قد تكمن الحكمة في الحث على الصبر والصمود وطلب المنية في قصيدة، ولكن هذه القصيدة تحتاج إلى الكثير من الحنكة في معانيها وأسلوبها حتى تصل إلى عتبة الإقناع، وهذا ما فعله شاعرنا قطري بن الفجاءة الذي كان خطيباً وفارساً معاركا خطوب الحياة في ساحات الوغى وكان وفاته عام 697م حيث عثر به فرسه فاندقت فخذه فمات. يحث شاعرنا في قصيدته على طلب الموت في ساحات الوغى لأنه السبيل إلى الصمود وتحقيق النصر المبين، ولأن الفرار بنية النجاة وطلب الحياة لا يعني أن تكون الحياة المهروب إليها كريمة، بل يعد على هامش البشر، وطول الحياة بثوب مجد ولا تقاس الإنجازات بتعداد سني العمر. والقصيدة من البحر الوافر. أقُوُلُ لها وقد طارَتْ شَعاعاً مِنَ الأبْطالِ وَيْحَكِ لنْ تُراعي فإنَّكِ لو سَأَلْتِ بَقاءَ يَومٍ على الأجَلِ الذي لكِ لم تُطاعي فَصَبْراً في مَجالِ المَوتِ صَبْراً فما نَيْلُ الخُلودِ بِمُسْتَطاعِ وما طولُ الحَياةِ بِثَوْبِ مَجْدٍ فَيُطْوى عَنْ أخِي الخَنَعِ اليَراعِ سبيلُ الموتِ غايَةُ كُلِّ حَيٍّ وداعِيهِ لأَهْلِ الأرضِ داعِ ومَنْ لا يُعْتَبَطْ يَسْأَمْ ويَهْرَمْ وتُسْلِمْهُ المَنونُ إلى انْقِطاعِ وما للمَرْءِ خَيْرٌ في حَي إذا ما عُدَّ مِن سَقَطِ المَتاعِ