كن نفسك.. تكن سعيداً..صرخة استيقاظ الـ - أنا

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : محمد صلاح الدين | المصدر : www.facebook.com

يُحكى أن أنثى نمر حاملاً قفزت قفزة واسعة فوق بحيرة كبيرة، بحثا عن طعام على الشط الآخر، لتجد نفسها بين قطيع من النعاج.

ومن فرط التعب وضعت وليدها ثم لفظت أنفاسها الأخيرة.

أحست النعاج بحنان نحو المخلوق الصغير الضعيف، فأخذت بعض أنثاها ترضعه مع صغارها وترعاه. ونشأ النمر

الصغير وله جسد نحيل مثل النعاج ويقلدها فى كل شىء.
كبر النمر قليلا وهو لا يلاحظ أبدا أنه مختلف عن النعاج...
++ وفى ليلة من الليالى هجم على الوادى نمر كبير، ففرت كل النعاج هلعا، إلا «النمر الصغير» وقف وحده فى مكانه.

++رآه النمر الكبير وقال وهو لا يصدق عينيه: «نمر ذكر بين النعاج!!!» وتزداد دهشته وهو يراه يمضغ العشب

ويصيح بصوت ضعيف مثلها!!!! فسأله بصوت مرعب: «ماذا تفعل هنا بين النعاج؟» فلم يرد عليه النمر الصغير إلا

بصوت أكثر ضعفا، ليزداد حنق النمر الكبير ويمسك برقبته ويجذبه إلى بحيرة كبيرة، ويقول له بحدة: انظر إلى

صورتك، أنت لا تشبه النعاج، أنت تشبهنى أنا لأنك نمر مثلى». وكان القمر ليلتها فى كماله، فظل النمر الصغير

ينظر إلى صورته على سطح الماء فترة من الوقت فى ذهول، ثم بدأ يتسلل إلى كيانه إحساس بعدم الراحة يزداد

ويزداد إلى أن انطلقت منه صرخة زئيرمدوية... هنا تنفس النمر الكبير الصعداء وأخذه معه ليقدم له قطعة من

اللحم تبقت من وليمة قديمة، ليلتهمها النمر الصغير منتعشا».

**************************
هل نسمع صرخة الـ «أنا»؟ ****************************

هذه قصة رمزية من التراث الهندى القديم تُحكى بتنوعات كثيرة كلها للتذكرة بأن كثيرين من البشر يقضون عمرهم

كله وهم لا يعرفون «أنفسهم» الحقيقية، مثل هذا النمر الصغير§§+ يعيشون حياة الآخرين +§§ كما رسموها لهم

وفق خطوط ثابتة ومحددة لـ «النجاح، و «الصواب»، ..ماذا يعتقدون، وماذا يقولون، وماذا يرتدون؟ وما هى الأولويات

فى الحياة؟، وما هو مهم أو غير مهم؟.... مثل النمر الصغير تمضى بهم الأيام وهم §§«يقلدون» §§ كل شىء من الخارج.

كثيرون منا لا يخطر على بالهم أن يتوقفوا برهة ليتساءلوا: §§ هل نحن نعيش الحياة التى نرنو إليها فى

أعماقنا§§?.. أم نعيش «الصورة» التى تحددت لنا مسبقا من خلال من حولنا؟ هل أفكارنا.. معتقداتنا .. تصرفاتنا .. أحلامنا هى نتاج ما هو فى أعماقنا فعلا .. أم هى لآخرين صاغوها لنا .. وصاغونا فى إطارها؟

+++++++++++++++++++كيف نعرف الحقيقة؟++++++++++++++++++
+++

يشرح لنا علم النفس الروحى قصة «أنفسنا» الحقيقية من جذورها فيقول إن النفس الأصلية فينا جميعا هى

نفخة ربانية عبرت عن نفسها فى كل إنسان من خلال مواصفات، وإمكانيات، وميول شديدة الخصوصية والتفرد مثل

بصمة الأصابع، منحت له لترشده إلى نوع الحياة التى يكون فيها سعيدا ومتحققا. أما حين يهملها أو تحيل الظروف

بينه وبين اكتشافها فهو يبتعد تدريجيا وتبتعد عن نفسه الحقيقية، وبالتالى يفقد الإحساس العميق والصادق

بوجود§§ هدف أصيل يعيش من أجله§§...،

وهذا هو أصل§§ المعاناة الإنسانية§§ على تنوع مظاهرها....

فكل شخص يلهث ويلهث لتحقيق «الصورة» المطلوبة منه وفقا للمعيار الذى §§*رسمه الآخرون له*§§: الأسرة،

ثم المدرسة، ثم المجتمع، أو حتى العالم ككل...

فهو يكد مثلا ليحقق «النجاح» كما «استعار» مواصفاته من مقاييس خارجية مجهزة، و»معلبة» ودون أن يتواصل مع

ما§§** داخله**§§ من تفرد وتطلع واستعداد، ومواهب، فكأنه صار شخصا آخر، مجرد فرد فى قطيع، لا إنسان متفرد.

ومن المؤكد أن يشعر الشخص بجراح وألم وغربة وحزن، وإحباط حين يبتعد عن «أناه» ، ولكن لأنه غالبا لا يعرف

السبب الحقيقى وراء معاناته فهو يبتعد أكثر وأكثرعن نفسه الحقيقية، فبدلا من أن تدفعه معاناته للبحث عنها

§ بداخله§ كما النمر الصغير الذى كان الشعور بعدم الراحة مقدمة لـ «صرخة» الأنا فإنه على العكس يداوى جراحه

بمسكنات وهمية مثل §§ الإفراط فى الطعام أو المظهر الخارجى، أوالمال أو الجنس، أو الشهرة، أو السلطة §§أو

أو أو... يظنها ستجلب له السعادة،

++ ولا يكتشف أنها ما كانت إلا مسكنات إلا بعد أن يضيع من العمر أزهره....

وربما يثور الإنسان ويتمرد على ما هو مفروض عليه، لكنه دون أن يدرى أيضا ينجذب إلى «صورة» أخرى مخالفة بحثا عن السعادة المفقودة، ولا يجدها لأنها §§+لا تزرع إلا على أرض الحقيقة+§§.. لا الوهم.

++++++++++++++++++++كيف نصل إلى السعادة؟++++++++++++++++++
+

يقول كثير من العلماء فى هذا المجال إن الإنسان «السعيد» بالمعنى العميق للكلمة هو الإنسان «المتحقق» أى

الذى استطاع أن يكتشف قدراته التى منحها له الله، وينميها. وباستثمارها عمليا يكتشف له دورا فى الحياة يسعده على مستوى عميق لأن هذا الدور يحتوى أيضا على خدمة من حوله بصورة ما.

فحدوث توافق بين صوت الأنا داخله، وأن يكون نافعا يصاحبه إحساس بالبهجة والسعادة والرضا، يزرع فى نسيج

الروح، ولا يقتلعه أى شىء *من الخارج*.

التحقق بهذا المعنى ليس مشروطا بمظهر خارجى من الثراء مثلا أو المركز الاجتماعى، ...

وإنما الفرق بين النجاح الحقيقى و»الإنجاز» الصورى هو فى حال الإنسان نفسه حين تكون حياته ممارسة للأخذ

من الجميع والعطاء للجميع بصدق ومحبة. و «الدور» الذى يشعر الإنسان بالتحقق والسعادة قد يكون كبيرا جدا

مثل ما فعله معلمو البشرية فى كل زمان، أو العلماء الذين أفاد علمهم جموع البشر، وقد يكون صغيرا جدا ظاهرا

مثل§§ إطعام قطة أو إغاثة ملهوف§§... لكن المشترك بينها جميعا هو أن كل شخص فى مجاله كان§§ «نفسه» ولم يكون «صورة»§§.

** علامة أن يكون الشخص نفسه هى أن عمله يخلو تماما من الزهو أو الغرور أو التكبرأو الرياء أو الإدعاء. وعلامة «الصورة» هى أنه يتسم بكل تلك الصفات.

ولكن هل نستطيع وحدنا أن نصل إلى ذلك النوع من النجاح؟ لقد رأينا أن النمر الصغير ما كان ليتعرف على نفسه

إلا حين أخذ النمر الكبير بيده، وجعله يكتشف نفسه، ويخرج منه صوته الحقيقى. يقول خبراء النفس إن قليلين هم

من يكتشفون أنفسهم الحقيقية ، ومثال على ذلك أنبياء ورسل الله، والحكماء ومعلمو البشرية منذ القدم والآن.

فهم رفضوا مبكرا الأفكار والتقاليد السائدة، وبحثوا عن حقيقة الأشياء، ووصلوا لأنفسهم الحقيقية §بصدقهم§ ++++++++++ورغم
أننا عامة البشر لسنا أنبياء ولا حكماء إلا أن كل شخص يستطيع أن يصل لنفسه الحقيقية إذا أراد بصدق ذلك.

و تذكر

** أن يكون كل شخص نفسه هو أن ينمى قدراته التى منحها الله له ويستثمرها فى عمل يسعده ويخدم من حوله.

**الانصياع الأعمى للآخرين، أوالتمرد والثورة دون رؤية صادقة وهدف واضح، وجهان لعملة واحدة، فكلاهما يأخذ الإنسان بعيدا عن نفسه الحقيقية.

**من علامات «النفس الحقيقية» أن سعادتها تأتى من الداخل ولا يستطيع أن يسلبها أى عامل خارجي سلبها**.