بل أستطيع

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : ناصر بن سليمان العمر | المصدر : www.twbh.com

 

يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَالَّذِي كَفَرَ

 
الثاني: ماكانت استحالته شرعية؛ مما هو قطعي الدلالة، والثبوت، فلا يمكن أن تجعل صلاة المغربركعتين، ولا أن يؤخر شهر الحج عن موعده
ولا أن يباح زواجالرجل من امرأة أبيه
 
وما عدا هذينالأمرين, وما يندرج تحتهما من فروع؛ فليس بمستحيلقد تكون هناك استحالة نسبية لاكلية، وهو ما يدخل تحت قاعدة عدم الاستطالة فقد يعجز فرد عن أمرٍ؛ ولكن يستطيعهآخرون، وقد لا يتحقق هدف في زمن؛ ولكن يمكن تحقيقه في زمن آخر، وقد لا يتأتى إقامةمشروع في مكان، ويسهل في مكان ثان، وهكذا.
 
 
إن الخطورة:
 
 تحويل الاستحالة الفردية،والجزئية، والنسبية؛ إلى استحالة كلية شاملة عامة. إن عدم الاستطاعة هو تعبير عنقدرة الفرد ذاته، أما الاستحالة؛ فهو وصف للأمر المراد تحقيقه، وقد حدث خلط كبيربينهما عند كثير من الناس، فأطلقوا الأول على الثاني.
 
إن من الخطأ أن نحول عجزناالفردي إلى استحالة عامة؛ تكون سبباً في تثبيط الآخرين، ووأد قدراتهم، وإمكاناتهمفي مهدها، إن أول عوامل النجاح، وتحقيق الأهداف الكبرى هو: التخلص من وهم (لاأستطيع – مستحيل)، وهو بعبارة أخرى: التخلص من العجز الذهني، وقصور العقل الباطن،ووهن القوى العقلية.
 

  إن الأخذ بالأسباب الشرعية، والمادية يجعل ما هو بعيدالمنال حقيقة واقعة،  إن كثيراً من الذين يكررون عبارة: لا أستطيع، لا يشخصون حقيقة واقعة، يعذرون بها شرعاً, وإنما هو انعكاس لهزيمةداخلية, للتخلص من المسئولية.
 

  إن من الخطوات العملية لتحقيق الأهداف الكبرى هو: الإيمان بالله، وبما وهبك من إمكانات هائلة تستحق الشكر. ومن شكرها: استثمارها؛لتحقيق تلك الأهداف التي خلقت من أجله.
 

  أي عذر لإنسان؛ وهبه الله جميع القوىالتي تؤهله للزواج، ثم هو يعرض عن ذلك دون مبرر شرعي. إن هذا من كفر النعمة لا منشكرها، وهو تعطيل لضرورة من الضرورات الخمس التي أجمعت جميع الديانات السماوية علىوجوب المحافظة عليها، وهو النسل، وحري، بمن فعل ذلك أن تسلب منه هذه النعمةالكبرى
 
وَإِذْ تَأَذَّنَرَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِيلَشَدِيدٌ
وقل مثل ذلك: فيكل نعمة، وموهبة وهبها الله الإنسان
 
 
إنني لست بصدد بيان عوامل النجاح،ومرتكزات القيادة، والريادة؛ ولكنني أحاول أن أزيل هذا الوهم الذي سيطر على عقولكثير من رجال الأمة، وشبابها؛ فأوصلنا إلى الحالة التي سرّت العدو، وأحزنتالصديق.
 

  إن الأمة تمر بحالة تاريخية ذهبية من العودة إلى الله، وتلمس طريقالنجاة، والنجاح، والسعادة، والرقي، وإذا لم تستثمر تلك الإمكانات، والطاقاتالهائلة، والأمة في حال إقبالها؛ فإنه سيكون الأمر أشد وأعسر في حال فتورها.
 

  إنمن الأخطاء التي تحول بين الكثيرين، وبين تحقيق أعظم الأهداف، وأعلاها ثمناً تصورأنه لا يحقق ذلك إلا الأذكياء، إن الدراسات أثبتت أن عدداً من عظماء التاريخكانوا أناساً عاديين، بل إن بعضهم قد يكون فشل في كثير من المجالات كالدراسةمثلاً.

  لا شك أن الأغبياء لا يصنعون التاريخ؛ ولكن الذكاء أمر نسبي ,يختلف فيهالناس ويتفاوتون، وحكم الناس غالباً على الذكاء الظاهر، بينما هناك قدرات خفيةخارقة لا يراها الناس ؛بل قد لا يدركها صاحبها إلا صدفة، أو عندما يصر على تحقيقهدف ما؛ فسرعان ما تتفجر تلك المواهب , مخلفة وراءها أعظم الانتصارات،والأمجاد
 
 
 إن كل الناس يعيشون أحلام اليقظة، ولكن الفرق بين العظماء وغيرهم: أنأولئك العظماء لديهم القدرة، وقوة الإرادة والتصميم على تحويل تلك الأحلام إلى واقعملموس، وحقيقة قائمة، وإبراز ما في العقل الباطن إلى شيء يراه الناس، ويتفيئون فيظلاله
 
  إن من أهم معوقات صناعة الحياة: الخوف من الفشل، وهذا بلاء يجب التخلص منه، حيث أن الفشل أمر طبيعي في حياة الأمم،والقادة، فهل رأيت دولة خاضت حروبها دون أي هزيمة تذكر ؟!وهل رأيت قائداً لميهزم في معركة قط ؟والشذوذ يؤكد القاعدة، ويؤصلها، ولا ينقضها
 
 
ومن أعظم المخترعين في التاريخ الحديث ؛مخترع الكهرباء (أديسون) وقد فشل في قرابة ألف محاولة؛ حتى توصل إلى اختراعه العظيم، الذي أكتب لكمهذه الكلمات في ضوء اختراعه الخالد
  وقد ذكر أحد الكتاب الغربيين؛ أنه لا يمكنأن يحقق المرء نجاحاً باهراً حتى يتخطى عقبات كبرى في حياته
  إن الذين يخافونمن الفشل النسبي، قد وقعوا في الفشل الكلي الذريع
ومن يتهيب صعودالجبال
يعش أبد الدهر بينالحفر
 
  إن البيئة شديدةالتأثير على أفرادها؛ حيث تصوغهم ولا يصوغونها
 
إِنَّا وَجَدْنَاآبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْمُقْتَدُونَ
 
 
ولذلك فهي من أهمالركائز في التقدم، أو التخلف، والرجال الذين ملكوا ناصية القيادة والريادة ؛لميستسلموا للبيئة الفاسدة, ولم تمنعهم من نقل تلك البيئة إلى مجتمع يتسم بالمجد, والرقي, والتقدم؛ ولذلك أصبح المجدد مجدداً؛ لأنه جدد لأمته ما اندرس من دينها, وتاريخها وقد ختمت النبوة بنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فلم يبق إلا المجددونوالمصلحون؛ يخرجونها من الظلمات إلى النور, فحري بك أن تكون أحدهؤلاء
 
 
أختم هذه المقالة, بإشارات تفتح لكمغاليق الطريق...
 
ذلك الكم الهائل من عمرك , والذي يعد بعشرات السنين، قد تحقق منأنفاس متعاقبة , وثوان متلاحقة، وآلاف الكيلو مترات التي قطعتها في حياتك؛ ليست إلاخطوات تراكمت فأصبحت شيئاً مذكوراً، وكذلك الأهدافالكبرى؛ تتحقق رويداً رويدا، وخطوة خطوة، فعشرات المجلدات التي يكتبها عالم منالعلماء، ليست إلا مجموعة من الحروف ضم بعضها إلى بعض، حرفاً حرفاً؛ فأصبحت تراثاًخالداً ,على مر الدهور والأجيالعلو الهدف يحقق العجائب، فمن كافح ليكون ترتيبهالأول؛ يحزن إذا كان الثاني, ومن كان همه دخول الدور الثاني؛ يفرح إذا لم يرسب إلافي نصف المقررات والمواد
 
 
وإذا كانت النفوسكباراً                                          تعبت في مرادهاالأجساممن يهن يسهل الهوان عليه                                     مالجرح بميتإيـلام
 
 
الإبداع لا يستجلببالقوة, وتوتر الأعصاب؛ وإنما بالهدوء, والسكينة وقوة الإيمان, والثقة بما وهبكالله من إمكانات، مع الصبر والتصميم, وقوة الإرادة والعزيمة؛ ولذلك فأكثر الطلابتفوقاً؛ أكثرهم هدوءاً, وأقلهم اضطراباً عند الامتحان. وكان النبي -صلى الله عليهوسلم- أشجع الناس، وأربطهم جأشاً، وأثبتهم جناناً، وأقواهم بأساً؛ يتقون به عندالفزع لا يعرف الخوف إلى قلبه سبيلاً التفكير السليم المنطقي يقود إلى النجاح، والتخطيط العلمي العمليطريق لا يضل سالكهوفشل كثير من المشروعات منشؤه الخطأ في طريقة التفكير،والمقدمات الخاطئة تقود إلى نتائج خاطئةالواقعية لا تتعارض مع تحقيق أعظم الانتصارات, والريادة في صناعةالحياة؛ بل هي ركن أساس من أركانها، وركيزة يبنى عليها ما بعده، وعاصم من الفشلوالإخفاق بإذن اللهكثير من المشكلات الأسرية, والشخصية, والاجتماعية؛ منشؤهاتوهم صعوبة حلها, أو استحالته. بينما قد يكون الحل قاب قوسين أو أدنى؛ ولكن الأمريحتاج إلى عزيمة وتفكير، يبدأ من تحديد المشكلة ثم تفكيكها إلى أجزاء، ومن ثمالمباشرة في علاج كل جزء بما يناسبه
إِيَّاكَنَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
 
جماع الأمر، ومدار العمل، والقاعدة الصلبة التي بدونها تكون الحياةهباء منثوراً