إذا أردنا التعليق علي الأزمة الحالية بين طرفي ميزان العدالة (القضاة والمحامين), فسيقودنا الحديث إلي الملاحظات الآتية..
أولا ـ علينا أن نتفق جميعا علي أن إلغاء أي حكم قضائي, أو التخفيف منه, لا يجوز عن طريق التفاوض, بل من خلال الاحتكام للقانون والقضاء.. حتي لا يكون ذلك بابا يمكن أن يلجأ إليه أي شخص شعر بالظلم من حكم ما, فيلجأ إلي النقابة التي ينتمي إليها ويستعين بأنصارها, لوقف تنفيذ الحكم.. وهنا ستسود الفوضي ونكون قد فتحنا علي أنفسنا ( نار جهنم).. ثانيا ـ ما حدث خلال الأيام الماضية يثبت مما لا يدع مجالا للشك وجود حالة من الاحتقان والتربص بين الطرفين منذ فترة ليست بالقليلة ولكنها انفجرت هذه الأيام, وهو ما يؤكده بعض القضاة والمحامين, حيث إن أحد القضاة أشار إلي أنها ليست المرة الأولي تحدث فيها مضايقات من جانب المحامين بحق وكلاء النائب العام, بل إنها أصبحت ظاهرة شبه أسبوعية. وهو مايعد غير مقبول إذا أردنا الحديث عن هيبة القضاء. علي الجانب الآخر ووفقا لروايات المحامين, تجد أن تصرفات بعض وكلاء النيابة حديثي السن, وليست لديهم الخبرة الكافية في التعامل, يتسرب إليهم إحساس بالسلطة قد يدفعهم إلي التعنت والاستكبار مع المحامين حديثي السن أيضا. ثالثا ـ الحل المؤقت للأزمة يكمن في اتخاذ عدة إجراءات, أولها منع نشر ما يحدث حاليا في الكواليس لحل الأزمة, حتي لا يستغل البعض, الصحف والفضائيات للترويج لدعاية انتخابية, والإدلاء بتصريحات ترضي فقط بعض الفئات.. كما أن الحديث عن وجود450 ألف محام علي مستوي الجمهورية تحت السيطرة حاليا, ولكن لا توجد ضمانة لما سيحدث, حالة استمرار الأزمة, واتخاذ إجراءات تصعيدية, تعتبر تهديدات غير مقبولة ( شكلا وموضوعا) حيث إنها لا تساعد في عودة الهدوء, أو إعطاء بصيص من الأمل لحدوث انفراجة للأزمة.. وعلي الجانب الآخر, فاستخدام كلمات ( البلطجة والترويع والإرهاب) لوصف الفعل, وليس الفاعل, الذي قام به بعض المحامين في المحافظات, فبأي الكلمات يمكن أن ندين مثلا الأفعال التي تنفذها قوات الاحتلال في الضفة وغزة.. رابعا ـ جزء من هذا الحل المؤقت أيضا يكمن في تشكيل لجنة بشكل عاجل تضم كبار رجال الدولة, وعلي رأسهم رئيس مجلس الشعب د. فتحي سرور, وشيوخ القضاة والمحامين, لفض هذا الاشتباك غير المسبوق, وعودة الروح من جديد في المحاكم.. خامسا ـ وجود شرطة قضائية في أروقة المحاكم والنيابات, يعتبر حلا يجب أن تنظر إليه الدولة في الوقت الحالي بعين الاعتبار, لحماية منصة القضاء, وحتي لا تتكرر حوادث جديدة بين الطرفين, ولكن مع تقنين وتحديد دور أفراد الشرطة ومسئوليتهم بدقة.. ولم يبق سوي تأكيد أن المحامين والقضاة رفقاء وليسوا فرقاء, فيجب أن يحافظوا علي هذه الصورة في أعيننا جميعا.