السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إخوانى وأخواتى فى الله الكرام تعلوا بنا نكمل الإبحار فى سيرة الطاهرة رضى الله عنها وأرضاها كان إيذاء المشركين للموحدين يزداد يوماً بعد يوم فأذن النبي صلى الله علية وسلم لأصحابة بالهجرة إلى الحبشة وكان رسول الله صلى الله علية وسلم يعلم أن أصحمة النجاشي ملك الحبشة ملك عادل لايُظلم عنده أحد فأمر المسلمين أن يهاجروا على الحبشة فراراً بدينهم من الفتن . وفى رجب سنة خمس من النبوة هاجر أول فوج من الصحابة إلى الحبشة وكان الفوج مكون من إثنى عشر رجلاً وأربع نسوة ورئيسهم عثمان بن عفان ومعه زوجته السيدة رقية بنت رسول الله صلى الله علية وسلم وقد قال عنهم النبي صلى الله علية وسلم : أنهما أول بيت هاجر فى سبيل الله بعد إبراهيم ولوط عليهما السلام . رواه الطبرانى فى الكبير . ووقفت أمنا خديجة – رضى الله عنها – ودموعها تقطر على وجنتيها ولكنها مع كل هذا تصبر وتحتسب لأنها كانت تتمنى من أعماق قلبها أن تضحى بكل شيء فى سبيل نصرة هذا الدين العظيم مهما كان الثمن . فكل شيء يهون ما دام فى طلب مرضاه الله . ولما رأت قريشاً أصحاب رسول الله صلى الله علية وسلم قد نزلوا بلداً أصابوا فيه أمناً وقراراً وان النجاشي قد منع من لجأ إليهم منهم وأن عمر بن الخطاب قد أسلم وكان رجلاً ذا شكيمة فامتنع واحتمى به أصحاب رسول الله وكذلك بحمزة فاجتمعت قريشاً واتفق رايهم على قتل رسول الله صلى الله علية سلم وعرضوا على قومه أن يدفعوا لهم دية مضاعفة ويقتله رجل من غير قريش فرفض بنو هاشم وظاهرهم بنو عبد المطلب بن عبد مناف . ولما أدركت قريشاً أن قوم رسول الله صلى الله علية وسلم سيمنعونه من آذانهم اجتمع المشركون من قريش على منابذتهم واخراجهم من مكة على الشعب واجمعوا ان يكتبوا كتاباً يتعاقدون فيه على بنى هاشم وبني عبد المطلب على أن لا ُينكحوهم ولا ينكحوا إليهم ولا يبيعوهم شيئاً ولا يبتاعوا منهم ولا يقبلوا منهم صلحاً ولا تأخذهم بهم رافة حتى يسلموا رسول الله صلى الله علية وسلم للقتل . وكتبوا صحيفتهم وتعاهدوا وتعاقدوا على ذلك ثم علقوا الصحيفة فى جوف الكعبة وقطعوا عنهم الأسواق ولم يتركوا طعاماً إلا بادروا إليه واشتروه دونهم ولما حدث ذلك انحازت بنو هاشم وبنو عبد المطلب إلى أبى طالب فدخلوا معه فى شعبة . المؤمن منهم دخل الشعب نصره لدينة والكافر منهم دخل حمية وتعصب لقومه . بينما على النقيض تماماً خرج عن بنى هاشم أبو لهب إلى قريش يساعدهم ويساندهم . واشتد الحصار فلم يكن المشركون يتركون طعاماً يدخل مكة إليهم ابداً الا و اشتروه حتى لا يصل الى القوم المحاصرين ,حتى أن أصوات النساء والصبيان المتضورون جوعاً كانت تخرج من خلف الشعب . فقد كان لا يصل إليهم شيئاً إلا سراً وكانوا لا يخرجون من الشعب إلا فى الأشهر الحرم . وفى هذة الأيام العصيبة كان أبو طالب يخاف على رسول الله صلى الله علية وسلم فكان إذا أخذ الناس مضاجعهم يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضطجع على غير فراشه وأمر أحد بنيه أو أخوانه أو بنى عمه أن يضطجع على فراش رسول الله . وكان على الرغم من هذة العيشة الصعبة المستحيلة كان رسول الله صلى الله علية وسلم يخرجون فى ايام الموسم فيلقون الناس ويدعونهم إلى الإسلام . واستمر الحصار على أن حدثت القصة المشهورة التى نعرفها كلنا من تسليط الله عز وجل الأرضة لتاكل الصحيفة كلها إلا لفظ الله عز وجل فعاد بنو هاشم وبنو عبد لمطلب إلى مكة . وظلت الطاهرة امنا خدية رضوان الله عليها من وراء رسول الله صلى الله علية وسلم تشد أزره وتشاركه فى حمل الأذى من قومه بنفس راضية صابرة محتسبة حتى قضى الله عز وجل قضاءه فى هذة المقاطعة الظالمة المريرة التى مكثت سيفاً مصلتاً على أعناق المحاصرين المؤمنين . إنتهى الحصار وخرجت الطاهرة خديجة أم المؤمنين – رضى الله عنها – من الحصار ظافرة بثمرة صبرها لتتابع مع رسول الله صلى الله علية وسلم سيرها فى الحياة كزوجة أمينة مستظلة بظل الوفاء وصدق الإيمان وحسن الصبر . انتهى إلى هذا الحد النص المنقول بتصرف من كتاب صحابيات حول الرسول صلى الله علية وسلم للشيخ محمود المصري حفظه الله ورعاه . ولكن هذا النص فعلاً به مشاهد رائعة حقاً ومنها . للحق دوماً اعداء من أصحاب الباطل يكرهون ظهوره ويكرهون أهله ويحاولون النيل من اهل الحق فى كل زمان ومكان . و أعداء الحق لا يأبهون مطلقاً بصرخات اطفالنا الجائعين ولا بأنين المصابين والجرحى من الشيوخ والأطفال والنساء أعداء الحق ينظرون إلى أشلاء المؤمنين المتناثرة فى الشوارع والأسواق وكانها لوحات فنية رائعة مرسومة بالألوان الحمراء الدامية . قام كفار قريش بحصار المسلمين فى الشعب حقداً وكراهية للإسلام حاصروهم ومنعوا عنهم المؤونة والطعام ليموتوا جوعاً ولم تفلح صرخات النساء والأطفال المتضورة جوعاً لم تفلح فى استرقاق قلوب الكفار . ولكن المسلمين صبروا وأصروا على التمسك بالحق . واستعذبوا العذاب وعاشوا فى نعيم روحى بالرغم من الجوع هل تدرون لماذا ؟؟؟؟؟ هم كانوا لا يضعون الدنيا فى حساباتهم مطلقاً . هم كانوا يعيشون فى الدنيا ولكن بقلوب لا ترى إلا الأخرة . والعجيب فى الأمر هو انضمام بنو هاشم وبنو عبد المطلب الى الشعب مع المسلمين وهذا معناه أن هناك أناس قد لا يدينون بديننا الا انهم قد يقفوا الى جوار الحق ليس بدافع الأيمان و انما بدافع الحمية وربما إعجاب بثبات أهل الحق على دينهم . وبالتالى يتضح أن الثبات على الحق والتمسك به والالتزام بما جاء فيه هو أقوى اسلحة المؤمنين فعلاً بعد نصره رب العالمين عز وجل . و إلأعجب من هذا فعلاً أن المسلمون اثناء هذا الحصار الرهيب وهذة الأحوال الشديدة التى كانوا يتعرضون لها لم ينسوا أنهم انما خلقهم الله عز وجل لأداء رسالة ولن يتنازلوا عن حمل رسالة الدعوة إلى الله لحظة حتى أثناء الحصار . إن هذا الموقف يخجلنى كثيراً فعلاً وأنا على يقين أن هذا الموقف يخجل الكثيرين غيرى . نعم تعالوا نسأل أنفسنا سؤال ماذا قدمنا نحن لدين الله عز وجل ماذا فعلنا لترتفع رايه لا إله إلا الله محمداً رسول الله وارجوكم لا يذكر أحدكم الحكام فالحكام اليوم لا يفعلوا بنا مثل كفار قريش بالمسلمين لما حاصروهم نعم الحكام مقصرون ولكنهم ليسوا هم السبب وراء هذا الخذلان الذى نعيشة بل هم ليسوا هم السبب الوحيد . نحن لابد وأن نعترف أننا اليوم نعيش أزمة اقتصادية طاحنة ولكن هذة الأزمة ليست هى السبب صدقونى فمهما بلغت أزمتنا الاقتصادية اليوم فلسنا فى مثل ظروف المسلمون وهم محاصرون فى الشعب بمكة , أطفالهم ونساؤهم يصرخون ومع هذا لم يتوقف المسلمون رغم الحصار عن الدعوة إلى الله عز وجل كانوا يقابلون الوفود الأتية لمكة ويدعونهم إلى الله عز وجل ومن عجب العجاب فعلاً هو أن المسلمون لم يكن عندهم إنهزام نفسي إذ أنهم كانوا يدعون إلى الله وهم فى حالتهم هذة والاحرى بل المنطق اننى إذا اردت أن أدعو شخصاً ما إلى المذاكرة بجد مثلاً فأننى سأقول له استذكر دروسك جيداً حتى تصبح طبيباً مثل الطبيب الفلانى أو المهندس الفلانى . وانا لست أدرى ماذا كانوا يقولون فى دعوتهم لهؤلاء القوم . أى قوة هذة التى كانوا يتمتعون بها . أى إيمان اى عزيمة أى ثبات وكانت نتيجة هذا الثبات أنة نزلت نصرة رب العالمين ومما تعجب منه فعلاً هو كيف تكون النصرة من رب العالمين إن النصرة قد جاءتهم عن طريق الأرضة وهى دابة صغيرة الحجم حقيرة الشأن ولكنها من جنود الله عز وجل . والله قادر على تسخير الكون كله فى صالح الموحدين ولكنها مشيئة الله أن يمحص عباده الصالحين . إذا ليس علينا أن نسأل كيف ستكون النصرة من الله عز وجل ولعلها ستكون بسبب شيء لا يخطر لنا على بال . ولكن الذى علينا فعلاً أن نعبد ربنا وندعو إلى دين الإسلام وننصح أخواتنا ونعيش قدر المستطاع على النهج النبوى الشريف ونهج صحابة رسول الله صلى علية وسلم ولأننى أطلت فأنا أعتذر وساتوقف الأن على أن انتظركم على الرابط التالى