المتفقان المفترقان (2).. الفروق بين الزوجين
وإذا سأل سائل: ألا يكفي الحب فقط للتفاهم بين الزوجين واستمرار الحياة بينهما؟
نقول لهذا السائل: كلا، لا يكفي الحب وحده للتفاهم بين الزوجين.
تبدأ المشكلات بين الزوجين في الظهور عندما ينسى الرجل أو تنسى المرأة أن كل منهما مختلف عن الآخر، وأن لكل منهما طبيعة خاصة به جبله الله عليها؟ فيتوقع من الآخر فعل أو رد فعل معين يتناسب مع طبيعته هو، ثم يكون الفعل غير ما توقع لاختلاف الطبيعة، فالرجل يريد من المرأة أن تطلب ما يود هو الحصول عليه، وتتوقع المرأة منه أن يشعر بما تشعر هي به تمامًا.
ويبدو أن الرجل بشكل عام يقدر موضوع (الاستقلالية)، بينما تقدر المرأة جانب (المودة)؛ ولذلك نجد الزوجة تفكر: (لو كان يحبني لما غادر المنزل دون أن يسلم علي)، بينما يفكر الزوج: (هل تريد هي أن تسيطر علي؟ ولماذا علي أن أفعل دومًا ما تطلبه مني؟!).
إن كلًا منهما يفترض أنه إن كان الآخر يحبه فسوف يتصرف بنفس الطريقة التي يتصرف فيها هو عندما يعبر عن حبه وتقديره، وهذا الافتراض الخاطئ سيكون عند صاحبه وسيلة إلى تجميع خيبات الأمل المتكررة، وسيضع الحواجز الكثيرة بين الزوجين.
وتختلف التوقعات عند الاثنين بسبب الآتي:
1ـ اختلاف الشخصيتين.
2ـ اختلاف تجارب الحياة.
3ـ اختلاف النشأة، واختلاف الأسرتين.
4ـ اختلاف طريقة التربية والتدريب كذكر أو أنثى.
5ـ اختلاف ما يحمله كل منهما من تأثير الإعلام ومف
اهيم المجتمع الثقافية وغيرها.
ولذلك كان من الواجب على كل طرف منهما التعرف على معالم الفروق بينه وبين الآخر لتلافي كثير من المشكلات، ولخلق جو من الحوار المثمر والفهم المتبادل بين الطرفين يثمر عن حياة هادئة وسعيدة.
وإليك عزيز القارئ ملامح الفروق بين الرجل والمرأة:
وهذه الملامح قد ذكرها د. مأمون مبيض، في كتابه (التفاهم في الحياة الزوجية)، نذكرها هنا مختصرة:
1ـ اختلاف القيم والنظرة إلى الأمور:
فالرجل يخطئ عندما يبادر إلى تقديم الحلول العلمية للمشكلات، ولا يرى أهمية لشعور المرأة بالانزعاج أو الألم، وهذا ما يزعج المرأة من حيث لا يدري.
والمرأة تبادر إلى تقديم البضائع والتوجيهات للرجل، وهذا ما يزعجه كثيرًا من حيث لا تدري، وإننا من خلال فهم اختلاف قيم الجنسين ونظرتهما للأمور سنفهم لماذا يخطئ كل من الرجل والمرأة في تعاملهما مع بعضهما من حيث لا يدريان؟ وسيعيننا هذا على تصحيح تصرفاتنا مع الشريك الآخر.
2ـ اختلاف الوسائل في التعامل مع المشاكل:
فالرجل عندما يواجه مشكلة ما، فإنه يميل بطبعه إلى الانعزال بنفسه والتفكير بهدوء في مخرج من هذه المشكلة التي تواجهه، بينما تميل المرأة إلى الرغبة في الجلوس مع الآخرين والحديث فيما يشغل بالها، والمرأة كلما كانت المشكلة كبيرة شغلت بالها كثيرًا، وكانت في حاجة إلى الكلام كثيرًا، والعكس من ذلك الرجل.
3ـ اختلاف المحفزات والدوافع للعمل والعطاء:
فالرجل يقدم ويعمل ويعطي ما عنده عندما يشعر أن هناك من يحتاج إليه، بينما تميل المرأة للعمل والتقديم والعطاء عندما تشعر أن هناك من يرعاها.
4ـ لغتان مختلفتان:
فكل من الرجل والمرأة يتكلم لغة خاصة به، وقد لا يفهم كل منهما الطرف الآخر مما يسبب سوء الترجمة والفهم بينهما.
5ـ القرب من الطرف الآخر:
فعندما يقترب الرجل من المرأة يشعر بالحاجة الملحة للابتعاد لبعض الوقت، ليعاود الاقتراب من جديد، مما يشعره باستقلاليته المتجددة، بينما تميل المرأة في علاقتها ومشاعرها إلى الصعود والهبوط كموج البحر، وفهم هذه الفروق يساعد المرأة على التعامل الأمثل مع الأوقات التي يميل فيها الرجل لبعض الابتعاد، ويعين الرجل على التعامل الأفضل مع المرأة عندما تتغير فجأة طبيعة مشاعرها تجاهه، وكيف يقدم لها ما تحتاجه في هذه الأوقات.
6ـ اختلاف الحاجات العاطفية:
فالرجل يحتاج إلى الحب الذي يحمل معه الثقة به وقبوله كما هو، والحب الذي يعبر عن تقدير جهوده وما يقدمه، بينما تحتاج المرأة إلى الحب الذي يحمل معه رعايتها وأنه يستمع إليها، وأن مشاعرها تفهم وتقدر وتحترم.
7ـ اختلاف الجدال:
فالرجل يتصرف وكأنه دومًا على حق مما يشعر المرأة بعدم صحة مشاعرها وعواطفها، أما المرأة فإنها بدلًا من أن تعبر عن عدم موافقتها على أمر ما يقوم به الرجل، فإنها تشعره بأنه غير مقبول لها كليًا؟ مما يدفعه لأخذ الموقف الدفاعي.
8ـ الاختلاف في طريقة حساب الأعمال:
حيث تقوم المرأة باعتبار وتقدير كل العطايا وما يقدمه الرجل بنفس الدرجة بغض النظر عن حجم هذا العمل، بينما يميل الرجل إلى التركيز على عمل واحد كبير أو تضحية عظيمة ويهمل الأعمال الأخرى الصغيرة.
وأخيرًا نقول إن بداية حل أي مشكلة هي تفهم دوافع الطرف الآخر: (ما حملك على هذا؟)، وفهم طبيعة وجبلة الطرف الآخر يعين على التفاهم معه.