التفاوت الثقافي بين الزوجين
هناك حالات ثلاث في مسألة تفاوت المستوى الثقافي بين كل من الزوج والزوجة وهذه الحالات لا رابع لها إذ أنها قد حصرت حصراً عقلياً وهذه الحالات هي: 1 ـ أن يكون الزوج له من المؤهلات العلمية والثقافية ما يفوق به مستوى الزوجة. 2 ـ أن يكون كلا من الزوجين متكافئين في مستواهما الثقافي، أو متقاربين فيه. 3 ـ أن تكون الزوجة تفوق في مستواها الثقافي الرجل. فهل يكون لهذه الحالات الثلاث أثر في سير الحياة الزوجية سلباً أو إيجاباً، أم أن هذا الأمر لا أثر له مطلقاً على ذلك؟ نقول أما بالنسبة للحالة الأولى فنستطيع القول بأن هذه الحالة لا تثير إشكالاً، ولا تؤثر سلباً على إدارة الأسرة وذلك أن مهمة إدارة الأسرة منوطة بالزوج. وبما أن الزوج هو الذي يتفوق في الفرض الأول ـ من حيث مستواه الثقافي ـ على المرأة فإن الأمور هنا في نصابها الصحيح، وعلى طبيعتها وليس هناك ما يخل بسير الأسرة وإدارتها. أما الحالة الثانية والتي يتكافأ فيها الزوجان في مستواهما الثقافي، فإن هذه الحالة لا تشكل ـ أيضاً ـ تأثيراً سلبياً على إدارة الأسرة، وأنه ((لا بد للزوجين من أن يتفقا على التخطيط لحياتهما الزوجية، وعلى توزيع الأدوار في إدارة هذه الحياة فيما يتصل بمسؤولية كل واحد منهما تجاه الآخر، أو تجاه حياتهما المشتركة)). أما الحالة الثالثة فإنها هي التي تعد ذات مردود سلبي على إدارة الحياة الزوجية فيما لو لم يكن الطرفان يتفهمان طبيعة الحياة الزوجية، بل ولو كانا يتفهمانها. فالمشكلة تكمن في أن الرجل يحس ـ غالباً ـ بأن قيادة الأسرة من الوظئاف التي أوكلت إليه في برنامج توزيع الأدوار، والمرأة تحس ـ بمقتضى تفوق مستواها الثقافي على مستوى الرجل ـ بأنها تعي الأمور أكثر منه، إن الأمر ولهذا الحد لا إشكال فيه ولا غبار عليه فيما لو كان الرجل يتصرف بالمستوى الصحيح ولم ينحرف عن جادة الصواب عند ممارسته لوظيفته في قيادة الأسرة. ولكن المشكلة تكمن في الحالة التي ينحرف فيها الرجل ـ في قيادته للأسرة ـ عن جادة الصواب، وأدركت المرأة ـ بمقتضى مستواها الذي تفوق فيه الرجل ـ ذلك الانحراف، ففي هذه الحالة تكون المرأة بين أمرين، هما: 1 ـ بين أن تسكت عن ذلك الانحراف عن الجادة الصحيحة، وفي هذا السكوت من الخطورة ما يعود بالضرر على الأسرة إذ قد يقود ذلك الانحراف الأسرة إلى الهاوية. 2 ـ أن تبدي رأيها في انحراف الزوج عن الجادة والذي قد يفهم منه الزوج بأنه إهانة له، فيصر على ذلك النهج الخاطئ الذي يسير عليه، وعندها يكون الأمر أو خم من الأول، فعلاوة على أن هذا النهج الخاطئ الذي يسير عليه الزوج ربما يقود الأسرة إلى الهاوية، ستكون الحياة الزوجية ساحة للجدال والشجار الذي يكون له مردوده السلبي على الأسرة، والذي ربما يعرضها إلى مطبات كبيرة. فهنا نقول بأنه لا بد لكل من الزوجين سواء كان الزوج أم الزوجة ـ أن يفهم بأن الشخص الأوعى هو الذي يجب أن يتحمل مسؤولية الإدارة والتخطيط في حين يقوم الآخر بوظيفة التنفيذ، وأن هذا مما لا يخل بشخصية أحدهما قطعاً.، وذلك أنهما يجب أن يدركا بأنهما إنما أسسا هذه المؤسسة ـ الأسرة ـ لهدف خدمة المجتمع من خلال امداده بالأبناء الصالحين، وأن المسألة ليست مسألة إبراز عضلات، وعنف، وقوة بقدر ما هي مهمة بحاجة إلى عقل راجح بإمكانه أن يؤدي الغرض الذي من أجله أنشئت الأسرة. عليه ((إذا اكن هناك فارق في الوعي ـ بين الزوجين ـ فلا بد للطرف الذي يملك وعياً أكثر من أن يخطط لإدارة العلاقة الزوجية، ومن أن ينطلق بوعيه لاحتواء فكر الآخر فيدفعه إلى مشاركته في عملية التخطيط والإدارة)). إذن على الطرف الواعي أن يحاول استيعاب أخطاء الآخر، وخصوصاً إذا كانت المرأة هي التي تمتلك وعياً يفوق وعي الرجل، فليس عليها أن تشعره بأنها أوعى منه للأمور فيخدش ذلك مشاعره مما قد يدفعه إلى المكابرة وتأخذه العزة بالإثم من أن الزوجة ـ حسبما يرى ـ تحاول جرح شعوره فيكون الأمر مدعاة ضرر على سير الحياة الزوجية