هل الإنسان مخير أم مسير؟
الناقل :
mahmoud
| الكاتب الأصلى :
mamado14
| المصدر :
ejabat.google.com
هذا سؤال قديم جديد، ونستطيع أن نجيب عنه إجابتين إجابة جادة وإجابة ساخرة، الإجابة الساخرة أجاب بها شيخنا الشيخ محمد الغزالي رحمه الله حين سُئل يوماً هل الإنسان مسيَّر أو مخيَّر؟ فأجاب على طريقته قال لهم "الإنسان في الغرب مخيَّر وفي الشرق مسيَّر"، فالإنسان في الشرق تسيره الحكومات وتفرض عليه سياساتها وليس له رأي لا في اختيار الحكام ولا في محاسبتهم ولا في مساءلتهم ولا في ما يجري عليه من أمور فهو إنسان مسيَّر بينما في الغرب هو مخيَّر لأنه له رأيه وله احترامه وله سلطته في اختيار الحكام وفي مساءلتهم وفي محاسبتهم، فكانت هذه إجابة الشيخ الغزالي رحمه الله.
أماالإجابة الجادة التي سوف نجيب بها وهي أن الإنسان مسيَّر في أشياء ومخيَّر في أشياء يعني هناك أشياء الإنسان فيها مسيَّر ليس له فيها إرادة، ما يتعلق بالنظام الكوني العام من حوله، أنا لست الذي يسير الأمور أو يكوّر النهار على الليل أو يخرج الشمس أو يطلع القمر أو يجري المياه في البحار، هذه الأشياء تجري بأقدار يعني على الإنسان ولا دخل للإنسان فيها، حينما كسفت الشمس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعض الناس أنها انكسفت لموت ابن النبي عليه السلام، قال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تنكسفان لموت أحد ولا لحياته، فهي من آيات الله، (وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون * والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم * والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم).. إلى آخره، ما في الكون لا يستطيع الإنسان أمامها شيئاً، أيضاً هناك أشياء تتعلق بالإنسان وليس له دخل فيها كوني ولدت من أبوين مصريين وكوني ولدت في الزمن الفلاني في سنة ستة وعشرين وكوني أبيض أو أسود، طويلاً أو قصيراً، ذكياً أو غبياً يعني هذه الأشياء أنا ليس لي علاقة بها أيضاً يعني لا أُسأل لماذا كنت مصرياً لأني لم أجعل نفسي مصرياً، لماذا كنت بطول كذا، لا يسأل الإنسان لا عن ذكائه ولا عن غبائه ولا عن طوله ولا عن قصره فكل هذه الأشياء الإنسان فيها مسيَّر أي هي مقدرة عليه.
في النظام الكوني العام الإنسان مسيَّر وفي بعض أعماله هو مسيَّر مثل ما أختير له من لون ومن طول ومن قصر ومن ذكاء ومن غباء ومن..إلخ، بل بعض أعمال الإنسان نفسها، يعني الإنسان مثلاً يأكل باختياره إنما بعد ذلك عمل الجهاز الهضمي ليس باختياره يعني تشتغل المعدة بدون اختيارك، الجهاز الدموي الأوعية الدموية والقلب وتدفقات الشرايين ليس لك فيها أيضاً اختيار الجهاز التنفسي.. كل هذه الأشياء ليس للإنسان فيها اختيار هناك الإنسان الشيء المخيَّر فيه ما نسميه الأعمال الاختيارية التي يعملها الإنسان بإرادته يفكر فيها ويختارها وينفذها، الله سبحانه وتعالى أعطى الإنسان عقلاً به يفكر وإرادة بها يرجّح وقدرة بها ينفّذ فهذه الأعمال مثل الإنسان يصلي أو يزكي أو يكتب أو يقرأ أو يعمل خلاف ذلك يشتم يسب يشرب الخمر يعني الأعمال الصالحات والأعمال السيئات هذه هي الأعمال الاختيارية التي يحاسَب عليها الإنسان لأنها صادرة عن علم منه وعن إرادة واختيار و قدرة.