الدر المنثور فى الزود عن أصحاب الرسول

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : محمد حسان | المصدر : www.mohamedhassan.org

الدر المنثور فى الزود عن أصحاب الرسول

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
 
 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ  [آل عمران:102]
 
    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَ لُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1]
 
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً   يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً  [الأحزاب:70-71]
 
أما بعد
 
فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدى هدى محمد ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة فى النار .
 
فحيَّا الله هذه الوجوه الطيبة المشرقة، وذكى الله هذه الأنفس، وشرح الله هذه الصدور.
طبتم جميعا وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلا
ً.
حياكم الله جميعاً وأسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجمعنى وإياكم في الدنيا دائما وأبداً على طاعته وفي الآخرة مع سيد الدعاة وإمام النبيين في جنته ودار كرامته.  
إنه ولى ذلك ومولاه وهو على كل شىء قدير..
 
أحبتي في الله :
" الدر المنثور في الزود عن أصحاب الرسول "
 
هذا هو عنوان لقاءنا في هذا اليوم الكريم المبارك وكعادتنا فسوف ينتظم حديثي مع حضراتكم تحت هذا العنوان في العناصر التالية "-
أولاً : حرب حقيرة ليست الأخيرة!!
ثانياً : عدالة الصحابة من القرآن والسنة .
ثالثاً : وهل يسب الخيران ؟!!
وأخيراً : هم القدوة فاعرفوا لهم قدرهم .
 
فاعيروني القلوب والأسماع والله أسأل أن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب .
 
أولاً : حرب حقيرة ليست الأخيرة !!
أحبتي في الله :
 
إن الصراع بين الحق والباطل قديم بقدم الحياة على ظهر هذه الأرض ، والأيام دُوِلْ كما قال الله عز وجل (( وتلك الأيام نداولها بين الناس )) والإسلام العظيم منذ أن بزغ فجره واستفاض نوره لا زال إلى يومنا هذا مستهدفاً من قبل أعدائه الذين يشنون عليه حروبا ضارية على كل الجبهات وفي جميع الميادين !!
ومن أخطر هذه الحروب " حرب إسقاط الرموز " ابتداءاً من الصحابة رضى الله عنهم وانتهاءً بالعلماء والدعاة .
فهم يريدون أن يشككوا الأمة في دينها حينما يشككون الأمة في نقلة هذا الدين من الصحابة الخيرين ، والعلماء العاملين والدعاة الصادقين . هذا من ناحية .
ومن ناحية أخرى يريدون أن يفصلوا بين الأتباع والقيادة ، فإذا تم الفصل بين القائد والأتباع تشرذمت الأمة لتصبح ذليلة كثيرة مبعثرة كالغنم في الليلة الشاتية الممطرة !!
ومن آخر هذه الحروب وليست الأخيرة ما ينشر هذه الأيام على صفحات الجرائد والمجلات السوداء التي تعزف على وتر الجنس لإثارة الغرائز الهاجعة ولاستجاشة الشهوات الكامنة .
هذه الحرب التي تثار الآن..حرب سافرة تشن على رؤوس هذه الأمة ابتداءً من الصحابة الكرام!! .
حيث ترى دفاعاً مبطناً لهذه الجرائد والمجلات على هذا الخطيب الشيعي المحترق الذي سب أصحاب النبي سباً فظيعاً منكراً يستحي اللسان العف أن يردد الآن لفظة واحدة مما قال!!
وتعمدت أن لا أعقب على هذا الشيعي المحترق ، وما استحللت لنفسي أن أرد عليه إلا بعد سماعي لكلماته بأذني رأسي عبر شريط الكاسيت .
فإنني لا أثق البتة فيما ينشر على صفحات الجرائد والمجلات لأنهم كما تعلمون يكذبون على الجميع .
 
أيها الأحبة الكرام :
 
يُسب أصحاب النبي !! ويشوه العلماء !!
وتعلن الحرب بضراوة على رؤوس الأمة ليتشكك الناس في الدين !!
فمن الذي نقل إلينا عن رسول الله ؟!
إنهم الصحابة رضىِ الله عنهم ومن سَار على دربهم من التابعين لهم بإحسان ، والعلماء العاملين ، والدعاة الصادقين .
وهذه الحرب التي تعلن الآن على الأطهار هى التي دفعتني لأقف اليوم بين أيديكم لأذود عن حرمهم الكريم ولأزود عن عرضهم الطاهر لا لأرفع من قدرهم وشأنهم ، فإن الذي رفع قدرهم هو الله ، وإن الذي رفع شأنهم وعَدلهم رسول الله . وأنا أتحدث اليوم عن الصحب الأطهار لأرفع من قدر نفسي ومن قدر إخواني وأخواتي وأتضرع إلى الله عز وجل بحبنا لهم أن يحشرنا معهم ، فالمرء مع من أحب يوم القيامة بموعود الحبيب محمد .
 
أيها الأحبة الكرام :
 
والله الذي لا إله غيره لا أرى مثلا لهؤلاء الموتورين- الذين يتطاولون اليوم على القمم الشماء – لا أرى لهم مثلا إلا كمثل ذبابة حقيرة سقطت على نخلة عملاقة فلما هَمَت الذبابة الحقيرة بالإنصراف قالت في استعلاء للنخلة العملاقة : أيتها النخلة تماسكي فإني راحلة عنك !!
فقالت النخلة العملاقة : انصرفي أيتها الذبابة الحقيرة فهل شعرت بك حينما سقطت عَلَىَ لأستعد لك وأنت راحلة عني؟!!
نعم فهل يضر السماء أن تمتد إليها يد شلاء ؟!
وهل يوقف سير البواخر العملاقة الطحالي الحقيرة ولو اجتمعت على سطح الماء ؟!!
فَحَرِيُ بهؤلاء الموتورين أن يحطموا أقلامهم وأن يفرغوها من مدادها العفن .
ومن يكن ذا فم مريض
يجد مراً به الماء الزلالا!!
 
أعلموا أيها المسلمون الأخيار : وفقني الله وإياكم لمرضاته وجعلني الله وإياكم لمرضاته وجعلني الله وإياكم ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته .
اعلموا بأنه لا يجوز البتة لرجل زائغ العقيدة.. ، مريض القلب..، مشوش الفكر أن يتحدث عن أصحاب النبي .
إذ أن الحديث عن الصحب الكرام يتطلب ابتداءاً صفاءاً في العقيدة وإخلاصاً في النية .. ودقةً في الفهم ..وأمانة في النقل.. ونظرة فاحصة مدققة لأراجيف المبطلين ، والوضاعيين ، والكاذبين ، والمغرضين ، وأصحاب الأهواء المبتدعين ومن هم على طريقهم كالعلمانيين!! لابد من الفحص الدقيق لكل ما تقرأ ولكل ما ينشر عن أصحاب النبي ، فلابد أن تعرف قدر هؤلاء ، ومكانة هؤلاء فهم الجيل القرآني الفريد الذي تربى على يد من رباه الله على عينه ليربي به الدنيا .
إنه الجيل الذي تربى على يد المصطفى وكفى !!
وكل تلميذ يقتبس في العادة من أستاذه ، فلك أن تتصور كيف يكون الإقتباس إذا كان المعلمُ هو سيدٌ الناس؟!!
وكل فهم تربوي يترك طابعه على طلابه الذين يتربون عليه ولك أن تتصور كيف يكون الطابع إذا كان المنهج التربوي الذي تربى عليه أصحاب النبي هو القرآن العظيم والسنة المشرفة وهم صفوة الخلق بعد الأنبياء .
أخرج الإمام أحمد رحمه الله تعالى بسند حسن عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه فبعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد  فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه(1)
وهذا الأثر جسد أنهم صفوة الخلق بعد الأنبياء ، إنهم المهاجرون والأنصار الذين حملوا دعوة النبي المختار وصدقوا ما عاهدوا عليه العزيز الغفار ، فاستحقوا بجدارة واقتدار أن يبشروا – وهم في الدنيا بالجنة والنجاة من النار .
إنهم أصحاب النبي الذين عدلهم ربهم ونبيهم وهذا هو عنصرنا الثاني من عناصر هذا اللقاء .
 
ثانياً : عدالة الصحابة من القرآن والسنة
 
قال الخطيب البغدادي فكتابه " الكفاية في علم الرواية " :
إن عدالة أصحاب النبي  ثابتة ومعلومة بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم واختيارهم بنص القرآن قال الرحيم الرحمن :
 كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ                                                               آل عمران 110
والمخاطب ابتداءً بالخطاب الرباني هم أصحاب الحبيب النبي وهم المخاطبون ابتداءاً بقوله تعالى وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا                                      البقرة : 143
وهم المخاطبون بقوله جل وعلا : الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ                                             آل عمران 172- 174
وقال الله عز وجل في حقهم مخاطباً النبي يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ                               الأنفال 64
وهم الذين قال اله عز وجل في حقهم وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا                                                                      النساء 115
هم الذين قال اله في حقهم لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا    الفتح 18
وهم الذين قال الله عز وجل في حقهم وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ         التوبة 100
وهم الذين زكاهم الله عز وجل بقوله لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ             الحشر 8 - 9
وهم الذين قال الله عز وجل في حقهم مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا             الفتح 29
آيات كثيرة في كتاب الله عز وجل زكى الله بها أصحاب النبي واكتفي بهذا القدر منها واسمع معي هذه الأوسمة من سيد النبيين .
ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود : عن النبي قال ( خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم "(2)
وفي الصحيحين من حديث أنس  قال :
مُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًا ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ . وَمُرَّبِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرًّا ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ . قَالَ ‏عُمَرُ:‏‏فِدًى لَكَ أَبِي وَأُمِّي ، مُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرٌفَقُلْتَ وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ ، وَمُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَاشَرٌّ فَقُلْتَ وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّىاللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:‏ ‏مَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا وَجَبَتْ لَهُالْجَنَّةُ وَمَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ ، أَنْتُمْشُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِأَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ(3)
وفي الصيحين من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله " لا تسبوا أصحابي " وفي رواية " لا تسبوا أحداً من أصحابي فلو أن أحداً أنفق مثل أُحدٍ ذهبا ما بلغ مٌد أحدهم ولا نصيفة "(4)
وفي صحيح مسلم عن عائذ بن عمرو : أن أبا سفيان أتى على سليمان وصهيب وبلال في نفرً فقالوا : والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها ، قال أبو بكر :أتقولزن هذا لشيخ قريش وسيدهم؟ فأتى النبي فأخبره فقال " يا أبا بكر لعلك أغضبتهم ، لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك "
فآتاهم أبو بكر فقال : يا إخوتاه ! أغضبتكم ؟ قالوا : لا يغفر الله لك يا أخي (5)
وفي صحيح البخاري من حديث أبي سعيد الخدري أن الحبيب النبي  قال ((يدعى نوح يوم القيامة فيقال له: يانوح. فيقول لبيك وسعديك، فيقول اللـه: هل بلغت قومك ؟! فيقول: نعم.. فيدعى قومه ويقال لهم: هل بلغكم نوح؟ فيقولون: لا ما أتانا من نذير وما أتانا من أحد، فيقول اللـه جل وعلا من يشهد لك يانوح، فيقول نوح: يشهد لى محمد وأمته.. يقول المصطفى فتدعون فتشهدون بأنه بلغ قومه وأشهد عليكم فذلك قول اللـه تعالى وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا                                                                البقرة 143 (6)
وفي صحيح مسلم من حديث أبي بردة عن أبيه قال : صلينا المغرب مع رسول الله ثم قلنا لو جلسنا حتى نصلي بعد العشاء قال : فجلسنا فخرج علينا، فقال " " ما زلتم ههنا؟!" قلنا يا رسول الله صلينا معك المغرب ثم قلنا نجلس حتى نصلي معك العشاء، قال " أحسنتم أو أصبتم "قال  فرفع رأسه إلى السماء فقال: " النجوم أمنة للسماء فإذا ذهب النجوم أتى السماء ما توعد ، وأنا أمنة لأصحابي فإذاذهبت أتى أصحابي ما يوعدون ، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي مايوعدون".(7)
وأختم بهذا الحديث الذي رواه الترمذي وابن حبان وأحمد والبيهقي وأبو نعيم وغيره وللأمانة العلمية أقول : إن به مجهولا لكن متن الحديث ثابت صحيح كما ذكرت آنفاً من حديث عبد الله بن مغفل أن النبي قال :
( الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضاً بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه ) . (8)
فبعد هذه الآيات وهذه الأحاديث الصحيحة لسنا في حاجة إلى مزيد بيان عن الصحب الكرام .
ومع ذلك فإني مُصر على أن أُعَطَر هذا المجلس كذلك بكلمات ندية لأسد الله الغالب علي بن أبي طالب .
فإن الكلام من على في هذا الموطن له مغزى وأود أن أحذر الأحبة جميعا من أن ينتقصوا قدر علي خشية أن يقعوا فيما وقع فيه الروافض .. كلا!!
فإننا نثبت لعلي مناقبه ، ونثبت لعلي مكانته فهو من هو ؟! هو أسد الله الغالب .. هو الذي قال المصطفى يوم خيبر – لما امتنعت حصون اليهود :" لأعطين الراية غداً رجلا يحب الله ورسوله ، يفتح الله على يديه " وفي الصباح أشرأبت الأعناق ، وتمنى الأبطال القيادة حتى عمر المتجرد التقي المخلص النقي يقول : والله ما تمنيت الإمارة إلا يومها!!
وفي الصباح وقف الأبطال على أطراف الأقدام ليرهم النبي وشق هذا السكون صوت النبي  وهو يسأل عن القائد الذي سيدفع له الراية ليفتح الله عز وجل على يديه فقال " أين عي بن أبي طالب ؟ ونقب الحضور عن عَلِي فلم يجدوه : ما حضر اليوم يا رسول الله لأنه اشتكى وجعا ً في عينيه قال :
"فأرسلوا إليه فأتوني به " فلما جاء بصق في عينيه ودعا له ، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع (9)
ودفع النبي له الراية وأمره أن ينطلق فانطلق أسد الله الغالب على ابن ابي طالب  ففتح الله على يديه حصون خيبر .
وهتف الجميع بما هتف به النبي أول يوم " الله أكبر خربت خيبر.. الله أكبر خربت خيبر ، أنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين "(10)
أسأل الله عز وجل أن يٌخِربَ حصون اليهود بقدرته إنه على كل شئ قدير .
علي بن أبي طالب الذي تربى في حجر المصطفى وكفى !!
أول شبل من أشبال الإسلام يقف ليصلي خلف النبي ويسمع القرآن وحده من فم رسول الله  علي بن أبي طالب الذي اضطر لأن يفخر فقال :
محمد النبي أخي وصهري
وحمزة سيد الشهداء عمي
وجعفر الذي يمسي ويضحي
يطير مع الملائكة ابن أمي
ووبنت محمد سكني وزوجي
منوط لحمها بدمي ولحمي
 
 
إسمع ماذا قال علي رضي الله عنه :
"سيكون بعدنا أقوام ينتحلون مودتنا يكذبون علينا ، مارقة ، وآية ذلك أنهم يًسُبون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما "
لقد ذكروا للإمام مالك بن أنس أن رجلا ينتقص من أصحاب النبي فقرأ مالك بن أنس رحمه الله قوله تعالى مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا الفتح 29
ثم قال مالك : فمن وجد في قلبه غيظاً على أحد من أصحاب رسول الله فقد أصابته هذه الآية " ليغيظ بهم الكفار "
وقال الحافظ الكبير أبو زرعة رحمه الله : إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب النبي فاعلم بأنه زنديق ، وذلك لأن الرسول حق ، والقرآن الحق ، وما جاء به النبي حق ، والذي بلغنا ذلك كله عن رسول الله هم أصحابه فهؤلاء يريدون أن يهدموا الصحابة ليبطلوا القرآن والسنة يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ                                                          الصف 8
وأختم بهذا العنصر بما قاله الإمام الطحاوي في عقيدته المشهورة قال رحمه الله : ونحب أصحاب الرسول ولا نفرق في حب أحد منهم ، ونبغض من أبغضهم وبغير الخير يذكرهم ، محبتهم دين ، وإيمان ، وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان أ . هـ (11)
أحبتي في الله
إننا نعيش زمانا تكلم فيه الروبيضات !!
بل وأفردت الصفحات للروبيضات !!
وحُجزت الساعات الطوال على الشاشات وفي الإذاعات للروبيضات !!
هل تدرون من الروبيضات ؟ اسمع الجواب من رسول الله .
والحديث رواه أحمد والحاكم في المستدرك وصححه الألباني من حديث أبي هريرة أنه قال سيأتي على الناس سنوات خدّاعات , يُصدق فيها الكاذب , ويُكذب فيها الصادق , ويؤتمنفيها الخائن , ويُخَوَّن فيها الأمين , وينطق الرويبضة قيل : وما الروبيضة؟
قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة(12)
والله لقد نطق التافهون ، بل لقد نطق أبو الهول الذي لم يتكلم في شئ إلا في سب أصحاب النبي والتشهير بالعلماء المخلصين والدعاة الصادقين للفصل بين القيادة والأتباع لتتشرذم الأمة ولتصبح ذليلة كسيرة مبعثرة ليسهل على الذئاب أن يفترسوها وأن يأكلوها أكل الذئب للغنم ، أسأل الله عز وجل أن يقر أعيننا وإياكم بنصرة الإسلام وعز الموحدين واكتفي بهذا القدر وأعرج على العنصرين الباقيين بسرعة بعد جلسة الإستراحة وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله ، اللهم صلي وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين
أما بعد فيا أيها الأحبة الكرام
 
ثالثاً : وهل يسب الخيران أبو بكر وعمر ؟!
يَسُب هذا الشيعي المحترق أبا بكر وعمر رضي الله عنهما!!
والله الذي لا إله غيره بكلمات يعف اللسان عن ذكرها !!
يسب أبا بكر بأقبح الألفاظ !! يسب عمر الفاروق بأشنع كلمات!! لا تصدر إلا مِمَن شرب الخمر فلعبت برأسه فهو يهزي لا يدري ماذا يقول !!
أبو بكر ذلك الرجل الذي عاين طائر الفاقة يحوم حول حب الإيثار ، فألقى له الصديق حبَ الحُبَ على روض الرضا واستلقى الصديق على فراش الفقر آمناً مطمئناً ، فرفع الطائر الحب إلى حوصلة المضاعفة وتركه هنالك ، ثم علا أفنان شجرة الصدق يغرد للصديق بأغلى وأعلى فنون المدح ويتلوا في حقه قول ربه وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى
إن الأتقى هو الصديق وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى الليل 17- 21
يٌسب أبا بكر ؟!! الذي استحق أن يكون أقرب الخلق إلى قلب رسول الله كما في صحيح مسلم قال عمرو بن العاص : يا رسول الله :
أي الناس أحب إليك ؟ قال "عائشة"  قال : من الرجال ؟ قال أبوها(13) قال ثم من قال :"عمر"
يَسب أبا بكر؟!! العملاق الذي قال في حقه المصطفى والحديث في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة :
من أنفق زوجين من شئ من الأشياء في سبيل الله دٌعِىَ من أبواب الجنة : يا عبد الله ! هذا خير ، فمن كان من أهلالصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ، ومن كان منأهل الصدقة دعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان . قال أبوبكر : هل على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة ،وفي رواية وقال : فهل يدعىأحد من تلك الأبواب كلها ؟ قال : نعم ، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر(14)
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة  سأل المصطفى  أصحابه يوما فقال: " من أصبح اليوم منكم صائماً" قال: أبو بكر : أنا ، قال : " فمن تبع منكم اليوم جنازة "؟ قال أبو بكر : أنا قال " فمن أطعم منكم اليوم مسكيناً ؟ قال أبو بكر : أنا قال : فمن عاد منكم اليوم مريضاً ؟ قال أبو بكر : أنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما اجتمعن في رجل إلا دخل الجنة (15)
وهل يُسبُ الفاروق عمر؟!!
ذلكم الرجل العملاق الذي بَرِكت الدنيا بزينتها وزخارفها على عتبة داره فطلقها ثلاثا !! وسرحها سراحا جميلا !! وقام ينفض يديه من علائق هذا المتاع الزائل ، واستأنف سيره وسط الصحراء تحت حرارة الشمس المحرقة !!
تراه يجري وراء بعير قد نَدَ من إبل الصدقة يخشى عليه الضياع ، يخشى أن يسأل عنه بين يدى الله عز وجل يوم القيامة !!
أو تراه وهو الفاروق الخليفة تراه منحنياً على قدر فوق نار مشتعلة ينفخ النيران تحت القدر لتنضج النيران طعمة سريعة لأطفال يتضورون جوعاً !!
أو تراه واقفا أمام خيمة رجل يبكي لأمرأته التي أدركها كرب المخاض وهى لا تجد أحداً يؤنسها فيسرع ليأتي بزوجة خليفة المسلمين لتقف مع هذه المسلمة حتى تضع ولدها !!
أو تراه يمشي في السوق يتفقد أحوال الناس فيرى إبلاً ثمينة فيسأل عمر : إِبل مَنْ هذه ؟!!
فيقولون : إبل عبد الله بن عمر ، وكأن حية قد انقضت عليه فلدغته وأفرغت كل سمها في جوفه !! فيقول : بخ..بخ !! إبل عبد الله بن عمر؟!! ائتوني به .
ويأتي عبد الله يرتجف ويرتعد،وهو من هو؟إمام في الزهد والورع .
يقول عمر : يا عبد الله ما هذه الإبل ؟
فيقول عبد الله : يا أبي إبل مريضة هزيلة اشتريتها بخالص مالي وأطلقتها في الحمى ترعى وأتيت بها إلى السوق لأبتغي ما يبتغيه المسلمون من الربح والتجارة .
فيقول عمر : بخ بخ يا ابن أمير المؤمنين !! فإذا رأى الناس إبلك قالوا : ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين !! اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين !! فتسمن إبلك ويربوا ربحك يا ابن أمير المؤمنين ، يا عبد الله : قال : لبيك يا أبتي مرني بما شئت .
فقال عمر : بع الإبل الآن وخذ رأس مالك ، ورد الربح إلى بيت المسلمين !!
يا خالق عمر سبحانك !!!
هذا هو عمر الفاروق الذي يسبه الآن هذا الشيعي المحترق !!
يُسب عمر الفاروق؟!!
الذي اشتهت زوجته الحلوى يوماً فأبى عليها
يا رافعا راية الشورى وخارسها
جزاك ربك خيرا عن محبيها
رأي الجماعة لا تشقي البلاد به
رغم الخلاف ورأي الفرد يشقيها
إن جاع في شدة قوم شركتهم
في الجوع أو تنجلي عنهم غواشيها
جوع الخليفة والدنيا بقبضته
منزلة في الزهد سبحان موليها
فمن يباري أبا حفص وسيرته
أو من يحاول للفاروق تشبيها
يوم اشتهت زوجه الحلوى
فقال لها من أين لي ثمن الحلوى فأشريها
ما زاد عن قوتنا فالمسلمون به أولى
فقومي لبيت المال رديها
فذاك أخلاقه كانت وما عهدت
بعد النبوة أخلاق تحاكيها
واسمع للمصطفى وهو يضع الأوسمة على صدر عمر الفاروق فيقول كما في سنن الترمذي من حديث ابن عمر وهو حديث حسن قال صلى الله عليه وسلم " إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه "(16)
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال : بينما نحن عند رسول الله إذ قال : " بينا أنا نائم رأيتني في الجنة ، فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر ، فقلت : لمن هذا القصر ؟ قالوا : لعمر فذكرت غيرته فوليت مدبرا ، فبكى عمر وقال : أعليك أغار يا رسول الله ؟ " (17)
وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله يقول " بينما أنا نائم رأيت الناس يعرضون وعليهم قٌمص ، فمنها ما يبلغ الثدي ، ومنها ما يبلغ دون ذلك ، وعرض عَليَ ابن الخطاب وعليه قميص يَجُره ، قالوا فما أولت ذلك يا رسول الله قال الدين "(18)
وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله يقول :" بينا أنا نائم أوتيت بقدح لبن ، فشربت منه حتى إني لأرى الرِىَ يخرج من أظفاري ، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب " قال من حوله : فما أولت ذلك يا رسول الله ؟ قال " العلم " (19)
وفي الصحيحين من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : استأذن عمر على النبي  وعنده نسوة من قريش يكلمنه – وفي رواية يسألنه ويستكثرنه – عالية أصواتهن على صوته ، فلما أستأذن عمر قمن يبتدرن الحجاب ، فأذن له النبي  فدخل عمر والنبي يضحك قال عمر : أضحك الله سنك ، بأبي أنت وأمي ما أضحكك؟ فقال :" عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي ، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب " قال عمر : فأنت يا رسول الله لأحق أن يهبن ، ثم قال عمر : أي عدوات أنفسهن ، أتهبنني ولا تهبن النبي ؟
قلن : نعم أنت أفظ وأغلظ من النبي  فقال رسول الله :"إيه يا ابن الخطاب ، والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك "(20)
يُسِبُ عمر فاروق الأمة ؟!! يُسَبٌ الخيران ؟!!
أسأل الله جل وعلا أن يجمعنا بهما في جنات النعيم .
وأخيراً " هم القدوة فاعرفوا لهم قدرهم "
وأكتفي بهذا الأثر الذي رواه أحمد بسند حسن من حديث ابن مسعود موقوفا عليه  قال : من كان مستنا فليتن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة أولئك أصحاب محمد  كانوا أفضل هذه الأمة ، وأبرها قلوبا ، وأعمقها علما ، وأقلها تكلفا ، اختارهم الله لصحبة نبيه ولإقامة دينه فاعرفوا لهم فضلهم ، واتبعوهم على آثارهم وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم .
أيها الوالد الكريم
تعلم سيرة الصحابة ، وعَلم أبناءك سير الصحابة ، لقد آن الآوان لنربوا بأبصارنا إلى هذه القمم ... إلى هذه القدوات... إلى هذه المٌثل ... إن شبابنا الآن قدمت له قدوات فاسدة ومُثل هابطة ، تعلم الكثير عن هؤلاء الأقزام في الوقت الذي لا يعلم فيه شيئاً عن هذه القمم الشماء ، وعن هؤلاء الأطهار الخيار الكرام .
تعلم سيرة أصحاب النبي ، عُد من جديد واسمع السيرة .. إقرأ السيرة ... اجتهد على أن تسأل عن سيرتهم بعد ما حرمنا من صحبة أنفاسهم وأجسادهم ، وربَى ولدك على هذه السيرة لنأخذ العبرة والعظة من ناحية ، ولتتدقق من جديد في عروقنا دماء العزة والكرامة والزهد والورع من ناحية أخرى والتي ضرب لها أروع المثل أصحاب النبي .
إننا نعيش زمانً قدم فيه التافهون ليكونوا القدوة والمثل ، وآن الآوان لأن ترنوا جميع الأبصار إلى هذه القدوات الطيبة والمثل العليا ويجب عليك أن نغار لأصحاب نبيك إذا قرأت كلمة تمس عرض واحد منهم ، يجب عليك أن تغار ودعك من هذه السلبية القاتلة .
فهؤلاء هم رموز الأمة ، لا ينبغي أن تسقط هذه الرموز ، لا ينبغي أن تشوه صورهم .
أسأل الله عز وجل أن يقر أعيننا وإياكم بنصرة الإسلام وعز الموحدين وأن يجزي عنا نبينا خير الجزاء وأن يجزي أصحاب النبي خير ما جزى به عباده الصالحين المصلحين وأن يجمعنا بهم في جنات النعيم
الدعاء
(1)   أخرجه أحمد رقم (3600) وإسناده حسن وذكره الهيثمي في المجمع (1/17 ، 178) ، وقال : رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير ورجاله موثوقون .
(2)   رواه البخاري (5/191) في الشهادات ، باب لا يشهد على شهادة جور إذا شهد، وفي فضل الصحابة ، ومسلم رقم (2533) في فضائل الصحابة ، باب فضائل الصحابة ثم الذين يلونهم ، والترمذي رقم (3858) في المناقب .
(3)   رواه البخاري رقم (1367) في الجنائز ، باب ثناء الناس على الميت ، ومسلم رقم (949) في الجنائز ، باب فيمن يثنى عليه خيراً وشراً من الموتى .
(4)   رواه البخاري رقم (3673) في فضائل أصحاب النبي ، ومسلم رقم (254) في فضائل الصحابة ، باب تحريم سب الصحابة رضي الله عنهم ،وأبو داود رقم (4658) في السنة ، باب النهي عن سب أصحاب النبي ، والترمذي رقم (3860) في المناقب في باب من سب أصحاب النبي .
(5)   رواه مسلم رقم (2504) في كتاب فضائل الصحابة ، باب من فضل سلمان،وصهيب وبلال رضي الله عنهم .
(6)   رواه البخاري رقم (4487) في التفسير، باب "وكذلك جعلناكم أمة وسطا...الآية:
(7)   أخرجه مسلم رقم (2531) في فضائل الصحابة ، باب بيان أن بقاء النبي  أمان لأصحابه وكذا رواه بن حبان .
(8)   رواه الترمذي رقم (3862)، وأخرجه أحمد في المسند(4/87،5 / 54 ،57)
(9)   أخرجه البخاري رقم(3701) في كتاب فضائل الصحابة ، باب مناقب علي بن أبي طالب ، وسلم رقم (2407) في مناقب الصحابة، باب من فضائل عليَ ؟
(10) أخرجه البخاري رقم (7/359) في المغازي، باب غزوة خيبر ، وفي صلاة الخوف : باب التكبير والغلس بالصبح ، ومسلم رقم (1365) في الجهاد باب غزوة خيبر ، ومالك (2/468)،والترمذي رقم(1550)، والنسائي(1/272) وأحمد( 3/102 ،161،164،18،206،246،263)
(11)  مهذب العقيدة الطحاوية (382،383) .
(12) رواه أحمد،والحاكم في المستدرك ، وصححه شيخنا الألباني في الصحيحة (1888) .
(13) رواه مسلم رقم (2348) والترمذي رقم (3885) وقال : هذا حديث حسن صحيح ، رواه أيضاً أحمد في الفضائل(214)، وابن أبي عاصم في السنة رقم (1235)، والنسائي في الفضائل (5) .
(14) رواه مسلم رقم (1027) في الزكاة ، باب من جمع الصدقة وأعمال البر ، والترمذي رقم (3674) في الفضائل .
(15) رواه مسلم رقم (1028) في الزكاة ، باب من جمع الصدقة وأعمال البر ، وفي فضائل الصحابة ، باب من فضائل أبي بكر .
(16) أخرجه الترمذي رقم (3683) في المناقب ، باب مناقب عمر بن الخطاب ، وإسناده حسن وقال الترمذي حديث حسن صحيح غريب .
(17)   رواه البخاري رقم (3680) في فضائل أصحاب النبي باب فضائل عمر بن الخطاب ، وفي النكاح ، وفي التعبير ، مسلم رقم (2395) في فضائل الصحابة باب فضائل عمر بن الخطاب وفي الإيمان وفي التعبير ومسلم رقم (2390) في فضائل الصحابة ، باب من فضائل عمر بن الخطاب .
(18) رواه البخاري رقم (391) في فضائل أصحاب النبي باب مناقب عمر بن الخطاب ، وفي الإيمان وفي التعبير ، ومسلم رقم (2390) في فضائل الصحابة ، باب من فضائل عمر بن الخطاب / والترمذي رقم (2287) في الرؤيا ، باب ما جاء في رؤية النبي  والنسائي في (8/113) في الإيمان باب زيادة الإيمان .
(19)   رواه البخاري رقم (3681) في فضائل أصحاب النبي باب مناقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وفي العلم وفي التعبير ، ومسلم رقم (2390) في فضائل الصحابة،باب من فضائل عمر بن الخطاب ، والترمذي رقم (2285) في الرؤيا باب رؤية النبي اللبن والقمص .
 
 
(20) رواه البخاري (7/37) في فضائل أصحاب النبي ، باب مناقب عمر بن الخطاب ، ومسلم رقم (2396) في فضائل الصحابة ، باب من فضائل عمر بن الخطاب رضي الله عنه .