التعــلم عن بعــد 000
بقلم أ.د. صديق عفيفى
د. سوسن مرسى أستاذ إدارة الأعمال
وعضو اللجنة الاقتصادية بالحزب الوطنى
يواجه التعليم المصري صعوبات جمة وتفرض عليه قيود كثيرة ، ولذا فإن أي محاولة لتطوير التعليم عادة ما تتعثر أو تنحرف عن الهد ف بسبب كثرة القيود و تعقيد العقبات .
إن أهم هذه القيود هي :
· قيود الأعداد الكبيرة ، فبمصر نحو 18-20 مليون طالب في مختلف مراحل التعـــــــليم
و هو ما يفرض أعباء غير عادية على المؤسسات التعليمية و تضطر المدارس مثلا أن ترفع كثافة الفصل إلى مائة تلميذ و تضطر بعض الكليات الى رفع كثافة المدرج إلى بضعة آلاف ...و السؤال هو كيف نتعامل مع هذه الأعداد الكبيرة إذا أردنا التطوير ؟
· قيود الانتقال تلقى بظلالها أيضا على التعليم فسكان الوادي الجديد يريدون إلحاق أبنائهم بكليات جامعة أسيوط أو جامعة القاهرة و سكان القاهرة قد يضطر أبناؤهم إلى الالتحاق بكليات الطب في المنصورة وطنطا ، و هكذا .
· قيود الزمان و المكان حيث يتعين بالضرورة وفق النظم التقليدية في التعليم أن يتواجد الأستاذ و الطالب في زمان و مكان واحد ليتم التدريس و التلقي و التعلم . و هو قيد عام يخلق صعوبات جمة للطالب و الأستاذ و للمؤسسة التعليمية نفسها ، بل و قد تضيق الإمكانات عن توفير هذا الالتقاء بشكل فعال ، بينما تبقى المدرجــــــات و الفصـــــــــول والمعامل بدون استخدام لساعات طويلة ( قد تصل إلى 16 ساعة في اليوم ) لصعـــــوبة توافق الزمان و المكان للأستاذ و الطالب .
· قيود الاتصال ، فالأستاذ يصعب عليه الاتصال الفعال بطلابه بعد تجاوز أعداد معينــة ،
و الطالب يصعب عليه الاتصال بأستاذه بعد تجاوز الكثافة للحدود المعقولة ... ولا نعرف
كيف يكون هناك تعليم جيد بدون اتصال و تفاعل مستمرين بين الطالب و الأستاذ .
· قيود المال ، و أقصد هنا أنه إذا أردنا زيادة الأماكن و زيادة الأساتذة و تفعيل الاتصال سوف نصطدم بالضرورة بقيود المال ، فهل يتوافر عندنا المال الكافي لإحداث كل هذه النقلات المطلوبة ؟ أغلب الظن أن الإجابة بالنفي .
ماذا نفعل في ظل هذه القيود جميعا إذا أردنا تطوير و تحسين أداء النظام التعليمي ؟
المطلوب هو التفكير بشكل جديد و التغيير الجذري في المفاهيم ... المطلوب هو الخروج من القفص الذي يسجن أفكارنا والقفص يتجسد في وهم أنه لا تعليم بغير التواجد الجسدي و المادي للأستاذ و الطالب في نفس المكان والزمان ... وهو تخيل في غير موضعه ، إذ يمكن بالتأكيد أن يتم التعليم و التعلم عن بعد و هذا هو المطروح .
ما هو التعلم عن بعد ؟
أبسط تعريف هو " التعلم و التعليم دون تواجد الأستاذ والطالب في مكان وزمان واحد ، و يتم الاتصال بينهما من خلال وسائل اتصال متعددة في مقدمتها الإنترنت والفيديو كونفرنس .
و أهم خصائص التعلم عن بعد هي :
1 – القضاء نهائيا على قيود الزمان و المكان ، فالطالب يتعلم و هو في بيته أو في مكتبه أو في سيارته في الوقت الذي يريد حسب الظروف المتاحة له في أيام العمل أو في أيام الإجــــــــــازات
و الأعياد لأن الاتصال سيكون من خلال الإنترنت لمواد دراسية أو تعليمية سبق تحميلها من الأستاذ ، لذا لا يشترط أن يتواجد الأستاذ وقت اتصال الطالب ، و بالتالي قد يكون الطالب في القاهرة و يتصل خلال ساعات النهار بينما أستاذه في أمريكا يغط في نوم عميق .
وفى نفس الوقت لم يعد مطلوبا تهيئة قاعات درس و مدرجات تسع المئات أو الآلاف .. فهذا أصلا غير وارد .. و بالتالي نكون قد قضينا على قيد المكان و قيد المال و الإمكانات .
2 – توثيق الاتصال بين الأستاذ و الطالب لأن الطالب يتصل بأستاذه من خلال الإنتـــــــــرنت ،
و يتلقى الأستاذ الرسالة في الوقت الذي يناسبه هو و يرد عليها و يتلقى الطالب الرد في الوقت الذي يناسبه و يناقشه و يتفاعل الاثنان بدرجة غير متاحة في النظام التعليمي التقليدي .
3 – يتاح أيضاً عمل مناقشات و مناظرات فيما بين الطلاب وهم متواجدون في أماكن بل و في بلاد متعددة حول موضوع معين يدرسونه ، و هو أمر غير ممكن في نظام التعليم التقليدي .
4 – و يتيح التعلم عن بعد أيضا تعدد الثقافات و احتكاكاتها و الاستفادة المتبادلة فيما بينها لأن الطلاب يدرسون معا و هم من كل أنحاء العالم .
5 – و التعلم عن بعد يتيح كذلك إمكان الجمع بين بدء حياة العمل و في نفس الوقت الدراسة ، وبالتالي لا حاجة للتقسيم الجامد لحياة الإنسان إلي فترة نحو 15 – 16 عاما للدراسة ليبدأ بعدها العمل .
6 – يتيح التعلم عن بعد استمرار التعلم في أي وقت و في أي موضوع و في أي مستوى دون عناء أو مشقة .
7 – يتيح التعلم عن بعد كذلك ضبط الامتحانات و القضاء نهائيا على الغش و التركيز في الامتحان على التفكير و التحليل و الاستنباط و ليس فقط الحفظ و التلقين .
8 – و التعلم عن بعد في نهاية الأمر سيخفض التكلفة .
9 – و التعلم عن بعد سيقضى على مشكلات إدارة المدرسة أو إدارة الكلية و قضايا الانضباط و النظام و ما يرتبط بكل ذلك من تكاليف .
التعلم عن بعد هو الحل لماذا ننتظر ؟
ومع كل هذه المزايا.. لماذا ننتظر ولا نتحول إلى التعلم عن بعد ؟؟
لأن له متطلبات ... تعالوا نوفر المتطلبات أولا وأهمها التحضير الجيد للمواد التعليمية ذاتـــــها
ولأساليب إيصالها و لأساليب الاختبارات و لنوعية و مهارات الأستاذ و لوسائل الاتصال ، الخ .