إذا سألك أحدهم عن أهم مأزق يواجه الشباب، فعليك أن تعتدل في جلستك وتبدأ في تغيير ملامح وجهك الى الشكل الجاد وأخذ نفس عميق والإدلاء برأيك الجهنمي الذي يؤكد على أن المشكلة الحقيقية تكمن في غياب القدوة. نحن مجتمعات تعشق التسلط، والقدوة ببساطة هي شخصية ذات سطوة نفسية على الشاب تثير فيهم الاعجاب أو الدهشة إلى حد التبعية.. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. الذين يصرون على أهمية وجود القدوة لم يوضحوا لنا مقاييسهم المحددة في اختيار هذه الشخصية التي تستحق أن تكون قدوة ومثلاً يحتذى. ولا أعتقد في من يقولون إن الشباب يبحثون عن قدواتهم في ملاعب الكرة وقنوات الغناء أصحاب نظرة عميقة بل هم اصحاب نظرة قاصرة، فالشاب عندما يتابع أخبار لاعب مبدع في ارض الملعب فهذا ليس تعلقاً تبعياً، والشابة التي تقوم بقصة شعر مشابهة لقصة مطربتها المفضلة ليست ذات شخصية سطحية منقادة ومولعة بكل ما تفعله هذه الفنانة. الأسوأ أن تجد بعض الشباب يرددون هذه النظرية بدون تمحيص، وبدون أن تكون لهم رؤية واضحة حول مفهوم القدوة. يقول أحد الشباب 18 عاماً، «القدوة في رأيي هي المثل الأعلى، وأن أحترم شخصاً ما وأعتبره قدوة لي ولكنني آخذ منه الصحيح واترك السيئ». أما الأخر17 عاماً، فكان له رأي مختلف بعد تفكير وقال «انا لا اعترف بالقدوة وليس هناك ما يسمى قدوة يجب اتباعه كما هو والتعلق به». غير أن شاب من ذات الفصل الدراسي يعود ليخالفه بأنه يرى أن «القدوة يجب أن يكونوا مدرسو المواد الدينية» فهم في رأيه «أناس صالحون.. وأتمنى من الله أن أصل الى مستواهم». أما جلال الشخص فكان له رأي أكثر صرامة ولكن على نفس النسق ورأى أن «المجتمع يضيع اذا كان من دون قدوة. لا بد من وجود قدوة في حياتنا، وهو من بلغ مبلغا عالياً من العلم وله من الصلاح ومظاهره الكثير». أكثر من ثلاثين طالبا دراسياً في المرحلة الثانوية شاركوا في الحوار ولم يخرجوا عن فلك الاراء آنفة الذكر. اذا كان من جانب تبرزه آراء الطلاب ذات النسق الواحد فهو فشل المؤسسات المدنية والتعليمية في بناء شخصية مستقلة لدى الناشئة. كما أن الأندية الطلابية في المدارس والجامعات غير قادرة على تنمية شخصية طلابها ودفعها للاستقلالية. ما يجب ان يعيه الشباب أنه يجب أن يسود عصر القدوة المؤسسة اذا كنا نريد بناء مجتمعات حقيقية، لا ينتخب فيها الانسان ممثله في المجلس البلدي لأن قدوته اختار له هذا القرار
منقول