الحمد لله أولاً : إذا كان هذا الشخص معسراً لا يستطيع أداء الدَّيْن ، فلا يجوز لك رفع الأمر إلى القضاء ، بل عليك أن تمهله حتى يغنيه الله ، ويستطيع الأداء ، لقول الله تعالى : (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) البقرة/280 . قال السعدي رحمه الله (ص 120) : "( وَإِنْ كَانَ) المدين (ذُو عُسْرَةٍ ) لا يجد وفاء (فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) وهذا واجب عليه أن ينظره حتى يجد ما يوفي به" انتهى . وقال الشيخ محمد بن عثيمين : "ومن فوائد الآية : وجوب إنظار المعسر – أي : إمهاله حتى يوسر ، لقول الله تعالى : (فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) فلا تجوز مطالبته بالدين ، ولا طلب الدين منه" انتهى . "تفسير سورة البقرة" (3/391) . ثانياً : إذا كان هذا الشخص قادراً على الوفاء ، ولكنه يماطل ويتهرب حتى ألجأك إلى شكايته في المحكمة ، فإنه يغرم جميع الأموال التي ستنفقها لأخذ حقك منه ، سواء في ذلك أتعاب المحامي أو غيرها . 1- لأن هذه الأموال هو السبب في إنفاقها بمماطلته وظلمه ، فكان هو الضامن لها ، كما لو أتلفها على صاحبها . 2- ولأن عدم تحميله هذه النفقات يجرئ المدينين على المماطلة ، وبذلك يقع الظلم ويكثر ، وتضيع على الناس أموالهم . 3- ولأن ذلك قد يؤدي إلى ضياع حقوق الناس وأموالهم ، حيث لا يلجأ الدائن إلى المحاكم ، لأنه قد ينفق أكثر من الدَّيْن نفسه . ولكن . . . يجب أن تكون تلك النفقات بالعدل ، فلا تبالغ فيها ولا تعطي المحامي أكثر من حقه اعتماداً على أن المدين هو الذي سيغرمها . وقد نص على ذلك أهل العلم : قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "وإذا كان الذي عليه الحق قادراً على الوفاء ، ومطل صاحب الحق حقه ، حتى أحوجه إلى الشكاية ، فما غرمه بسبب ذلك فهو على الظالم المبطل ، إذا كان غرمه على الوجه المعتاد " انتهى من "مجموع الفتاوى" (30/24) . وقال في "كشاف القناع" (3/419): "ولو مطل المدينُ ربَّ الحق حتى شكا عليه فما غرمه ربُّ الحق فعلى المدين المماطل ، إذا كان غرمه على الوجه المعتاد ، لأنه تسبب في غرمه بغير حق" انتهى . وقال في "شرح المنتهى" (3/441) : "وما غرم رب دَيْن بسببه أي : بسبب مطل مدين أحوج رب الدَّيْن إلى شكواه ، فعلى مماطل ، لتسببه في غرمه" انتهى .