تعدد الأقمار والشموس في الكون
تحدث القرآن عن الشمس والقمر ولكن أثبت العلماء أن الكون يحوي بلايين الشموس والأقمار، فهل من إشارة قرآنية لهذا الأمر؟....
يتساءل بعض القراء حول معنى قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [فصلت: 37]، يخبرنا رب العزة تبارك وتعالى عن سجود كل شيء له، ويقول الإمام الطبري رحمه الله في تفسيره لهذه الآية: يقول تعالى ذكره: ومن حجج الله تعالى على خلقه ودلالته على وحدانيته وعظيم سلطانه اختلاف الليل والنهار ومعاقبة كل واحد منهما صاحبه والشمس والقمر... ونلاحظ من خلال هذه الآية أن الله تعالى قال: (خَلَقَهُنَّ) بصيغة الجمع، وفي ذلك دلالة على تعدد الشموس.
فالحديث في الآية عن الشمس والقمر، والذي يقرأ سياق الآية يظن أن الكلمة ستأتي بصيغة المثنى (خلقهما)، فلماذا قال (خَلَقَهُنَّ) مع العلم أن الحديث عن الشمس والقمر؟
في القرآن يا أحبتي توجد إشارات خفية لا يمكن أن تظهر مباشرة، بل يجب أن ننتظر حتى يتطور العلم ويكشف حقائق علمية وكونية لنتمكن من فهم الآية بشكل صحيح. فالله عز وجل يتحدث في هذه الآية عن الليل والنهار والشمس والقمر، هذه كلما من معجزات الخالق التي أمرنا أن نتفكر فيها. ولكن أمرنا الله تعالى أن نسجد له، ولا نسجد للشمس ولا للقمر.
ولكن التعبير القرآني جاء كما يلي: (لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ) فلو كان الحديث في هذه الآية عن الشمس والقمر في مجموعتنا الشمسية فقط لقال (خلقهما) ولكن كلمة (خَلَقَهُنَّ) تدل على الجمع إذاً هناك أكثر من شمس وأكثر من قمر!!
وفي زمن نزول القرآن أي قبل 1400 سنة لم يكن أحد يعرف شيئاً عن وجود أقمار غير قمرنا وشموس غير شمسنا، ولكن الاكتشافات الجديدة في علم الفلك أثبتت وجود ما لا يقل عن مئة ألف مليون شمس مثل شمسنا، وهذه موجودة في مجرتنا فقط، فكيف لو أحصينا عدد الشموس في الكون؟! طبعاً كل نجم نراه في السماء هو شمس!
كذلك أثبت العلماء وجود كواكب غير الأرض بل هناك كواكب شبيهة بالأرض، وبعض من هذه الكواكب يوجد لها أقمار تدور حولها تماماً مثل القمر الذي يدور حول الأرض، ويؤكد العلماء أن عدد الأقمار في الكون يقدر بالبلايين وأكثر.
صورة تخيلية لمجرتنا درب التبانة، وهي مجرة تحوي أكثر من مئة ألف مليون نجم وكل نجم يشبه الشمس في عمله، ويقول العلماء يوجد في هذه المجرة بلايين الكواكب وكذلك بلايين الأقمار، كل هذا في مجرة واحدة فكيف إذا أحصينا عدد الشموس والأقمار في الكون والذي يحوي أكثر من مئة ألف مليون مجرة!!!
وجه الإعجاز
إذا تأملنا الآية الكريمة نلاحظ أنها تشير إلى وجود عدد من الشموس من خلال قوله تعالى: (وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ)، ويخبرنا العلماء أيضاً أن الأقمار متعددة وكثيرة، فجميع الكواكب تقريباً لها أقمار تدور حولها. وهناك بلايين الكواكب تنتشر في الكون في المجرات البعيدة، ومعظمها لها أقمار، ولذلك قال تعالى: (لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ). وهذا يدل على أن القرآن قد أشار إلى تعدد الشموس والأقمار قبل أن يكتشف ذلك العلم بأربعة عشر قرناً.
ومن هنا ندرك الإشارة القرآنية الرائعة لتعدد الشموس والأقمار في قوله تعالى: (وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ) فسبحان الله الذي خلق كل شيء، في كلمة واحدة تتجلى معجزة لمن يفهمها ويدركها، يقول تعالى: (بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ) [العنكبوت: 49].
ـــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل
www.kaheel7.com