سعت معظم الدول وخاصة الدول المتقدمة، فى ظل التطورات الدولية المتلاحقة التى حدثت خلال العقدين الماضيين، إلي الاستفادة من هذه التطورات وإدارة دفتها لصالحها فحققت مكاسب كثيرة علي هذا الصعيد. وقد أدركت المملكة العربية السعودية معطيات هذه الحقبة الزمنية بشكل كبير وسارعت إلي الأخذ بزمام المبادرة والعمل علي مواكبة هذه التطورات الدولية بالشكل الذى يسهم فى تحقيقها لأهدافها التنموية رغم كثرة المعوقات التى تحول دون ذلك. وقد تمثل ذلك بشكل جلى بالإصلاحات الاقتصادية التى كانت ضرورية لاستثمار هذه التطورات وتوظيفها بشكل يصب فى صالح لاقتصاد الوطنى والحفاظ علي المكتسبات. وكحلقة فى هذه السلسلة، تم إنشاء الهيئة العامة للاستثمار تحت مظلة المجلس الاقتصادى الأعلي بهدف تحسين المناخ الاستثمارى فى المملكة العربية السعودية وإيجاد الحوافز وتذليل العقبات واقتراح الحلول بمشاركة المستثمرين. ويأتى فى مقدمة وظائف الهيئة العامة للاستثمار، دراسة وتقييم القائمة المستثناة من الاستثمار الأجنبى بالمملكة العربية السعودية والرفع لجهات اتخاذ القرار بما تراه من التوصيات اللازمة لذلك. وقد أنشئت الهيئة العامة للاستثمار فى بداية عام 1421ه، وذلك ضمن سلسلة الإصلاحات الاقتصادية التى نفذتها الدولة بهدف تحسين البيئة الاقتصادية ومواكبة التطورات الدولية كمؤسسة تنموية تتمتع بالشخصية الاعتبارية وتعني بشؤون الاستثمار المحلى والأجنبى فى البلاد، وترتبط مباشرة بالمجلس الاقتصادى الأعلي. ويأتى فى مقدمة اختصاصات الهيئة إعداد سياسات الدولة فى مجال تنمية وزيادة الاستثمار الأجنبى واقتراح الخطط التنفيذية والقواعد الكفيلة بتهيئة مناخ الاستثمار والبت فى طلبات الاستثمار ومنحها التراخيص فى فترة لا تتجاوز 30 يوماً، والقيام بالترويج لمناخ الاستثمار من خلال تنظيم وعقد الندوات والمعارض المتخصصة داخلياً وخارجياً والفعاليات الاستثمارية وإقامتها أو المشاركة فيها، إضافة إلي مهمة تحديد قائمة المشاريع المستثناة من الاستثمار الأجنبى وتطوير قواعد المعلومات الاستثمارية. وفى سبيل ذلك قامت الهيئة منذ إنشائها بالعديد من الأنشطة التى ساهمت إلي حد كبير فى جذب مجموعة من الاستثمارات الأجنبية، ومن أهمها ما يلى: $ إنشاء مراكز الخدمة الشاملة فى المدن الرئيسية بالمملكة العربية السعودية بهدف تسهيل الإجراءات الإدارية التى يحتاجها المستثمر الأجنبى للحصول علي ترخيص الاستثمار، تضم ممثلين لجميع الجهات الحكومية ذات العلاقة بالاستثمار بشكل يضمن توحيد جهة استقبال الطلبات والبت فيها وسرعة إنهاء المعاملات وإصدار التراخيص والموافقات والتأشيرات وتصاريح الإقامة اللازمة لمزاولة النشاط الاستثمارى. $ إصدار القائمة المستثناة، التى تشتمل علي بعض أنواع النشاط المستثني من الاستثمار الأجنبى وتم إعدادها بالتنسيق مع الوزارات والجهات ذات العلاقة. وسعت الهيئة من خلال إصدارها لهذه القائمة بأن تكون متوافقة مع عروض المملكة العربية السعودية المقترحة للانضمام لمنظمة التجارة العالمية والاتفاقيات الأخري من ناحية، كما حرصت علي أن تكون مختصرة ومشجعة أمام المستثمر الأجنبى من ناحية أخري. $ المساهمة فى تطوير وتقييم الأنظمة الاستثمارية من خلال القيام بمجموعة من الدراسات التى تهدف إلي تحسين المناخ الاستثمارى وتفعيل وإيجاد الحوافز اللازمة من جهة وتذليل المعوقات التى تواجه المستثمرين من جهة أخري، وذلك بالتعاون مع بعض بيوت الخبرة المحلية والأجنبية. $ الإعداد والمشاركة فى المؤتمرات والندوات وورش العمل ذات العلاقة بالاستثمار كأحد الجهود التى تبذلها الهيئة فى الترويج للبيئة الاستثمارة الجديدة فى المملكة العربية السعودية أمام رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، وإيجاد قنوات تواصل بين الهيئة والمؤسسات المتخصصة. وقد ساهمت هذه الجهود فى تحسين مناخ الاستثمار بالمملكة العربية السعودية، حيث تم تحقيق بعض الإنجازات الإيجابية فى هذا المسار خلال الفترة القصيرة الماضية التى تلت إنشاء الهيئة. وقد تمثل ذلك بتفاعل المستثمرين والمؤسسات الاستثمارية الدولية مع الإصلاحات التى تم تحقيقها فى المملكة العربية السعودية وردود الفعل الإيجابية وارتفاع عدد طلبات لاستثمار بشكل كبير خلال هذه الفترة. ومن خلال البيانات الصادرة عن إدارة التراخيص بالهيئة، فإن مجمل التراخيص التى منحت منذ إنشاء الهيئة وحتي 22 رمضان من هذا العام بلغ 640 مشروعاً باستثمارات إجمالية بلغت 4،35 مليار ريال سعودى، تمثل الاستثمارات الأجنبية منها حوالى 83% بينما تمثل المشاريع المشتركة 17%. ورغم أن المدة التى مضت منذ إنشاء الهيئة تعتبر حتي الآن قليلة فى مواجهة الأعباء والعقبات التى كانت أمامها، إلا أن ما أنجز يؤكد علي سلامة المنهج الذى رسمته الهيئة لنفسها فى تحقيق الأهداف المنشودة إضافة إلي الدعم والمساندة الإيجابية التى تتلقاها الهيئة من الأجهزة والجهات ذات العلاقة. وتُعتبر الهيئة العامة للاستثمار شريكاً للمستثمر فى تحقيق أهدافه وتطلعاته، ولذلك سخرت جميع إمكانياتها البشرية والمادية من أجل ذلك. ومن هذا الاعتبار تسهم الهيئة فى عقد اللقاءات وورش العمل والندوات والمؤتمرات التى من شأنها أن تخدم المستثمر وتحقق أهدافه وتطلعاته. وقد اتخذت الهيئة أسلوب ورش العمل لدراسة ومناقشة بعض الجوانب ذات العلاقة بالاستثمار بهدف دعمها وتطويرها بما يخدم الاستثمار ويحقق طموح المستثمر، وذلك بدعوة نخبة مختارة من المسؤولين الحكوميين ورجال الأعمال والمال والمتخصصين من الأكاديميين والاقتصاديين المعنيين بقضايا الاستثمار من داخل المملكة العربية السعودية وخارجها فى جو يسوده الصراحة والوضوح بعيداً عن المجاملات وعوائق البيروقراطية. وكانت آخر ورشة عمل عقدتها الهيئة لتناقش أحد أهم القضايا التى تمس المستثمر والتى يكثر حولها السؤال، وهى ورشة العمل التى ناقشت "قائمة الأنشطة الاستثمارية المستثناة من الاستثمار الأجنبى"، التى عقدت مساء يوم الثلاثاء 4 ديسمبر 2001م بالرياض.