بقلم: بسّام جرّار
سؤال:
ما معنى قوله تعالى في حق الشمس:" لم نجعل لهم من دونها ستراً"؟ ولماذا لم يُفصِّل سبحانه إذ قال:" كذلك وقد أحطنا بما لديه خُبراً"؟ الجواب:
أولاً: قوله تعالى في الآية 90 من سورة الكهف:"...وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها ستراً": الأظهر في المعنى – فيما نراه – أنّ منطقة الشرق كانت أيضاً يحدها البحر، فعندما تطلع الشمس تطلع مباشرة على أماكن سكناهم، لعدم وجود ساتر يستر الشمس عند طلوعها. ويكون ذلك إذا كانوا يسكنون سهولاً ساحلية، أو الجبال العالية التي تطل على البحر، أو التي هي أعلى من كل ما يقع شرقها.
ثانياً: قوله تعالى في الآية 91 من سورة الكهف:" كذلك وقد أحطنا
بما لديه خُبراً"، يشير إلى أنه تعالى، وإن كان علمه محيطاً بالحقائق المتعلقة بهذه الرحلة، إلا أنه لا يريد أن يخبرنا بها في هذا المقام، لأنّ ذلك ليس من مقاصد هذه الآيات. ولكننا نفهم من الآيات أنّ رحلات ذي القرنين كانت هادفة وتتعلق بواقع بعض الأمم التي كانت تعيش في أرجاء المعمورة. وتوحي لنا الآيات بأنه كان يُقدّم لكل أمة ما يلزمها لتحسين ظروف معيشتها وإعطائها الدفع المناسب لمساعدتها في تطورها. وقد فصلنا وجهة النظر هذه في كتاب:(نظرات في كتاب الله الحكيم).
سؤال: لماذا ورد في سورة الكهف في الآيات (79 – 82) - وذلك فيما يتعلق بقصة موسى والعبد الصالح، عليهما السلام - إسناد الإرادة إلى أكثر من مريد، هكذا: (أردت أن أعيبها، فخشينا أن يرهقهما... فأردنا أن يبدلهما ربهما، فأراد ربك أن يبلغا...)؟ الجواب:
للإجابة عن هذا الاستشكال نمهد بالآتي:
أولاً: الأدب مع الله تعالى يقتضي أنه عندما نتحدث عن الله عز وجل فننسب إليه ما هو إيجابي نبني للمعلوم. وعندما ننسب إليه ما هو سلبي في نظرنا نبني للمجهول. انظر قوله تعالى:"صراط الذين أنعمتَ عليهم غير المغضوب عليهم...".
ثانياً: عندما يكون هناك أكثر من فعل يكون هناك أكثر من إرادة.
والآن نقوم بالتطبيق:
1. إعابة السفينة هو فعل في ظاهره سلبي، ولأنّ الخضر، عليه السلام، هو الذي قام بهذا الفعل الذي ظاهره سلبي قال:" فأردتُ أن أعيبها".
2. في مسألة الغلام هناك عملية قتل – وهي سلبية في الظاهر-، وعملية إبدال – وهي إيجابية في الظاهر. فهناك إذن فعل القتل وفعل الإبدال، ومن هنا قال:" أردنا أن يبدلهما". وكما نلاحظ نسب الإبدال إلى الله تعالى فقط "يبدلهما". ولا تكون عملية إبدال حتى يكون هناك زوال، وكان ذلك بالقتل.
3. خُشي على الوالدين أن يُرهقا من طغيان الولد وكفره. فكان القتل ثم الإبدال. ومن هنا قيل:"خشينا". مع ملاحظة أنّ الخشية تكون من وتكون على. وهنا الخشية على. فالخالق سبحانه يعلم أنهما سيرهقان من طغيان الولد وكفره فأراد أن يرحمهما من استفحال هذا المكروه.
4. ولأنّ بناء الجدار خير محض فقد أبرز الخضر، عليه السلام، الإرادة الربانية في بنائه: " فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك..".
5. معلوم أنّ الإرادة الإلهية فوق كل إرادة، وأنّ ما نملكه من إرادة هي هبة الله تعالى لنا. ونتيجة لوجودها فينا ووجود العقل كانت مسئوليتنا. وقد أبرزت هذه الإرادة الموهوبة في النص الكريم فقال سبحانه على لسان الخضر:" فأردنا أن يُبدلهما...".
يقول سبحانه وتعالى:" إنّه كان وعده مأتياً ". لماذا قال سبحانه مأتياً ولم يقل آتياً ؟
الجواب:
هذه الجملة بعض آية في سورة مريم، وهي الآية 61: " جنات عدن التي وعد الرحمنُ عباده بالغيب، إنه كان وعده مأتياً".
فالوعد هنا بجنات عدن، وهي لا تأتي إليك، بل يؤتى بك إليها. فكل من يدخل الجنّة يؤتى به ليدخلها، ومن هنا ناسب أن يقال (مأتيّا). والله أعلم.
يقول الله تعالى:" وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفُلك المشحون".
لقد أشكل علينا قوله تعالى:" حملنا ذريتهم" ولم يقل "حملناهم".
هذه الآية 41 من سورة يس. ولو قال سبحانه:" حملناهم"، لكان ذلك تذكيراً لهم بنعمته عليهم. أما قوله تعالى: "حملنا ذريتهم"، ففيه تذكير بنعته عليهم وأنّ هذه النعمة ستستمر في ذريتهم إلى يوم القيامة. وهذا مُشعر باستمرار دور السفن الضخمة المليئة بالناس والبضائع إلى يوم القيامة.
يقول تعالى:" من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيبٌ منها، ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفلٌ منها ..."، وهذا يُشعر أنّ كلمة كفل تتعلق بالشفاعة السيئة. ولكن يُشكل الأمر عندما نقرأ في سورة الحديد قوله تعالى:" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ...".
لا إشكال، لأنّ الكفل هو النصيب المكفول الذي لا بد أن يتحقق. فهو إذن النصيب المضمون، لأنّ الكفالة هي ضمانة. فإذا كانت الضمانة ربّانية فحصول النصيب المقابل للعمل، سلباً أو إيجاباً، لا بد أن يتحقق، أي أنه حتمي الوقوع.