أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ القول في تأويل قوله تعالى : { أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت } يعني تعالى ذكره بقوله : { أم كنتم شهداء } أكنتم , ولكنه استفهم ب " أم " إذ كان استفهاما مستأنفا على كلام قد سبقه , كما قيل : { ألم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه } , 32 1 : 3 وكذلك تفعل العرب في كل استفهام ابتدأته بعد كلام قد سبقه تستفهم فيه ب " أم " , والشهداء جمع شهيد كما الشركاء جمع شريك , والخصماء جمع خصيم . وتأويل الكلام : أكنتم يا معشر اليهود والنصارى المكذبين بمحمد صلى الله عليه وسلم , الجاحدين نبوته , حضور يعقوب وشهوده إذ حضره الموت , أي أنكم لم تحضروا ذلك . فلا تدعوا على أنبيائي ورسلي الأباطيل , وتنحلوهم اليهودية والنصرانية , فإني ابتعثت خليلي إبراهيم وولده إسحاق وإسماعيل وذريتهم بالحنيفية المسلمة , وبذلك وصوا بنيهم وبه عهدوا إلى أولادهم من بعدهم , فلو حضرتموهم فسمعتم منهم علمتم أنهم على غير ما تنحلوهم من الأديان والملل من بعدهم . وهذه آيات نزلت تكذيبا من الله تعالى لليهود والنصارى في دعواهم في إبراهيم وولده يعقوب أنهم كانوا على ملتهم , فقال لهم في هذه الآية : { أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت } فتعلموا ما قال لولده وقال له ولده . ثم أعلمهم ما قال لهم وما قالوا له . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 1724 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع قوله : { أم كنتم شهداء } يعني أهل الكتاب . إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ القول في تأويل قوله تعالى : { إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آباءك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون } . يعني تعالى ذكره بقوله : { إذ قال لبنيه } إذ قال يعقوب لبنيه . و " إذ " هذه مكررة إبدالا من " إذ " الأولى بمعنى : أم كنتم شهداء يعقوب إذ قال يعقوب لبنيه حين حضور موته . ومعني بقوله : { ما تعبدون من بعدي } أي شيء تعبدون من بعدي , أي من بعد وفاتي . { قالوا نعبد إلهك } يعني به : قال بنوه له : نعبد معبودك الذي تعبده , ومعبود آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا , أي نخلص له العبادة ونوحد له الربوبية فلا نشرك به شيئا ولا نتخذ دونه ربا . ويعني بقوله : { ونحن له مسلمون } ونحن له خاضعون بالعبودية والطاعة . ويحتمل قوله : { ونحن له مسلمون } أن تكون بمعنى الحال , كأنهم قالوا : نعبد إلهك مسلمين له بطاعتنا وعبادتنا إياه . ويحتمل أن يكون خبرا مستأنفا , فيكون بمعنى : نعبد إلهك بعدك , ونحن له الآن وفي كل حال مسلمون . وأحسن هذين الوجهين في تأويل ذلك أن يكون بمعنى الحال , وأن يكون بمعنى : نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق مسلمين لعبادته . وقيل : إنما قدم ذكر إسماعيل على إسحاق لأن إسماعيل كان أسن من إسحاق . ذكر من قال ذلك : 1725 - حدثني يونس بن عبد الأعلى , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : { قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق } قال : يقال بدأ بإسماعيل لأنه أكبر . وقرأ بعض المتقدمين : " وإله أبيك إبراهيم " ظنا منه أن إسماعيل إذ كان عما ليعقوب , فلا يجوز أن يكون فيمن ترجم به عن الآباء وداخلا في عدادهم . وذلك من قارئه كذلك قلة علم منه بمجاري كلام العرب . والعرب لا تمتنع من أن تجعل الأعمام بمعنى الآباء , والأخوال بمعنى الأمهات , فلذلك دخل إسماعيل فيمن ترجم به عن الآباء . وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ترجمة عن الآباء في موضع جر , ولكنهم نصبوا بأنهم لا يجرون . والصواب من القراءة عندنا في ذلك : { وإله آبائك } لإجماع القراء على تصويب ذلك وشذوذ من خالفه من القراء ممن قرأ خلاف ذلك , ونصب قوله إلها على الحال من قوله إلهك .
القول في تأويل قوله تعالى : { أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت } يعني تعالى ذكره بقوله : { أم كنتم شهداء } أكنتم , ولكنه استفهم ب " أم " إذ كان استفهاما مستأنفا على كلام قد سبقه , كما قيل : { ألم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه } , 32 1 : 3 وكذلك تفعل العرب في كل استفهام ابتدأته بعد كلام قد سبقه تستفهم فيه ب " أم " , والشهداء جمع شهيد كما الشركاء جمع شريك , والخصماء جمع خصيم . وتأويل الكلام : أكنتم يا معشر اليهود والنصارى المكذبين بمحمد صلى الله عليه وسلم , الجاحدين نبوته , حضور يعقوب وشهوده إذ حضره الموت , أي أنكم لم تحضروا ذلك . فلا تدعوا على أنبيائي ورسلي الأباطيل , وتنحلوهم اليهودية والنصرانية , فإني ابتعثت خليلي إبراهيم وولده إسحاق وإسماعيل وذريتهم بالحنيفية المسلمة , وبذلك وصوا بنيهم وبه عهدوا إلى أولادهم من بعدهم , فلو حضرتموهم فسمعتم منهم علمتم أنهم على غير ما تنحلوهم من الأديان والملل من بعدهم . وهذه آيات نزلت تكذيبا من الله تعالى لليهود والنصارى في دعواهم في إبراهيم وولده يعقوب أنهم كانوا على ملتهم , فقال لهم في هذه الآية : { أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت } فتعلموا ما قال لولده وقال له ولده . ثم أعلمهم ما قال لهم وما قالوا له . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 1724 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع قوله : { أم كنتم شهداء } يعني أهل الكتاب .
القول في تأويل قوله تعالى : { إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آباءك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون } . يعني تعالى ذكره بقوله : { إذ قال لبنيه } إذ قال يعقوب لبنيه . و " إذ " هذه مكررة إبدالا من " إذ " الأولى بمعنى : أم كنتم شهداء يعقوب إذ قال يعقوب لبنيه حين حضور موته . ومعني بقوله : { ما تعبدون من بعدي } أي شيء تعبدون من بعدي , أي من بعد وفاتي . { قالوا نعبد إلهك } يعني به : قال بنوه له : نعبد معبودك الذي تعبده , ومعبود آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا , أي نخلص له العبادة ونوحد له الربوبية فلا نشرك به شيئا ولا نتخذ دونه ربا . ويعني بقوله : { ونحن له مسلمون } ونحن له خاضعون بالعبودية والطاعة . ويحتمل قوله : { ونحن له مسلمون } أن تكون بمعنى الحال , كأنهم قالوا : نعبد إلهك مسلمين له بطاعتنا وعبادتنا إياه . ويحتمل أن يكون خبرا مستأنفا , فيكون بمعنى : نعبد إلهك بعدك , ونحن له الآن وفي كل حال مسلمون . وأحسن هذين الوجهين في تأويل ذلك أن يكون بمعنى الحال , وأن يكون بمعنى : نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق مسلمين لعبادته . وقيل : إنما قدم ذكر إسماعيل على إسحاق لأن إسماعيل كان أسن من إسحاق . ذكر من قال ذلك : 1725 - حدثني يونس بن عبد الأعلى , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : { قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق } قال : يقال بدأ بإسماعيل لأنه أكبر . وقرأ بعض المتقدمين : " وإله أبيك إبراهيم " ظنا منه أن إسماعيل إذ كان عما ليعقوب , فلا يجوز أن يكون فيمن ترجم به عن الآباء وداخلا في عدادهم . وذلك من قارئه كذلك قلة علم منه بمجاري كلام العرب . والعرب لا تمتنع من أن تجعل الأعمام بمعنى الآباء , والأخوال بمعنى الأمهات , فلذلك دخل إسماعيل فيمن ترجم به عن الآباء . وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ترجمة عن الآباء في موضع جر , ولكنهم نصبوا بأنهم لا يجرون . والصواب من القراءة عندنا في ذلك : { وإله آبائك } لإجماع القراء على تصويب ذلك وشذوذ من خالفه من القراء ممن قرأ خلاف ذلك , ونصب قوله إلها على الحال من قوله إلهك .