خطاب النار

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : عصام شعبان | المصدر : www.arabicpoems.com

خِطابُ النّار

شِــلـْـوٌ يَصِـيْـحُ وَرَأسٌ مُـفـْـعَــمٌ بِــدَمِ
هَذا لـَعَـمْري حَـدِيْـثُ الـنـّارِ لا القـَلـَمِ
لَمْ يُشْبِعِ الغـُوْلَ فـَيْضَاً مِنْ جَـماجِمِهِمْ
حَتـَّى اسْـتـَفاضَ تُرابُ القُدْسِ بالحِمَمِ
وَغـَزَّةَ الـيَـوْمَ لـَمْ أدْرِ هَـلِ انـْـبَـعـَثـَتْ
أَهْـلُ القـُبـورِ بِهـا سَعـْـياً لـَدى الحَرَمِ
أَمْ صَوَّتَ الجِـنُّ عَـزْفاً مِنْ حَناجِرِهِم
لـَحْـنَ الخَـرابِ بِلا نـُـطـْـقٍ ولا كـَلـِمِ
لا يَعْلََمُ الوَصْفُ هَلْ في غَـيْمِهِمْ مَطَرٌ
مِـنَ الصَّـواعِـقِ أمْ مِـنْ وابـِـلٍ رَجـِـمِ
سَــمـاءُ غـَــزَّةَ لا بَــرْقٌ بِـهــا وَهـِـجٌ
بَـلْ نـارُ "هِـتـْلـرَ" كَالعِقْبانِِ في الأَكَمِ
ما هَـذِهِ الشُّهْـبُ مِنْ أَفـْـلاكِها هَـبَطَتْ
وَلا النَّيازِكُ غَيْثٌ في "القِطاعِ "هَمي
لـَكـِنـَّهـا الحَـرْبُ والعُــدْوانُ قـائـِـدُهـا
مِنْ كـُلِّ صَوْبٍ وَوَجْـهٍ قَدْ أَتاكَ كـَمي
فَاَصْدَقُ القـَولِ في الهَيْجاءِ ما نَطَقـَتْ
بِـهِ السُّـيـوفُ وَلـَيْسَـتْ عُـصْبـََةُ الأُمَمِِ
عَلا الـدُّخـانُ فـلا وَجْـهُ السَّــمـاءِ بـدا
وَأَوْمَضَ البَرْقُ مِنْ إعْـصارِ مُنـْـتـَقـِمِ
وَاَمْطَروا الأَرْضَ بالأَحْقادِ فامْتَزَجَتْ
نـارُ السَّـمـُومِ بِهـا في خـالِصِ الـدِّيَـمِ
هَـوْلٌ يُشِـيْـبُ رُؤوسـاً كـَالغُـدافِ فَما
بالُ الرُّؤوسِ الّتي جُزَّتْ عَنِ الهـِمَـمِ
فـاعْـجَـبْ لـِواقِعَةٍ في العُـرْبِ داهـِيَةٍ
بالـنـِّـيـْـلِ مَوْلِـدُها في العُرْبِ والعَجَمِ
عشْرونَ يَوْماً وَفاهُ العُـرْبِ ما فـُتِحَتْ
يَــكـَـادُ غَــدْرَهُـمُ يَـرْبـو عَلى القـِـمَـمِ
عِشْرونَ يَوْماً مِنَ التـَّذْبِيْحِ ماخْتَـلَجَتْ
شِـفـَاهُ فـِرْعَـونَ خَـلـْفَ النـِّيـْلِ بالتـُّهَمِ
عِشْرونَ يَوماً وَيَوماً بَـعْـدَها نَـطَـقـَتْ
شِـفـَاهُ فـِرْعَـونَ لا حُـزْناً عَلى الرَّحِمِ
مـاذا أقـُولُ لـِفـِرْعَـوْنٍ وَصاحِـبهِ "الـْـ
ـغـَيْطِ" العَـمِيْـلِ سِـوى قَولي لَهُ اسْتَقِمِ
وَفــي الــجَــزِيْــرَةِ آراءٌ مُــشَــتـَّـتـَـةٌ
إلاّ اتـّـَهَــمْــتَ فـَـمــا بَــرَّأتَ لـلـذِّمَـمِ
كـَـأَنـّـَما الـرَّأيُ بَـعْـدَ العَـزْمِ مَـبْـعَـثـُهُ
لا صَحْـوَ عِنـْدي ولا سُكـْرى بُعَيْدَ دَمي
*** ***
يـا آمِـنـِيـْـنَ وَراءَ الـنـِّـيْـلِ فـي دِعَــةٍ
وَخـائِضِيـْـنَ عَنِ الهَـيْـجـاءِ في نِـعَـمِ
فـَـهَــذِهِ الـنـَّارُ لـمْ تـَرْع لـَكـُـمْ ذِمـَـمـاً
كـَما رَعَـيْـتـُمْ ذِمامَ الغَـدْرِ في الشَّرَمِ
إنْ كانَ رائِـحَـةـُ الأَجْسـادِ فـي رَفـَحٍ
لـَمْ يـُوقـِظِ الشَّـرْقَ مِنْ إغْـفاءَةِ الحُلُمِ

ولا لـَهِــيْـبٌ مِنَ الأَشْـلاءِ يَـتـْـبَعُـهــا
فـَـتــْحُ المَعـابـِرِ أَوْ إنـْقـَاذُ ذي سَـقـَـمِ
أتـاكـُمُ الـلـّهُ سَيْـلاً خَـلـْفَ مَعْـبَـرِكــُمْ
يُهَدِّمُ الصَّخْرَ مِثـْلَ السَّـيْـلِ في عَـرَمِ
ما أَعْجَبَ الـيَوْمَ قـَومي لـَيـْسَ بَيْـنَهـمُ
مِـنَ الـمَـوَدَّةِ مِـعْــشـاراً مِـنَ الـنـَّـقـَـمِ
وَحُـبُّ صُهْـيـونَ يَجْـري في دِماءِهُمُ
يَكادُ يَسْمـو على الأَعْـرافِ والـقـِـيَـمِ
مُـقـَدَّّمٌ ذِكـْـرُ "لِـفـْـني" في مَحافـِلـِهِـمْ
كـَـمـا يُـقـَدَّمُ ذِكـْـرُ الـلـَّهِ فـي الحـِكـَـمِ
فِداكَ يا وطـَني نـَفـْسي وَفـَيْضُ دَمي
فـَإنـّـَكَ الحُـلـْمُ لا أُقـْصِيْتَ مِـنْ حُـلـُمِ
يا أَيَّهـا الوَطـَنُ السّامي عََنِ الأَلـَمِ الـ
ـمَحْـنـِيُّ لـلهـِمَـمِ الـمَغـْدورُ في القـِدَمِ
يا أيُّها الوَطَنُ المَطـْعونُ في غـَدِهِ الـ
ـمَسْـلـوبُ آجـِـلـُهُ مِنْ حِـقـْـبَـةِ السَّـلـَمِ
مـا كــانَ أَجْـدَرُهُ لـَولا تـَبَـعْــثـُـرُهُ !!
والحَـقُّ يَنـْصُـرُهُ مِـنْ رِفـْعَـةِ الـعَـلـَمِ
هَلْ كانَ يَحْيى ويَرضَى بالعُلى بَـدَلاً
مِـنَ الـمَـذَلـَّةِ أَمْ بـالـعـارِ والـعَــدَمِ ؟!
أقْصى مُنايَ إذا ما عِـشْـتَ يا وَطَني
لـلهـامِ مُنـْتـَصِـباً تـَعْـلـو عَـلى الأُمَمِ
هَـذَا لأَشْهى مِـنَ الـفـِرْدَوْسِ مَنـْزِلَـةً
وَمِـنْ نـَعِـيْـمِ جِـنـانِ الخُـلـْدِ والـنِّـعَـمِ