طفلك يلعب دور الاناني بصورة مستمرة بل وتزداد عنده هذه لاصفة يوماً بعد يوم، وانت تخافين من انعكاسات هذه لاصفة على شخصيته في المستقبل؟! فهل الانانية تساوي البخل في التصرف، وايهما اخطر على طفل المستقبل؟ ولي نزعة ستبرر في شخصيته؟ وكيف يمكن للأم والآب ان يساعدا طفلهما؟ ولي نزعة ستبرر في شخصيته؟ وكيف يمكن للأم والآب أن ساعدا طفلهما؟! ما الفرق بين الانانية والبخل؟ ان الانانية أو حب الذات عند الطفل تبدأ من منبع حب الامتلاك وتغليب مصلحته على مصلحة غيره، فهو يحب أن يكون محط اهتمام الغير، كما لايكون قادراً بعد على الخروج من وجهة نظره الخاصة والتعرف على وجهة نظر أخرى من طرف ثان، وهذه من خصائص فكر الولد، وتبقى معه حتى عمر الـ 6سنوات تقريباً حتى يصل الى نضوج او تطور ذهني اوضح. وبتوضيح اكثر هو غير قادر على التحليل او التفكير في مصلحة الآخر، وهو لايملك امكانية التجرد والموضوعية .. اما البخل، فهو تعريف اجتماعي بعدم الكرم، وعدم الكرم هو تعريف اجتماعي بعدم مشاركة الغير في ما يمتلكه الطفل .. هذه الصفة عنده مرتبطة بتصرفات الأهل. فالبخل عامل مكتسب اجتماعياً – وبقدر تشجيع الأهل على العطاء والاهتمام بالغير – يخرج الطفل من أنانيته ويتصرف مثلهم .. حينما يصبح قادراً على مشاركة اللعبة مع طفل آخر، فيتماهى الطفل مع تصرفات أهله، ويصبح أكثر من مقلد لهم، فتنمو هذه التصرفات عنده. مثلاً: حين نعلمه كيف نهتم بكبار السن ونبدي اهتمامناً بهم امامه، أو كيف نساعد طفلاً فقيراً آخر، ونعطيه بعضاً من هذه الالعاب لنفرحه، أو ندعوا رفاقه لضيافته في المنزل إلى مائده الطعام .. إلخ، هكذا ننمي حسه وندفعه إلى الخروج عن انانيته وبخله. في أي عمر يصبح الطفل قادراً على مشاركة الآخرين؟ يجب أن نعرف ان هذا الموضوع يحدث في اطار ما نسميه Socialization أي تعلم السلوك الاجتماعي، ويبدأ هذا السلوك عند الطفل حين نضعه في اطار المجتمع، بداية من البيت مروراً بالحضانة ثم بالمدرسة، أي حين يبدأ بالاحتكاك بالآخرين، ويتطور هذا السلوك لديه ويتكثف في عمر المدرسة ويصير إلى الأفضل. لماذا نجد ان الولد الوحيد أكثر بخلاً أو انانية بعض الشيء من أطفال آخرين؟ هذا امر طبيعي، فالولد الوحيد الذي لم يعتد مشاركة أخوته في شتى الأمور، يملك صوبة في مشاركة الآخرين امورهم، لذلك نشدد على أهمية دور الحضانة حيث يتعلم الطفل فيها الكثير من مشاركة الآخرين، فيتعلم ان العاب الصف تكون لكل المجموعة، لكل فرد، ويجب المحافظة عليها ومشاركتهم فيها جميعاً. هل للعاطفة دورها في مساعدة الطفل على تخطي هذه الصفات السيئة؟ بالتأكيد، والدليل على ذلك، طفل مهمش، لم يكن محط اهتمام اهله ولم يلق أهتماماً اوعطاء من عاطفة وحنان او كرم الاهل، اي لم يأخذ حقه العاطفي، فكيف يستطيع أن يعطى؟! إن الطفل المحروم لا يستطيع أن يعطي غيره، فهو لايملك مخزوناً، فكيف يقدم شيئاً هو اصلاً غير موجود عنده ولم يكن متوفراً لديه كي يعطي منه.. يتصرف الطفل ببخل وأنانية من دون وعي، فالطفل المحروم يمكن أن يحرم غيره، وكما يتعرض الطفل للعدوانية من قبل الأهل فيصبح عدائياً فإنه إذا تعرض للانانية والبخل يصبح بخيلاً. كم يلعب العامل الوراثي دوره في الموضوع؟ يلعب دوراً في طباع الطفل الذي يصبح مراهقاً فرجلاً، ولكن الجزم بمدى تأثيره أو عامل النسبة فيه، لأن هناك ما يرافقة من عوامل تربويه واجتماعية. كيف يمكن للأهل ان يريوا العطاء في نفوس اطفالهم؟ كل هذا يعود لنضوج الأهل كم يهتمون بطفلهم وكم هم مدركون ويستطيعون احتضان طفلهم وإعطائه من وقتهم..احياناً لايكون الطفل ضمن مشروع الحياة المتكاملة عند والديه، اي لايكونان – الزوج والزوجة – مهيئان بعد لانجاب الاطفال، فما لازالا يريدان مؤسسة زوجية خالية من الاولاد، يأتي الطفل ويعيش بينهما من دون ان يأخذ حصته كاملة من التربية والرعاية والاهتمام، فهو اتى في وقت غير مرغوب، او في الوقت الخطأ، وهنا يشعر الطفل بنقص في لاعطاء ويبدأ بالتأثر بمحيطه. وأكثر ما نلحظ ذلك في الاسر الكبيرة، مثلاً، عائلة لديها 8 اولاد، الاب ذو مدخول متواضع وتضطر الام للعمل ايضاً، فلا يأخذ الطفل نصيبه من الاهتمام والرعاية والتربية الصحيحة. في أي عمر يتفاعل الطفل مع صفتي الانانية والبخل؟ الانانية والبخل صفتان قريبتان من بعضهما، والبخل تحديداً هو رد فعل مكتسب من الاهل. لذا يمكن القول ان الانانية والبخل هما عاملان، او خطان متوازيان يسيران في نفس الاتجاه، إذ لا يوجد طفل يحمل صفتين متناقضتين، وهما الانانية والكرم او البخل والاهتمام بالآخر، فحين يبدأ الطفل بتعلم النظافة والتخلي عن "الحفاض" (في عمر العامين) يتصرف باللاوعي .. وكما يقول فرويد: "اما ان يعطي او لايعطي، فالعطاء بالنسبة إليه هو "البراز" الذي يقدمه لوالدته كهديه حين تبدأ بتنظيفه، فيعيش الطفل نوعاً من الصراع اللاواعي ما يدفعه اما باتجاه العطاء او العكس". بمعنى اوضح، ان نزعة النظافة والترتيب التي يبديها الطفل في هذا العمر ترافقها نزعة إلى العطاء او اللاعطاء (اي البخل). هل للانانية والبخل في الصغر، نزعة سلبية في الكبر؟ يؤثر نمو الطفل كثيراً على مستقبله وعلى نضوجه، فيشير فرويد، هو الذي يتكلم عن مراحل التطور العاطفي – الجنسي عند الطفل، إلى تركيبه الشخصية التي تنشأ في الطفولة وتلعب دوراً أساسياً في نمو الشخصية، كما يقول: "الطفل هو نفسه الوالد لرجل المستقبل".وبالنسبة لتتطور الفكر فالمعتقد مختلف، فحين يصبح الطفل في سن المراهقة يكون أكثر قدرة على استيعاب المنطقي والموضوعي وقادراً على التأقلم مع وجهة نظر الآخرين، فيصبح قادراً على التجرد. فالمراهق يصبح قادراً على الاستنتاج، وخوض التجارب لاثبات طرح معين او نفيه إذ يعمل فكرة بطريقة اوعى وانضج.ويؤثر ذلك على شخصيته في المستقبل، فكما اشرت ان الطفل الذي يقع ضحية البخل من الاهل او المحيط يعاني من الكبت والحرمان حتى يصل إلى العدائية فيعبر من خلالها، وبدورها تصبح العدائية مرحلة خطرة تؤثر سلباً على الفرد ومجتمعه والاشخاص المحيطين به.فإما أن يصبح عدائياً، او ان يناقض الصورة في كبرة فيفرط في العطاء مع الآخرين وأولاده كونه لم يتحمل الظلم في صغره محاولاً اصلاح هذه التصرفات.هذا كله يتوقف على درجة نضجه وقدرته على تخطي مصاعب الحياة