وشأنها شأن الجليس إما أنها جليس صالح أو جليس سوء ، فإن كانت داعية إلى الخير والمعروف لا تطرد معها الملائكة بل تقبل إليها وتحفها ، والخير من ورائها عميم ، فنعما هي إن كان يبث فيها ما هو نافع في الدنيا والآخرة فالحمد لله ، ولنقبل عليها حينئذ ما لم تنتهك فيها محرمات ، وإن كان دون ذلك فالله لا يحب الفساد ولا ضرر ولا ضرار ، والسمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ، ولا ينبغي أن نغبن فيها ونضيّع فيا الأوقات ونضيع فيها الأبدان ، – وستكون هناك بإذن الله تعالى حلقة خاصة عن التلفزيون وما يبث فيه من برامج وإيجاد البديل الإسلامي إلى غيرها من الأمور - ، أما هنا فإني قد اقتصرت على التحذير منه والاستفادة من برامجه الجيدة بقدر المستطاع .. - طبيعة البلدان التي يعيش فيها الطفل بما فيها من أخلاق وعادات وآداب ومناظر وأحوال . للبلدان التي تعيش فيها الأسرة وطبيعة أهلها أثر في تربية الأبناء ، فالبلاد التي يسكنها الشرسون والمفسدون ليست كبلاد أهل الخير والفضل والصلاح ، فشرور هذه البلاد تنعكس على الأسر والأبناء ، وكذلك فأهل الصلاح لا يشقى بهم جليس .. ومن ثم شرعت الهجرة من أرض الفساد إلى أرض أهل الصلاح ، فهذا قاتل التسعة التسعين الذي أتمهم بقتل الراهب فقتل حينئذ مائة نفس يؤمر بترك أرضه والاتجاه إلى أرض أهلها يعبدون الله عز وجل كي يعبد الله معهم . انظر القصة في البخاري ( برقم 3470 ) . فالابن يخرج من البيت فيرى الأطفال في الشارع ينظرون إلى الفيديو وإلى التلفزيون وإلى شاشات السينما والدشوش وما فيها من مناظر محرمة ، والبنت كذلك تخرج من البيت فترى البنات في الشوارع وقد تعلقن بأيدي الشباب .. أو يتبادلن الصور والأفلام والأشرطة نهاراً جهارا .. فتلقائياً تهفو نفس الطفل إلى النظر إلى هذه الشاشات وإلى محاكاة ما يشاهده في الشارع ، فيتلقى منها الشر والفساد .. وكذلك يخرج الولد من بيته فيرى الأبناء يلعبون الألعاب المكروهة أو المحرمة فيلتقط ذلك منهم .. وكذلك البنت التي تخرج فتجد أترابها متبرجات سافرات تتعلم منهم تلقائياً التبرج والسفور .. فعلى ذلك إذا كان الأب يسكن في عمارة أهلها شريرون أو في حي من الأحياء عموم أهله مفسدون ، أو في قرية الغالب على أهلها الشر ، أو في دولة كافرة يتسرب إليه من فسق أهلها وكفرهم ، وكذلك يتسرب إلى أبنائه ، فعليه حينئذ أن يغادر مكانه ويذهب إلى موطن من مواطن الصلاح .. والمحفوظ من حفظه الله تعالى .. - هل تُضرب البنت لتأديبها ؟ لاشك أن هذه مسألة مهمة لها فقهها ، فالمواقف تختلف وكذلك الأحوال وأيضاً المسائل التي ستؤدب من أجلها ، هل هي مسائل مستبشعة مستقبحة ومستهجنة ؟ أم هي دون ذلك ؟ وهل هي تعقل هذه المسائل وتعرف مدى إثمها وشرها وخطورتها ؟ أم أنها جاهلة بها وبأحكامها ؟ ولكن في الجملة فالأمر كما قال صلى الله عليه وسلم : إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلى شانه . مسلم برقم ( 2594 ) . وأيضاً كما قال صلى الله عليه وسلم : إذا أراد الله بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق . المسند (6/71 ) . وقد ورد أيضاً أنه عليه والصلاة والسلام : ما ضرب شيئاً قط بيده ، ولا امرأة ولا خادماً إلا أن يجاهد في سبيل الله . مسلم برقم ( 2328 ) . فحينئذ علينا بالكلمة إذا أردنا الإصلاح وعلينا بأنواع الترغيب ، فإذا لم تُجْدِ الكلمات الطيبة في الإصلاح ، استعملت الكلمات التي تحمل نوعاً من الزجر واستعمل الترهيب بحسب نوع الخطأ والجُرم المرتكب ، وإذا لم تُجْدِ ولم تنفع كلمات الزجر هذه فحينئذ قد يُجدي الضرب ، فأحوال الأبناء تختلف وطبائعهم تتنوع ، فمنهم من تكفيه نظرة بالعين لتأديبه وتوبيخه وتأنيبه ، وتؤثر فيه هذه النظرة تأثيراً بالغاً لا حدود له ، وتكون سبباً في كفه عن مثل هذا الخطأ الذي ارتكبه . ومنهم من إذا حولت وجهك عنه عرف مرادك وفهمه وانكف عن خطئه . ومنهم من تجدي معه الكلمات الطيبة ، فعليك بالكلمات الطيبة مع مثل هذا . ومنهم من لا يصلحه إلا الضرب ولا تنفع معه إلا الشدة ، فحينئذ نتجه للضرب والشدة بالقدر الذي يصلح فقط ولا نتعداه ، كالطبيب الذي يعطي للمريض حقنة ، والحقنة تؤلمه ، ولكنها بقدر المرض فحسب . فللرجل أن يشتد مع أبنائه - وكذلك المرأة - ، إذا رأى منهم قصوراً أو وجد فيهم خللاً . وعليه أن يتق ضرب الأولاد على وجوههم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن ذلك ، قال عليه الصلاة والسلام : ( إذا قاتل أحدكم أخاه فليتجنب الوجه ) . وفي رواية ( فليتق الوجه ) مسلم برقم ( 2612 ) . ومن النصائح أيضاً :- أنك لا تَعِد الأطفال بموعد ثم تخلفه ، ولا تكذب عليهم ، فإنهم يتعلمون منك الكذب وإخلاف المواعيد ، وفي ذلك مخالفة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : آية المنافق ثلاث .. وذكر : وإذا وعد أخلف . البخاري برقم ( 33 ) . ثم إن في إخلاف الوعد فقدان للثقة ، فضلاً عن كونهم يتعلمون منك إخلاف الوعود والاستهتار بها ، فإنهم أيضاً لا يصدقونك فيما هو آت . كما أنك تنتبه إلى أنه لا يأتي إلى بيتك من يسأل عنك فترسل ولدك وتقول له أخبره أني غير موجود ! ففي ذلك إثم وتعليم الكذب للأبناء وأنت لا تشعر . وقد يذهب الولد أو النبت وببراءة الأطفال فتقول للسائل : إن أبي يقول أنه ليس موجود !! فتقع أنت في الحرج ويعرف الزائر أنك تتهرب منه . و من النصائح أيضاً :- متى تؤمر البنت بالحجاب ؟ القواعد الشرعية تقتضي أن أمر الفتاة بالحجاب يكون إذا بلغت المحيض ، وهكذا سائر الأوامر الشرعية والمناهي والتكاليف ، ولكن التدريج معها قبل بلوغها المحيض يُسهّل عليها التكاليف ويهوّن عليها الطاعات إذا بلغت المحيض ، فيستحب للوالدين تدريب البنات على التحجب والبعد عن الرجال قبل بلوغهن المحيض ، إما إذا كانت الفتاة قبل بلوغها المحيض تشتهى لحسنها وجمالها وشبابها ، و الفتنة من وراءها قائمة ، فتحجب قبل البلوغ دفعاً للمنكر وإبعاداً للشر والفساد . والله أعلم .. وختاماً : هذا ما قدرني الله جمعه من النصائح التي تهم كل أم وأب في تربية الأولاد سواء كانوا ذكور أم إناث .. ولعلي أكون قد وفقت في ذلك والحمد لله رب العالمين