ما هي أمراض الأحماض العضوية؟
تعريف
هي مجموعة من أمراض التمثيل الغذائي الوراثية و التي تنتج من نقص أو فقدان احد الخمائر (الإنزيمات)المهمة لهضم الأحماض العضوية الموجودة في الدم و للتخلص من مادة الأمونيا التي تنتج من هضم البروتينات.يوجد العديد من الأحماض العضوية في الدم و كل حمض يتحلل إلى مواد كيميائية أخرى بمساعدة العديد من الخمائر . عند نقص الخميرة فان نسبة الحمض العضوي في الدم ترتفع إلى معدلات خطيرة و تصبح كالسم الذي يقتل الخلايا و يعيقها من القيام بوظيفتها بشكل طبيعي.و إذا لم يعالج المرض فإنها تؤذي المخ ة تسبب تأخر عقلي و قد تؤدي إلى الوفاة لا قدر الله. هل هي أمراض شائعة ؟ تعتبر أمراض الأحماض العضوية من الأمراض الوراثية النادرة عالميا , ولكنه منتشر بشكل خاص في مجتمعنا العربي , و ذلك نظرا لشيوع الزواج بين الأقارب ,أو القبيلة الواحدة ،علما أنها قد تحدث في بعض الأسر من دون وجود صلة قرابة واضحة و لكن القرابة هي الأكثر شيوعا. وبشكل عام , فإننا لا ننصح بالزواج الأقارب عند وجود مثل هدا المرض في الأسرة كما نشجع على استشارة أطباء الوراثة للكشف عن هذا المرض قبل الزواج . كيف يصاب الطفل بالمرض؟ إن جميع الأمراض المتعلقة بالأحماض العضوية أمراض وراثية. و هي تنتقل بما يعرف بالوراثة المتنحية.و هي ناتجة عن حدوث طفرة في الجين(المورث) المصنع للخميرة. و حيث أن كل خميرة تصنع بنسختين من الجينات(المورثات) فإذا أصابه الطفرة كلا النسختين أصيب الطفل بالمرض أما إذا كانت نسخة سليمة و الأخرى غير ذلك فان الإنسان يصبح حامل للمرض..و المرض ينتقل من الأبوين إلى أطفالهم..كما أن الأبوين يكونان تلقائيا حاملين (ناقلين) للمرض عند إصابة احد أطفالهم. و ذلك نتيجة لحمل كل و احد منهم لطفرة في احد الجينات.و لذلك لا ينتقل المرض من أحدى الأبوين فقط بل يجب أن ينتقل من كلاهما في أن واحد.كما أن هناك نسبة احتمال تكرار المرض هي 25% في كل مرة تحمل فيها الزوجة.، و احتمال عدم تكرار الإصابة هي 75%. كما يجب التنبه إلى أن بعض الأطفال السليمين سوف يكونوا حاملين للمرض كأبويهم و عليهم أن يحترزوا عند الزواج لكي لا تتكرر نفس المشكلة في ذريتهم. إن الكثير من الآباء و الأمهات لا تعرف أنها حاملة للمرض إلا بعد أن يصاب احد أطفالها بأحد هذه الأمراض.و قد يكون ذلك في أول الأمر صدمة و قد لا يصدقون بهذا الأمر. ما هي أعراض هذه الأمراض؟ في العادة يولد الطفل طبيعيا و تظهر أعراض هذه الأمراض خلال الأيام الأولى من العمر خاصة بعد تناول عدة رضعات من الحليب إلام و في كثير من الأحيان بعد الحليب الصناعي..و الأعراض في العادة عبارة عن تقئ مع خمول متواصل و كسل و نوم مفرط إلى أن يصل إلى حالة الإغماء التام. و قد تظهر رائحة مميزة و غريبة من عرق الطفل. و إذا لم يتم إسعاف المولود , تتدهور الحالة العامة فيحدث هبوط الكامل لوظائف الجسم خاصة للجهازين التنفسي والقلبي , و إذا لم يتم تدارك الأمر فقد تحدث الوفاة للمولود لا قدر الله. كما قد تكون الأعراض في بعض أمراض الأحماض العضوية أكثر حده، فتحدث ببطء أو على شكل تقلبات في حالة الطفل الصحية من طبيعي إلى غير طبيعية خلال أيام أو أسابيع و قد يستمر هذا التقلب لعدة أسابيع و في بعض الأحيان إلى عدة اشهر.و من ما يصعب الأمر على الأطباء هو تشابه أعراض هذه الأمراض مع الالتهابات الجرثومية و التي تحدث للبعض المواليد. و تزداد الصعوبة إذا علمنا أن بعض أمراض الأحماض العضوية قد يصاحبها التهاب جرثومي في الدم. كيف تشخص هذه الأمراض؟ يتم تشخيص الاشتباه بهذه الأمراض في مختبرات متخصصة و ذلك عن طريق تحلل لعينة من البول و الدم.كما يمكن التشخيص عن طريق من خلايا المشيمة ا و السائل الامينوسي لجنين خلال الحمل. و تقاس كمية ونوع الأحماض العضوية الزائدة في البول . كما يقوم الطبيب بقياس نسبة السكر و الامونيا و الاكتيت و البيروفيت.كما يقيس عدد كريات الدم البيضاء و الصفائح و و يقوم باختبار و وظائف الكلى و الأملاح و وظائف الكبد.كما قد يقوم بزراعة الدم للتأكد من عدم و جود أي جرثومة في الدم..و مع تطور الطب أمكن تشخيص العديد من أمراض الأحماض العضوية عن طريق مقياس الطيف الكتلة المتوالي (Tandem MS)بشكل سريع و عن طريق عدة نقط من دم الطفل. و كما سمح هذا الجهاز للكشف عن هذه الأمراض عن طريق برنامج فحص حديثي الولادة لأمراض التمثيل الغذائي و بواسطة. ورق الفلتر و قبل أن تظهر الأعراض الخطيرة على المولود. ما هو العلاج لهذه الأمراض؟ للأسف لا يوجد علاج شافي لهذه الأمراض. ولكن يمكن مكافحة هذه الأمراض عن طريق استعمال بعض الأدوية و التقيد بحمية غذائية خاصة.و لكل مرض من أمراض الأحماض العضوية برنامج علاجي مختلف.كما أن الاستجابة للعلاج تتفاوت على حسب نوع المرض و شدته.و تعتمد الحمية الغذائية على تقليل كمية البروتينات التي يتناولها لطفل و خاصة البروتينات التي يصعب على الطفل هضمها بشكل طبيعي حسب نوع الخميرة الناقصة و شدت نقصها.و من أهم الأدوية التي تستخدم لعلاج هذه الأمراض هي بعض الفيتامينات(كفيتامين ب 12 و الثيامين) و أشباه الفيتامينات(كالبيوتين) و التي تستعمل كمواد محفزة للخمائر و مركب الكارنتين و الذي يقوم بتخفيض نسبة المواد السمية في الجسم عن طريق طردها عبر الكلى.. كما قد يستعمل انواع محددة من المضادات الحيوية لتقليل نسبة البكتيريا في الجهاز الهضمي. .و عند تراكم السموم بشكل كبير فانه قد يلجأ الطبيب إلى استعمال الغسيل البروتوني أو غسيل الدم و ذلك كأجراء مؤقت خاصة لحديثي الولادة. هل هناك نصائح لرعاية الطفل المصاب؟ نعم اليك بعض من هذه النصائح: 1-من المهم معرفة ان العلاج لهذه الأمراض مدى الحياة و لذلك من المهم المتابعة مع طبيب طفلك و التقيد بالحمية الغذائية لكي تتجنب ضعف النمو و المضاعفات الخطيرة على مخ و عقل الطفل. 2- من المهم المتابعة و التقيد بمواعيد العيادة مع طبيب المختص و مع أخصائية التغذية. 3- قد تدهور صحة الطفل عند تعرضه لأي مرض كالزكام مثلا أو عند حدوث ضعف في الشهية للطعام. و حرص عند إصابته بمرض على إعطاءه المزيد من السوائل و خاصة التي تحتوي على المواد سكرية كالعصيرات و شجع الطفل لتناول وجبته الغذائية. 4-من المهم التنبه و معرفة الأعراض المنذرة كالقيء و الخمول و الحضور إلى المستشفى بشكل سريع لكي يتلقى الطفل العلاج اللازم و قبل أن تدهور صحته. 5- احرص عند السفر اخذ كل ما تحتاجه من احتياطات و الحرص على أن يكون في المدينة التي تذهب إليها طبيا له خبرة بمثل هذه الأمراض خاصة إذا كانت مدت السفر طويلة. 5- قد يكون من المستحسن اخذ تقرير طبي يذكر حالة الطفل و الخطوات التي يجب القيام بها لو تدهورت حالته. 6- إن متابعة صحة الطفل على المدى الطويل قد يستدعي تضافر عدة تخصصات طبية لمساعدة الطفل. فحرص على إتباع إرشادات المختصين فيما يخص الطفل. 7- عليك معرفة انه لا يوجد علاج شافي لهذه الأمراض فلذلك احرص على عدم تجريب أي علاج إلا تحت إشراف طبيبك. الاسترشاد الوراثي بما أن جميع أمراض الأحماض العضوية أمراض وراثية فانه من الضروري إن تتلقى الأسرة جلسة مع أخصائي الأمراض الوراثية أو المرشد الوراثي إن وجد لإعطاء المزيد من التفاصيل عن المرض و التكهنات المستقبلة للمرض و شرح النواحي الوراثية و طرق انتقال المرض و نسبة احتمال تكرار الإصابة.و طرق الوقاية و الفحص خلال الحمل و الفحص قبل الزواج لبقية أفراد الأسرة. طرق الوقاية و الفحص خلال الحمل هناك عدد محدود من المراكز العالمية البحثية التي قد يكون لديها المقدرة على تشخيص الجنين المصاب بالمرض , و ذلك في حدود الأسبوع 10-12 من بداية الإخصاب , ويتم ذلك بتحليل عينة من خلايا السائل الامينوسي أو الجدار الكوريونى المحيطان بالجنين وقياس نسبة الخميرة المسئولة عن حصول المرض (الإنزيم ) بدقه . و نظرا لعدم توفر العلاج لهذا المرض فانه من معرفة إصابة الجنين تكون مفيدة فقط في حالة النية في إسقاط (إجهاض) الجنين المصاب.علما أن هناك خلافا شرعيا في هذه المسألة أما التشخيص الوراثي للجين ( المورث) المسبب للمرض لدى الزوجين و الأولاد ، فإن هذا يتم عن طريق البحث عن الطفرة المسببة للمرض و التي عن طريقها يمكن معرفة ما إذا كان الأطفال السليمين من المرض حاملين للمرض كأبويهم أم لا.و يقوم الطبيب بإجراء هذه الفحوصات عند البلوغ أو عن النية بالزواج.و إذا ما كان الشخص حاملا للمرض فانه يترتب أن يجرى فحص آخر للمرآة أو الرجل الذي ينوى الزواج منه.و لكن حتى الآن , لا يتوفر هذا الفحص الدقيق إلا في القليل من المراكز عبر العالم و لا تنسى آخى و أختي الكريمين أن تخبر طبيبة النساء و الولادة و الطبيب المتابع لطفلك السابق عندما التخطيط للحمل القادم , وذلك لإتباع الوسيلة الأمثل لمتابعة الحمل و لعمل الفحوصات اللازمة مباشرة بعد الولادة و قبل أن تدهور حالة المولود الجديد . و أخيرا نقول أن زواج الأقارب بشكل عام يلعب دورا مهما في ظهور الأمراض الوراثية التي لم تكن معروفة سابقا, لدلك فأن من الأساليب المتبعة للوقاية الابتعاد عن التزاوج بين الأسر التي ينتشر بينها هده الأمراض.