تلقـــين الميت إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره وتستهديه ، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله ، أدى الأمانة ، وبلغ الرسالة ، ونصح للأمة فكشف الله به الغمة ، وجاهد فى الله حق جهاده حتى أتاه اليقين ، فاللهم أجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته ورسولاً عن دعوته ورسالته ، وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى اثره إلى يوم الدين. أما بعد .. فحياكم الله جميعاً أيها الأخوة الأحباب الكرام الأعزاء ، وطبتم جميعاً وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلاً ، وأسأل الله العظيم الحليم الكريم جل وعلا الذى جمعنا فى هذا البيت المبارك الطيب على طاعته ، أن يجمعنا فى الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى فى جنته ودار كرامته ، إنه ولى ذلك والقادر عليه.. أيها الأحبة ولا زلنا مع كتاب الإيمان والذى ترجم له الإمام بقوله : باب اتباع الجنائز من الإيمان. واسمحوا لى أن أقف مع هذا الباب وقفة طويلة قد تحتاج إلى عشر محاضرات على الأقل ، فسأقف فى شرح هذا الباب مع كتاب كامل من الكتب المسددة الموفقة الصحيحة المحققة لمحدث العصر وبقية السلف وبركة الزمان أبى عبد الرحمن شيخنا الألبانى رحمه الله تعالى رحمة واسعة ، وجزاه عن الإسلام وعن المسلمين خير ما جزى عالماً أميناً صالحاً مصلحاً. سأقف مع كتابه الماتع بكل ما تحمله الكلمة من معانى ، " أحكام الجنائز " فإن المسلمين الآن فى أمس الحاجة إلى أن يتعرفوا على هذا الباب من أبواب العلم لاسيما وقد رأينا كثير من البدع فى جانب الجنائز. وسأحاول جاهداً أن تكون هذه السلسلة عبر الأشرطة بعنوان أحكام الجنائز لتكون مجموعة متكاملة ؛ لينتفع بها المسلمون فى كل مكان ، أسأل الله عز وجل أن يجعل لها القبول والنفع فى الأرض ، وأن يرزقنا الإخلاص فى القول والعمل وإلا يجعل للهوى ولا للشيطان حظاً ولا نصيباً أنه ولى ذلك والقادر عليه. وقد روى الإمامُ البخارى فى هذا الباب حديثاً أذكر به فى محاضرة الليلة ؛ لأكمل الحديث بعد ذلك فى الأحكام إن شاء الله تعالى. قال البخارى رحمه الله : حدثنا أحمد بن عبد الله بن على المنجوفى ، قال : حدثنا روح قال : حدثنا عوف عن الحسن ومحمد عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله قال : " من أتبع جنازة مسلم إيماناً واحتساباً وكان معه حتى يُصَلى عليها أو حتى يُصَلى عليها ويفرغ منها ويفرغ من دفنها ، فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أحد ، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه رجع بقيراط " ([1]) هذا هو الحديث الذى رواه الإمام البخارى فى هذا الباب الكريم. واسمحوا لى قبل أن اشرع فى الحديث عن أحكام الجنائز من بدايتها من أول تلقين المحتضر ، اسمحوا لى أن اقدم بمقدمة موجزة جدا فى الموت ؛ لتكون الأشرطة كاملة متكاملة كما ذكرت ، أسأل الله أن ينفع بها فالموت حق وسماه الله فى القرآن بالحق وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيد ُ[ق :19] والحق أنك تموت والله حى لا يموت ، والحق أن ترى عند موتك ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب ، والحق أن يكون قبرك روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار فإن ] ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ [أى : ذلك ما كنت منه تهرب وتبتعد. تحيد إلى الطبيب إذا جاءك المرض وتحيد إلى الطعام إذا أحسست بالجوع وتحيد إلى الشراب إذا أحسست بالظمأ. ولكن ماذا بعد ؟! أيها القوى الفتى أيها الذكى العبقرى ، يا أيها الأمير يا أيها الوزير ، يا أيها الغنى ، يا أيها الفقير ، كل باك فسينعى ، وكل مذكور سينُسى وكل مذكور سيفنى ليس غيرُ الله يبقى من علا فالله أعلى أيا عبد كم يراك الله عاصيا أنسيت لقاء الله واللحدَ والثرى إذا المرء لم يلبس ثيابا من التقى ولو أن الدنيا تدوم لأهلها حريصا على الدنيا وللموت ناسيا ويوما عبوسا تشيب فيه النواصيا تجرد عريانا ولو كان كاسيا لكان رسول الله حياً وباقيا قال تعالى لحبيبه المصطفى : وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [ الأنبياء : 34 : 35] وقال تعالى : كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَىوَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ [ الرحمن : 26 ، 27] ،وقال تعالى : كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص : 88] وقال :