من المؤكد أن عملية النائب محمد مصيلحي رئيس نادي الاتحاد السكندري لتعطيل انتقال مهاجمه الدولي محمد ناجي' جدو' إلي نادي الزمالك قبل خمسة أشهر,
كان يستهدف منها اغتنام فرصة ارتفاع سعر اللاعب بعد تألقه المبهر في البطولة الإفريقية التي عاد منها متوجا بلقب الهداف والنجم الأشهر بين زملائه, ولم يكن الأمر أبدا اعتراضا من قريب او بعيد للإبقاء علي' الدجاجة' إلا للحصول علي بيضها من الذهب, وهو ما تحقق له بالفعل علي أرض الواقع بعد أشهر قليلة, ولكن بانتقال اللاعب إلي الأهلي, وهو امر لا يعنيه بقدر ما يحققه من مقابل مالي كبير ما كان يحلم به اللاعب أو ناديه, ولا يتخيله أو يتحسب إليه أيضا نادي الزمالك. و علي الرغم مما يبدو عليه الأمر من' خداع' من جانب مصيلحي الذي ملأ الدنيا تصريحات من نوع عدم التفريط في لاعبه, و ما يبدو عليه الأمر من عدم التزام من جانب جدو بما سبق وأن وافق ووقع عليه, و ما يبدو عليه من وقوف الأهلي موقف المنتهز للفرصة, إلا أن عملية الانتقال( من الاتحاد السكندري إلي الأهلي) رغم كل ذلك تبدو سليمة ولا يشوبها ما يجرح قانونيتها, إلا إذا كان في الأمر' وصولات أمانة' قد وقعها اللاعب بالفعل لمسئولين بالزمالك قد تتجه به إلي أروقة المحاكم, ولكنها لن تؤثر في الوقت نفسه علي تفعيل انتقاله الذي من المؤكد أنه جاء بعد دراسة قانونية متأنية من جانب الأهلي. ولأن بطولة كأس العالم ــ التي تحاول أن تتجمل في آخر لحظات دورها الأول' الممل' ــ أصابتنا جميعا بالفتور, فقد قفزت علي سطح الاهتمامات معارك الأهلي والزمالك في خطف نجوم الأقاليم, وهي المسابقة الأهم علي ما يبدو لكليهما في سنوات الاحتراف' المصري', وتمثل أهمية لكل منهما بقدر ربما يفوق البطولات التي يشاركان فيها, ونكاد نسمع من مدرجات' تخيلية' صيحات الجماهير في كل معسكر تصرخ بآهة طويلة وعميقة مع كل إعلان عن تعاقد جديد لأي من المعسكرين, في ظل اتباع سياسة إفساد الصفقات علي الطرف الآخر دون التوقف عند تعزيز صفوف كل منهما. وحتي الآن أري أن الأهلي قد تفوق في هذا السباق من نظرة موضوعية, عندما تدارك سريعا غياب مهاجمه عماد متعب, بانضمام جمال حمزة المسبق, وأخيرا يولا ثم جدو, رغم كل اللغط الذي صاحب هذه الصفقة, ويقترب أيضا من سد ثغرة الحضري بالتعاقد مع أبو السعود رغم عدم رغبة اللواء مجاهد الخاصة.. وللحق فقد ساعد الأهلي في هذا التفوق الزمالك نفسه بالزهد في حمزة وعدم الحاجة لأبو السعود, وراح يدعم هجومه عراقيا ودفاعه إسماعيليا, تلك القلعة التي تعد المفرخة الحقيقية للكرة المصرية, وإن شبع منها الأهلي بعد سنوات وصفقات. وعلي الرغم مما يبدو تفوقا أحمر في هذا السباق, إلا أنه لا يجب ان ينسينا هذا السباق الفريد بأن العبرة الحقيقية بمن سيتمكن من استكمال قوة خطوطه استعدادا لموسم جديد يمثل المنافسة الحقيقية نحو القمة, وليس بمن ينجح في خطف لاعب من بين أنياب الآخر لمجرد أن يسلبه قوة كانت لديه ليسهل الانقضاض عليه فيما بعد. وإذا كان من بيننا من يتصور أن كلا الطريقين( تدعيم الصفوف وإضعاف المنافسين) يؤدي إلي تحقيق هدف واحد وهو التفرد بالقمة, فإن ثمة فارقا كبيرا بين السبيلين, فالأول يعد تعضيدا للكرة المصرية بشكل عام في أن يكون لديها من عناصر القوة ما لا يتوقف عند ناد واحد او اثنين فقط, والثاني يأكل وينهش في جسد الكرة المصرية إذ أن نتيجته ستكون تعطيل عناصر وحجبها عن المنتخب الوطني بتكديس دكة الاحتياطيين بهم. والأمر علي هذا النحو يتطلب نية خالصة ورؤية قومية تصب فيما كانت ولا تزال حتي الآن عليه الأندية الكبيرة التي توصف بالشعبية, وهي في حقيقة الأمر كلها أندية وطنية, لن تقوم لأي منها قائمة لو أنها تخلت عن الهدف الذي أنشئت من أجله قبل عشرات السنين. وبالطبع.. وكالعادة.. فإن مثل هذه الأمور والمعاني لا تشغل بال الكثيرين, ولا يحسبونها من الأهمية التي تلفت نظرهم فيتوقفون أمامها ولو علي سبيل التأمل.