ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه
الناقل :
mahmoud
| المصدر :
www.rasoulallah.net
عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ، ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه ، فلا يرى إلا ما قدم ، وينطر أشأم منه ، فلا يرى إلا ما قدم ، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه ، فاتقوا النار ولو بشق تمرة ، فمن لم يجد فبكلمة طيبة . متفق عليه .
هذا حديث عظيم تضمن من عظمة الباري ما لا تحيط به العقول ولا تعبر عنه الألسن .
أخبر فيه : أن جميع الخلق سيكلمهم الله مباشرة من دون ترجمان ولا واسطة ، ويسألهم عن جميع أعمالهم ، خيرها وشرها ، دقيقها وجليلها ، سابقها ولاحقها ، ما علمه العباد وما نسوه منها ، وذلك أنه لعظمته وكبريائه كما يخلقهم ويرزقهم في ساعة واحدة ، ويبعثهم في ساعة واحدة فإنه يحاسبهم جميعهم في ساعة واحدة ، فتبارك من له العظمة والمجد ، والملك العظيم والجلال .
وفي هذه الحالة التي يحاسبهم فيها ليس مع العبد أنصار ولا أعوان ولا أولاد ولا أموال ، قد جاءه فردا كما خلقه أول مرة ، قد أحاطت به أعماله تطلب الجزاء بالخير أو الشر ، عن يمينه وشماله ، وأمامه النار لابد له من ورودها ، فهل إلى صدوره منها سبيل ؟ لا سبيل إلى ذلك إلا برحمة الله ، وبما قدمت يداه من الأعمال المنجية منها .
ولهذا حث النبي صلى الله عليه وسلم أمته على اتقاء النار ولو بالشيء اليسير ، كشق تمرة ، فمن لم يجد فبكلمة طيبة .
وفي هذا الحديث : أن من أعظم المنجيات من النار ، الإحسان إلى الخلق بالمال والأقوال ، وأن العبد لا ينبغي له أن يحتقر من المعروف ولو شيئا قليلا ، والكلمة الطيبة تشمل النصيحة للخلق بتعليمهم ما يجهلون ، وإرشادهم إلى مصالحهم الدينية والدنيوية .
وتشمل الكلام المسر للقلوب ، الشارح للصدور ، المقارن للبشاشة والبشر ، وتشمل الذكر لله والثناء عليه ، وذكر أحكامه وشرائعه .
فكل كلام يقرب إلى الله ويحصل به النفع لعباد الله ، فهو داخل في الكلمة الطيبة ، قال تعالى : إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وقال تعالى : وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا والله أعلم .