كان عبد الله بن مسعود يجتنى سواكاً من الأراك وكان دقيق الساقين فجعلت الريح تكفؤه فضحك القوم منه فقال رسول الله e: (( مم تضحكون ؟ )) قالوا: يا نبي الله من دقة ساقيه فقال: (( والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أُحُد ))
وعلى الجانب الآخر.....
يقول الحبيب e :( إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضه )
فواعجبا من خطأ ميزان البشر ودقة ميزان الله عز وجل ويا عجبا من النظرة الضيقة التي ينظر بها البشر إلى الأمور وعلم الله الشامل الذي يحيط بكل شيء
نعم أخي الحبيب .... العبرة يوم القيامة ليست بحجم الإنسان ولكن بحجم أعماله التي كان يعملها في الدنيا والمثال السابق أوضح مثال على ما نقوله
فساق عبد الله بن مسعود وزنها عند الله أثقل من جبل أحد لأنه لم يكن يستعملها إلا في طاعة الله فقط فكم مشت إلى خير وكم رابطت في سبيل الله وكم أصيبت في جهاد في سبيل الله وكم وكم .....
لذلك أخي الحبيب لا بد أن تنتبه لأن الميزان يوم القيامة لا يعترف إلا بالأعمال الصالحة
وقد وصف النبي e الميزان فقال [ يوضع الميزان يوم القيامة فلو وزن فيه السموات والأرض لوسعت فتقول الملائكة يا رب لمن يزن هذا فيقول الله تعالى لمن شئت من خلقي . فتقول الملائكة سبحانك ما عبدناك حق عبادتك ]
وقال تعالى مخبرا عن الميزان ((وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9) )) الأعراف 8-9
وقال تعالى في موضع آخر ((وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47) )) ( الأنبياء: 47 )
أخي الحبيب لا تتهاون في هذا الأمر فالعمل البسيط الصالح ربما يزن عند الله يوم القيامة الكثير والذنب الصغير في نظرك ربما يزن الكثير أيضا فقد قال النبي e (( إنَّ الرجل ليتكلمُ بالكلمة مِنْ رضوانِ الله تعالى ما يظنُّ أن تبلغَ ما بلغتْ ، فيكُتبُ الله بها رضوانهُ إلى يوم القيامةِ ، وإنَّ الرجلَ ليتكلمُ بالكلمةِ من سخطِ الله تعالى ما يظنُّ أنْ تبلغَ ما بلغتْ ، فيكتبُ الله عليه بها سخطهُ إلى يوم القيامة ))
وقال e (( لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق ))
وليكن قدوتنا في ذلك صاحب النبي e أنس بن مالك حينما كان يكلم التابعين قائلا لهم "إنكم لتعملون أعمالاً هم أدق في أعينكم من الشعر إن كنا لنعدّها على عهد رسول الله e من الموبقات".
وأخيرا أيها الحبيب السؤال الذي تعودنا عليه ... وماذا بعد الكلام ؟؟؟
سأخبرك الآن بما يثقل ميزانك يوم القيامة
إن كل أعمال البر والطاعة تثقل في الميزان وتجعل كفة الحسنات راجحة على كفة السيئات ولكن هناك أشياء تجعل كفة الحسنات أثقل ما يكون.
* قال صلى الله عليه وسلم: (( ما من شيء أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من حُسن الخُلق ، وإن الله يُبغض الفاحش البذيَّ ))
* وقال صلى الله عليه وسلم (( الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد لله تملأن ما بين السماء والأرض ... ))
* وقال صلى الله عليه وسلم: (( كلمتان خفيفيتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ))
* قال صلى الله عليه وسلم: ((من احتبس فرساً في سبيل الله إيماناً بالله وتصديقاً بوعده كان شبعه وريُّه وروثه وبوله حسنات في ميزانه يوم القيامة ))
وأيضا من أجل الأعمال التي تثقل الميزان يوم القيامة: الدعوة إلى الله لأنك تأتي يوم القيامة بصحيفتك وصحيفة من كنت سببا في هدايته وعودته إلى طريق الله فكل ما فعله من خير كنت أنت سببا فيه يكتب لك كما يكتب له تماما لذلك لك أن تتخيل ميزان أبي بكر t كيف سيكون وهو الذي أتى للنبي e بخمسة أو بستة من العشرة المبشرين بالجنة ؟؟؟
أخي الحبيب
فلنبدأ معا في ملئ موازيننا في الدنيا حتى نكون من السعداء يوم القيامة
وإلى لقاء قريب إن شاء الله تعالى
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته