ترددت كثيرا قبل أن أخوض فى هذه القضية الشائكة.. حاولت أن أرجئ المناقشة لحين الانتهاء من كأس الأمم الإفريقية.. لكنني فى النهاية رفضت أن أدفن رأسى فى الرمال كالنعام.. وقررت أن أفتش عن إجابة لسؤال طرحه تصريح أثار الجدل للكابتن حسن شحاتة المدير الفنى لمنتخب مصر وتناقلته وكالات الأنباء والمواقع العالمية حول رفضه ضم أى لاعب غير ملتزم أخلاقيا.. لست هنا بصدد مناقشة ما الذى كان يقصده حسن شحاتة.. وهل تحدث عن اختياره للاعبين من خلال معايير دينية من عدمه.. ولكننى أتحدث عن التفسيرات التى طرحتها وسائل الإعلام العالمية التى ربطت بين لقب منتخب الساجدين وغياب مسيحيى مصر عن تمثيل منتخب بلادهم. وإذا كانت وسائل الإعلام العالمية قد هاجمت حسن شحاتة المدير الفنى للمنتخب المصرى وزعمت أن الرجل يمارس التمييز العرقى ويدلي بتصريحات تحض علي الطائفية.. رغم أن المدير الفنى لمنتخب مصر (أطيب) من أن يقوم بهذه التصرفات الشيطانية فإن ثمة تفاصيل مهمة تجب مناقشتها وطرحها علي مائدة الحوار دون خوف بشأن هذا الأمر الشائك.. ودعونا نطرح السؤال: هل المسيحيون محرومون من تمثيل منتخب مصر؟ لا يمكن أن نختزل الإجابة فى كلمة نعم.. أو لا، ذلك لأن الوصول إلى إحدي الكلمتين يحتم علينا فتح الملف من قاعدة هرم البيانات.. إذ إن اختيار منتخب أى دولة يتم من خلال قاعدة الأندية المحلية وقاعدة اللاعبين المحترفين بالخارج لدى نفس هذه الدولة.. ودعك من الأخير لأنه لا يوجد لاعب مصرى مسيحى بارز محترف بالخارج. تفحصت قوائم أندية الدورى الممتاز المصرى.. أهم قاعدة يتم على أساسها اختيار اللاعبين الدوليين في مصر وفوجئت بغياب مذهل للاعبين المسيحيين المصريين عن أندية كبيرة مثل الأهلى والزمالك والإسماعيلى والمقاولون والاتحاد وإنبى وبتروجت والمصرى والمنصورة وحرس الحدود وطلائع الجيش وغزل المحلة والجونة.. وكان الاستثناء الوحيد للاعب ناصر فاروق حارس مرمى بترول أسيوط. هذه النتيجة المذهلة دفعتنى لطرح التساؤل عن هذا الغياب المثير للدهشة.. ومن غير المنطقى أن نعزو الأمر إلى مزاعم لا سند لها من الواقع تدعى أن هناك حالة اضطهاد جماعي للمسيحيين المصريين فى الأندية التي تلعب بالدوري الممتاز. هذا الغياب الغريب لا يتسق مع العشق الجارف لكل المصريين مسلمين ومسيحيين لكرة القدم، وأعلم أن كثيرا من الإخوة المسيحيين يتمنون الانضمام لأي ناد، ويحلمون بالاحتراف أو ارتداء قميص الأهلي أو الزمالك باعتبارهما الأكثر شعبية.. لكن هذا الحلم لا يتحول أبداً إلي حقيقة.. ويكفي أن أشير إلي أن آخر لاعب مسيحي انضم للنادي الأهلي كان النجم الكبير وأبرز لاعب في مركزه علي مر عصور الكرة المصرية هاني رمزي، وأتذكر أن آخر لاعب مسيحي ارتدي قميص الزمالك هو أشرف يوسف الظهير الأيسر.. وكلا اللاعبين هاني رمزي وأشرف يوسف شرفا بتمثيل مصر وارتداء قميص المنتخب، ولم يبخسهما أحد هذا الحق الذي يحظي به كل من يحمل الجنسية المصرية. والحقيقة التي ينبغي أن نتوقف عندها.. أن هناك حالة من العزلة الغريبة للإخوة المسيحيين عن بعض المجالات.. من ضمنها كرة القدم.. ولا يخفي علي أحد أن المسيحيين المصريين يحتاجون إلي تشجيع أكبر للمشاركة في الحياة السياسية ومباشرة حقوقهم المكفولة في الترشح للانتخابات التشريعية في المجالس النيابية، كذلك يجب أن يكون هناك تشجيع أكبر علي خوض تجربة احتراف كرة القدم بشكل خاص واللعبات الرياضية الأخرى بشكل عام، باعتبار أن ذلك السلوك أحد أبرز وسائل إرساء مفهوم المواطنة. أسوار العزلة يجب أن تهدم.. وإذا كانت الكنيسة المصرية توفر أنشطة رياضية ترفيهية رائعة لرعاياها، فإن هذا النشاط يجب أن يكون نقطة انطلاق نحو الانضمام للأندية، ولا يتحول إلي هدف في حد ذاته.. ولا أكون مبالغا إذا قلت إن انخراط المسيحيين في المجال الرياضي سيكون له أبلغ الأثر في إخماد كثير من محاولات الفتنة التي تسعي لزرعها أصابع خبيثة تستهدف هذا الوطن. ومثلما أطلب من الإخوة المسيحيين هدم الجدار العازل عن الحياة السياسية والرياضية.. أطالب أيضاً الأندية المصرية بمتابعة الأنشطة الرياضية الجميلة التي ترعاها الكنيسة المصرية، وأبرزها دوري الكنائس الذي يمكن بالتأكيد أن يكون له دور في إزاحة الستار عن مواهب جديدة في الكرة المصرية. بقي أن أشير إلي أمر مهم وهو أن تسمية منتخب الساجدين لا تعني أن منتخب مصر للمسلمين فقط.. فنسيح الأمة المصرية بمسلميها ومسيحييها مؤمنون بالله ويسجدون له ويقدسونه.. وأتمني أن أري قريبا لاعبا مسيحيا مثل هاني رمزي ضمن منتخب مصر في مونديال