تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ القول في تأويل قوله تعالى : { تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات } يعني تعالى ذكره بقوله : { تلك الرسل } الذين قص الله قصصهم في هذه السورة , كموسى بن عمران وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وشمويل وداود , وسائر من ذكر نبأهم في هذه السورة . يقول تعالى ذكره : هؤلاء رسلي فضلت بعضهم على بعض , فكلمت بعضهم - والذي كلمته منهم موسى صلى الله عليه وسلم - ورفعت بعضهم درجات على بعض بالكرامة ورفعة المنزلة . كما : 4491 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , في قول الله تعالى ذكره : { تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض } قال : يقول : منهم من كلم الله ورفع بعضهم على بعض درجات . يقول : كلم الله موسى , وأرسل محمدا إلى الناس كافة . * - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد بنحوه . ومما يدل على صحة ما قلنا في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : " أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي : بعثت إلى الأحمر والأسود , ونصرت بالرعب , فإن العدو ليرعب مني على مسيرة شهر , وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا , وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد كان قبلي , وقيل لي : سل تعطه , فاختبأتها شفاعة لأمتي , فهي نائلة منكم إن شاء الله من لا يشرك بالله شيئا " . وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ القول في تأويل قوله تعالى : { وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس } يعني تعالى ذكره بذلك : { وآتينا عيسى ابن مريم البينات } وآتينا عيسى ابن مريم الحجج والأدلة على نبوته : من إبراء الأكمه والأبرص , وإحياء الموتى , وما أشبه ذلك , مع الإنجيل الذي أنزلته إليه , فبينت فيه ما فرضت عليه . ويعني تعالى ذكره بقوله : { وأيدناه } وقويناه وأعناه { بروح القدس } يعني بروح الله , وهو جبريل . وقد ذكرنا اختلاف أهل العلم في معنى روح القدس والذي هو أولى بالصواب من القول في ذلك فيما مضى قبل , فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع . وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ القول في تأويل قوله تعالى : { ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات } يعني تعالى ذكره بذلك : ولو أراد الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات , يعني من بعد الرسل الذين وصفهم بأنه فضل بعضهم على بعض , ورفع بعضهم درجات , وبعد عيسى ابن مريم , وقد جاءهم من الآيات بما فيه مزدجر لمن هداه الله ووفقه . ويعني بقوله : { من بعد ما جاءتهم البينات } يعني من بعد ما جاءهم من آيات الله ما أبان لهم الحق , وأوضح لهم السبيل . وقد قيل : إن الهاء والميم في قوله : { من بعدهم } من ذكر موسى وعيسى : ذكر من قال ذلك : 4492 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : { ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات } يقول : من بعد موسى وعيسى . 4493 - حدثت عن عمار , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع قوله : { ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات } يقول : من بعد موسى وعيسى . وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ القول في تأويل قوله تعالى : { ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد } . يعني تعالى ذكره بذلك : ولكن اختلف هؤلاء الذين من بعد الرسل لما لم يشأ الله منهم تعالى ذكره أن لا يقتتلوا , فاقتتلوا من بعد ما جاءتهم البينات من عند ربهم بتحريم الاقتتال والاختلاف , وبعد ثبوت الحجة عليهم بوحدانية الله ورسالة رسله ووحي كتابه , فكفر بالله وبآياته بعضهم , وآمن بذلك بعضهم . فأخبر تعالى ذكره : أنهم أتوا ما أتوا من الكفر والمعاصي بعد علمهم بقيام الحجة عليهم بأنهم على خطأ , تعمدا منهم للكفر بالله وآياته . ثم قال تعالى ذكره لعباده : { ولو شاء الله ما اقتتلوا } يقول : ولو أراد الله أن يحجزهم بعصمته وتوفيقه إياهم عن معصيته فلا يقتتلوا ما اقتتلوا ولا اختلفوا , { ولكن الله يفعل ما يريد } بأن يوفق هذا لطاعته والإيمان به فيؤمن به ويطيعه , ويخذل هذا فيكفر به ويعصيه .
القول في تأويل قوله تعالى : { تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات } يعني تعالى ذكره بقوله : { تلك الرسل } الذين قص الله قصصهم في هذه السورة , كموسى بن عمران وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وشمويل وداود , وسائر من ذكر نبأهم في هذه السورة . يقول تعالى ذكره : هؤلاء رسلي فضلت بعضهم على بعض , فكلمت بعضهم - والذي كلمته منهم موسى صلى الله عليه وسلم - ورفعت بعضهم درجات على بعض بالكرامة ورفعة المنزلة . كما : 4491 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , في قول الله تعالى ذكره :
{ تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض } قال : يقول : منهم من كلم الله ورفع بعضهم على بعض درجات . يقول : كلم الله موسى , وأرسل محمدا إلى الناس كافة . * - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد بنحوه . ومما يدل على صحة ما قلنا في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : " أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي : بعثت إلى الأحمر والأسود , ونصرت بالرعب , فإن العدو ليرعب مني على مسيرة شهر , وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا , وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد كان قبلي , وقيل لي : سل تعطه , فاختبأتها شفاعة لأمتي , فهي نائلة منكم إن شاء الله من لا يشرك بالله شيئا " .
القول في تأويل قوله تعالى : { وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس } يعني تعالى ذكره بذلك : { وآتينا عيسى ابن مريم البينات } وآتينا عيسى ابن مريم الحجج والأدلة على نبوته : من إبراء الأكمه والأبرص , وإحياء الموتى , وما أشبه ذلك , مع الإنجيل الذي أنزلته إليه , فبينت فيه ما فرضت عليه . ويعني تعالى ذكره بقوله : { وأيدناه } وقويناه وأعناه
{ بروح القدس } يعني بروح الله , وهو جبريل . وقد ذكرنا اختلاف أهل العلم في معنى روح القدس والذي هو أولى بالصواب من القول في ذلك فيما مضى قبل , فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع .
القول في تأويل قوله تعالى : { ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات } يعني تعالى ذكره بذلك : ولو أراد الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات , يعني من بعد الرسل الذين وصفهم بأنه فضل بعضهم على بعض , ورفع بعضهم درجات , وبعد عيسى ابن مريم , وقد جاءهم من الآيات بما فيه مزدجر لمن هداه الله ووفقه . ويعني بقوله : { من بعد ما جاءتهم البينات } يعني من بعد ما جاءهم من آيات الله ما أبان لهم الحق , وأوضح لهم السبيل . وقد قيل : إن الهاء والميم في قوله : { من بعدهم } من ذكر موسى وعيسى : ذكر من قال ذلك : 4492 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : { ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات } يقول : من بعد موسى وعيسى . 4493 - حدثت عن عمار , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع قوله :
{ ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات } يقول : من بعد موسى وعيسى .
القول في تأويل قوله تعالى : { ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد } . يعني تعالى ذكره بذلك : ولكن اختلف هؤلاء الذين من بعد الرسل لما لم يشأ الله منهم تعالى ذكره أن لا يقتتلوا , فاقتتلوا من بعد ما جاءتهم البينات من عند ربهم بتحريم الاقتتال والاختلاف , وبعد ثبوت الحجة عليهم بوحدانية الله ورسالة رسله ووحي كتابه , فكفر بالله وبآياته بعضهم , وآمن بذلك بعضهم . فأخبر تعالى ذكره : أنهم أتوا ما أتوا من الكفر والمعاصي بعد علمهم بقيام الحجة عليهم بأنهم على خطأ , تعمدا منهم للكفر بالله وآياته . ثم قال تعالى ذكره لعباده : { ولو شاء الله ما اقتتلوا } يقول : ولو أراد الله أن يحجزهم بعصمته وتوفيقه إياهم عن معصيته فلا يقتتلوا ما اقتتلوا ولا اختلفوا ,
{ ولكن الله يفعل ما يريد } بأن يوفق هذا لطاعته والإيمان به فيؤمن به ويطيعه , ويخذل هذا فيكفر به ويعصيه .