صهيل يحاصرني الجفافُ المستبُّد كلعنةٍ حطَّتْ على رمل القوافي، والترابُ أخاله مثل الفقيرِ ينام مستسلماً للموت، لا أمل يدغدغ حلمَه والخبز أبعد من يديه، والمدى عَبَثٌ رؤاهُ. نائمٌ وأظنني في الكهف أفْتَرِشُ الثرى، وكَفِتْيَةِ الكهفِ الرقيمِ أُصَاحبُ الدهرَ المديدَ، وسلَّتي أكل الزمانُ ثمارَها نَقْدِي قديمٌ ليس ينفع صرفُه، لغتي جنونٌ والحروفُ كؤوسُه هذيانًه المعتادُ، والقمرُ البعيدُ فهل قهرا طويتُ صحائفي، أم لذت طوعا بالكرى الخلاق؟ هل كانت ككبوة فارسٍ قبل الصهيل غداً ليملأ بالنشيد مسامع الآفاق هل فرح البياضُ للحظة عَبَرَتْ بزهد اطيافِ المداد وقحطِ أزمنةٍ عجاف، أو سنابل خاويات، كلحظة اللاحب واللاموت والجدل العقيم. قد يئِّنُ الشِعْرُ شوقاً أو يخون الحبر عهدةَ الأوراق أو يَهِيمُ القلبُ من عشقٍ قديم في براري التيه والليل البهيم وقد لا يسترد الزهر رونقه وقد يغتالني حرفٌ يصبُّ خمرتَه العجيبة بأقداح الفصاحة خلسة، وأعبّها في لهفة المشتاق مأخوذا بطعم رضابها فتَسدُّ نافذةَ العواصفِ عنوةً وتُخبّئ الإصباحَ في جيب الدجى لا الشمس تبعث دفئها الصيفي عطفاً ولا هي تغرس الآمالَ في البسمات. قد لا تنجلي أسرارُ صمتي كلُّها فالقلب أكبر من سكونِ مسائه والحبرُ أغنى من رؤى العشاق.