رفقه ولينه صلى الله عليه وسلم
الناقل :
mahmoud
| الكاتب الأصلى :
Basma Mohamed
| المصدر :
pa-in.facebook.com
رفقه ولينه صلى الله عليه وسلم
أولًا : ترغيبه صلى الله عليه وسلم في الرفق :
عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : إنه من أُعطي حظه من الرفق فقد أُعطي حظه من خير الدنيا والآخرة ، وصلة الرحم ، وحسن الخلق ، وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار .
فقط عظَّم النبي صلى الله عليه وسلم شأن الرفق في الأمور كلها ، وبيَّن ذلك بفعله وقوله بيانًا شافيًا كافيًا ؛ لكي تعمل أمَّتهُ بالرفق في أمورها كلها ، وخاصة الدعاة إلى الله - عز وجل - ؛ فإنهم أولى الناس بالرفق في دعوتهم ، وفي جميع تصرفاتهم ، وأحوالهم . وهذا الحديث السابق وغيره من الأحاديث التي ستأتي تُبيِّن فضل الرفق ، والحث على التخلق به ، وبغيره من الأخلاق الحسنة ، وذم العنف وذم من تخلق به .
فالرفق سبب لكل خير ؛ لأنه يحصل به من الأغراض ويسهل من المطالب ، ومن الثواب ما لا يحصل بغيره ، وما لا يأتي من ضده .
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من العنف ، وعن التشديد على أمته صلى الله عليه وسلم ، فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا : اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشقَّ عليهم ، فاشقق عليه ، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به وكان صلى الله عليه وسلم إذا أرسل أحدًا من أصحابه في بعض أموره أمرهم بالتيسير ونهاهم عن التنفير ، فعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أحدًا من أصحابه في بعض أموره قال : بشِّرُوا ولا تُنفِّرُوا ، ويسِّرُوا ولا تُعسِّرُوا .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أراد الله -عز وجل- بأهل بيت خيرًا أدخل عليهم الرفق .
وقال صلى الله عليه وسلم لأبي موسى الأشعري ومعاذ - رضي الله عنهما - حينما بعثهما إلى اليمن : يسَّرا ولا تعسِّرا ، وبشِّرا ولا تنفِّرا ، وتطاوَعَا ولا تختلِفَا .
وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يسِّرُوا ولا تعسِّرُوا ، وبشِّرُوا ولا تنفِّرُوا .
في هذه الأحاديث الأمر بالتيسير والنهي عن التنفير ، وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الألفاظ بين الشيء وضده ؛ لأن الإنسان قد يفعل التيسير في وقت والتعسير في وقت ، ويُبشِّرُ في وقت ويُنفِّرُ في وقت آخر فلو اقتصر على يسروا لصدق ذلك على من يسَّر مرة أو مرات ، وعسَّر في معظم الحالات ، فإذا قال ولا تُعسِّرُوا انتفى التعسير في جميع الأحوال من جميع وجوهه وهذا هو المطلوب . وكذا يقال في يسِّرا ولا تُعسرا ، وبشِّرا ولا تُنفِّرا ، وتطاوعا ولا تختلفا ؛ لأنهما قد يتطاوعان في وقت ويختلفان في وقت وقد يتطاوعان في شيء ويختلفان في شيء ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد حث في هذه الأحاديث وفي غيرها على التبشير بفضل الله وعظيم ثوابه ، وجزيل عطائه ، وسعة رحمته ، ونهى عن التنفير بذكر التخويف وأنواع الوعيد محضة من غير ضمها إلى التبشير ، وهذا فيه تأليف لمن قَرُبَ إسلامه وتَرْكُ التَّشديد عليه ، وكذلك من قَارَبَ البلوغ من الصبيان ، ومن بلغ ، ومن تاب من المعاصي كلهم ينبغي أن يتدرج معهم ويُتلطَّف بهم في أنواع الطاعات قليلًا قليلًا ، وقد كانت أمور الإسلام في التَّكليف على التَّدريج فمتى يُسِّرَ على الداخل في الطاعة ، أو المُريد للدخول فيها سَهُلَتْ عليه وكانت عاقبته غالبًا الازدياد منها ، ومتى عُسِّرت عليه أوْشَكَ أن لا يدخل فيها ، وإن دخل أوشك أن لا يدوم ولا يستحليها . وهكذا تعليم العلم ينبغي أن يكون بالتدريج ؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخوَّل أصحابه بالموعظة في الأيام كراهة السَّآمة عليهم .
فصلوات الله وسلامه عليه فقد دل أمته على كل خير وحذرهم من كل شر ، ودعا على من شق على أمته ، ودعا لمن رفق بهم كما تقدم في حديث عائشة وهذا من أبلغ الزواجر عن المشقة على الناس ، وأعظم الحث على الرفق بهم