إجراء تحقيقات مع مرتكبيها. $ انخفاض معدلات التسويق بالمقارنة مع المؤسسات المنافسة. $ تنبيه وملاحظات من جهات خارجية مثل المكاتب الاستشارية، أو المحاسبين الخارجيين، أو كبار زوار المؤسسة. $ زيادة معدل دوران العمال بترك العمل إلي مؤسسات أخري. $ ازدياد رغبات الموظفين فى التنقل من إدارة إلي أخري أكثر من مرة دون أن يكون ذلك مرتبط بترقية. أو بزيادة راتب. $ كثرة الأخطاء فى الأعمال، والعيوب فى الإنتاج عما كانت عليه. $ إطالة أمد البت فى الأمور المعتادة التى تخص إدارة معينة. $ سوء العلاقة بين المؤسسة والموردين، وأجهزة الإعلام، والعملاء. $ البطء فى مواجهة الحوادث مثل تعطل الماكينات، أو نشوب الحرائق. $ تداول أسرار العمل، ومضمون القرارات المهمة قبل إعلانها. $ انتشار الشائعات بين الموظفين. $ انعدام الثقة أو قلتها بين مختلف إدارات المؤسسة وأقسامها. $ تأخر الرد علي المكاتب الداخلية والخارجية. $ السلبية فى مواجهة المشكلات.
يبدأ علاج التذبذب فى السلوك الوظيفى من تشخيص أسبابه. وإن الإدارة الحصيفة لا تنتظر حدوث هذا التذبذب، وإنما تعمل علي القضاء علي أسباب التذبذب السلبى، وتهيئة الأجواء لتنمية التذبذب الإيجابى، أو علي الأقل استمراره. وهنا تبرز أدوار الجهات التى تلاحظ هذا التذبذب مثل مكاتب المسؤولين فى المؤسسة، والمستشارين، وإدارة التنظيم، وإدارات الجودة. ومن أهم متطلبات علاج تذبذب السلوك الوظيفى ما يلى: $ وجود معدلات عادلة ومناسبة للإنتاج بالنسبة لما يمكن قياسه منه، ومعدلات أداء للأنشطة الأخري التى لا يمكن قياسها بالقطعة. $ وجود تنظيم إدارى مناسب، ومرن، يحدد الصلاحيات والمهام بدقة. $ صدور قرارات تحدد بعض الموضوعات اليومية التى يؤثر التأخير فيها إلي تراكم العلاقات السيئة بين الإدارات والموظفين مثل؛ تحديد تاريخ معين للرد علي المكاتبات، ومتابعة تسديد قيود المعاملات -الوارد، والصادر - فى مكاتب الاتصالات الإدارية. $ تنظيم لقاءات دورية بين المسؤولين فى المؤسسة من جهة، وبين كل مسؤول وموظفيه من جهة أخري لتدارس أوضاع العمل ومناقشة ظواهر السلبية والإيجابية. $ الاهتمام بالحوافز المناسبة أمام مختلف أنواع السلوكيات. $ التقسيم الواضح للسلوكيات، وإعلانه للجميع لمعرفته، فمثلاً يمكن تقسيم السلوكيات السلبية وفقاً لما يلى: - مواعيد العمل مثل؛ التأخير فى الحضور، التبكير فى الانصراف، الخروج أثناء وقت العمل بدون إذن، أو تكرار الاستئذان.. - تنظيم العمل مثل؛ النوم أثناء العمل، التلاعب فى إثبات المعلومات الخاصة بالإنتاج، تعمد الإبطاء فى العمل، وعدم تنفيذ التعليمات وتعطيل العمل... $ السلوكيات المباشرة مثل؛ التشاجر، التمارض، الادعاء علي الزملاء والرؤساء. أما عن وسائل التعامل مع مختلف السلوكيات السلبية، والإيجابية فأهمها ما يلى: $ الاحتفاظ بأكبر قدر ممكن من المعلومات الشخصية، والوظيفية عن كل موظف والاهتمام بتحديثها وتحليلها. $ التعامل بمرونة أمام بعض المناسبات، فمثلاً يمكن للمؤسسة أن تسمح بتأخر موظفيها الذين يلحقون أبناءهم بالمدارس لأول مرة عن وقت العمل صباحاً، و-أو توصيلهم أول أيام الدراسة إلي منازلهم حتي يتم ترتيب ذلك -مع وضع حد أقصي لذلك، أو أن تتولي المؤسسة ترتيب ذلك. $ متابعة العوامل الشخصية، والداخلية، والخارجية التى تؤثر فى السلوكيات الوظيفية، ودراستها، وتحليلها. $ الاهتمام بمقترحات الموظفين، وشكاواهم. $ تنمية روح العلاقات الإنسانية بين أرجاء المؤسسة بما يفيد عند مواجهة أى مشكلة. $ استخدام أسلوب المواجهة مع الموظفين ذوى الحالات الصارخة فى سلوكياتهم السلبية، ومناقشتهم باستخدام أسلوب الجزرة والعصا فى آن واحد. $ تدرج الجزاءات وفقاً لنوع المخالفات. $ إجراء لقاءات دورية لتدارس أوضاع المؤسسة، وبحث ومناقشة أية سلوكيات جديدة وأبعادها وآثارها علي المؤسسة، وموظفيها. $ الاهتمام باختيار المثاليين من الموظفين والعمال والإدارات الأقسام وإشهار أسس الاختيار وتكريم الفائزين سنوياً. $ ربط الترقيات والعلاوات والحوافز الإيجابية بسلوكيات الموظفين. $ إجراء دراسات مستمرة من مستشارى المؤسسة، ودراسات من حين لآخر من مكاتب استشارية لدراسة سلوكيات الموظفين. $ الاهتمام بتعيين مختصين فى الاجتماع الصناعى، وعلم النفس، والدراسات الاجتماعية المختلفة وتأهيلهم وتدريبهم. $ الاهتمام بتعيين مختصين فى علم الاجتماع الصناعى، وعلم النفس، والدراسات الاجتماعية المختلفة، وتأهيلهم وتدريبهم. $ أن تكون سلوكيات إدارة المؤسسة قدوة حسنة للموظفين. خاتمة إن تحقيق أهداف المؤسسة يتم من خلال تنفيذ مهمات وصلاحيات، تمر يومياً بإجراءات وخطوات معينة تشارك فيها جميع إداراتها من خلال موظفيها. وعليه فإن سلوكيات الموظفين الشخصية، والوظيفية داخل المؤسسة، تسهم بدرجة كبيرة فى تحقيق الأهداف. وكما أن أى تحسين فى السلوكيات أو تطويرها يساعد علي سرعة وكفاءة تحقيق ما تصبو إليه المؤسسة، فإن السلوكيات السلبية تعتبر مطبات اصطناعية أمام حسن سير العمل وتطوير الأداء، وبالتالى تعطيل تنفيذ الخطط، ولذا فمن الضرورى أن تهتم الإدارة فى مختلف جهات العمل بدراسة السلوكيات.