أنا امرأة من الذين اعتنقوا الإسلام ، وأرغب في معرفة حقوق امرأة طلقها زوجها قبل إتمام الزواج ، بعد أن وضعها في موقف مالي حرج ؛ بأن تركها ليس معها أية أموال ولا وسيلة عمل ؟ طلب مني أن ترك عملي ، ووعدني أن يساعدني ماليًا حتى يتمكن من إحضاري لأعيش معه في بلده ، ثم فجأة طلقني بعد ثلاثة شهور عبر رسالة بريد إلكتروني !! بحجة أنه لم يتيسر له الحصول لي على تأشيرة ، وتركني دون أي مال على الإطلاق ، ودون أسرة مسلمة ، وقال : "والله سأرسل لكِ مالاً إذا احتجت" ولم يرسل شيئًا. فما هي حقوقي على هذا الرجل ؟.
الحمد لله
أقرأ في سؤالك لهجة المسلم الذي – أحسب - أنه آمن بدينه الحق إيمانا يرتفع عن كل الأطماع والأغراض .
وأقرأ في سؤالك نفسا مطمئنة وقلبا مؤمنا بالله سبحانه وتعالى وبعقيدة راسخة إن شاء الله لا يؤثر فيها تخاذل أهلها عنها ولا يضرها ترك المنتسبين إليها العمل بها .
نعم . إن أكثر ما يسوء المرء حين يرى بعض أهل الإسلام لا يتحلون بأهم أخلاق التعامل مع الآخرين ؛ من صدق في الحديث ، ووفاء بالوعود ، والتزام بالمواثيق ، وهم يقرؤون في كتاب الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) التوبة/119
وقوله تعالى : ( الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ ) الرعد/20
وقوله تعالى : (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ) البقرة/177
ويسمعون قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان ) رواه البخاري (33) ومسلم (59)
ولا شك أن حال المسلمين اليوم قد تغير كثيرا عما يجب أن يكون عليه .
ومع ذلك فلا يأس ولا قنوط فالخير في هذه الأمة إلى قيام الساعة .
وما يلاقيه المؤمن من مصائب ومتاعب إنما هو ابتلاء من الله تعالى : قال تعالى : ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ) العنكبوت/2
وقال تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) الحج/11
فعليك بالصبر والرضا ورجاء الثواب من عند الله تعالى .
أما حقوقك عليه ، فيجب أولا التثبت من الطلاق فإن الطلاق عبر البريد الإلكتروني لا يعتد به إلا بعد إقرار الزوج . وانظري سؤال رقم ( 36761 )
ثم إذا ثبت الطلاق فما تستطيعين أن تطالبيه به عبر القضاء هو المهر كاملا إن كانت الخلوة حصلت ، أو نصف المهر إن لم تقع الخلوة ،
يقول الشيخ ابن عثيمين :
" فإذا قال قائل: كيف يكون لها النصف ، والآية علقت الحكم بالجماع؟ ولا شك أن هناك فرقا ظاهرا بين الجماع والخلوة، فالجماع تلذذ بها، واستمتع بها، واستحل فرجها، فاستحقت المهر، لكن مجرد الخلوة لم يحصل له بها العوض كاملا، فكيف تكون موجبة؟! نقول: إن أكثر أهل العلم في هذه المسألة على هذا الرأي ، وحكي إجماع الصحابة – رضي الله عنهم – على ذلك ، أنه إذا خلا بها فلها المهر كاملا ، فجعلوا الخلوة كالجماع ، وقد ذكر عن الإمام أحمد رواية ينبغي أن تكون قاعدة، قال: لأنه استحل منها ما لا يحل لغيره ". اهـ الشرح الممتع (12/293)
أما إخلافه الوعد وتسببه في الضرر لك بتركك العمل ، وحنثه بيمينه فذلك لك إن شاء الله يوم القيامة أجرا وحسنات .
والله أعلم .