يتساءل الكثير من نسائنا المسلمات الفاضلات بحسن نية عن البون الشاسع بين الكتب التي تصدر حديثاً عن حقوق الزوجين؛ ذلك لأن أغلب ما يصدر في هذا الموضوع يتحدث عن حقوق الزوج فقط، وكذلك يفعل بعض المحدثين، وقد استغل بعض المتربصين والمتربصات بهذا الدين، سواء من أبناء وبنات جلدتنا من المستغربين والمستغربات أو من المستشرقين إثارة الشكوك حول هذا الموضوع، ونسج الخيوط السامة، وزرع الشكوك في طرق الغافلين والغافلات من أبناء هذا الدين.
والحقيقة أن العيب ليس في الإسلام، ولكن في بعض الرجال المسلمين المعاصرين، فكتب التراث الإسلامي تزخر بالفصول التي تتحدث عن حق الزوجة على زوجها في الإسلام، ولو جمع أحد الباحثين أو إحدى دور النشر ما ورد في كتب التراث الإسلامي من السنة والأثر، وقصص الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة مع زوجاتهم، وقام بتنقيحها وشرح المبهم منها؛ لبلغ ذلك عدة مجلدات، ولكن للأسف هنالك قصور في الفكر والنظر،ولم يصل إلى علمي أن إحدى دور النشر التي تهتم بالكتاب الإسلامي قد أصدرت كتاباً مخصوصاً في هذا الموضوع بالمعنى الذي شرحناه.
إن انصباب جل الاهتمام على حق الزوج يجعل بعض الأزواج من غير المتفقهين في الدين ـ إن شعوريا أو لا شعوريا ـ ينسون حقوق زوجاتهم فيغلظون عليهن القول ويضربونهن ويسيئون عشرتهن، ويعاملوهن بالعنف والقسوة والشراسة، ويوهمونهن بأن الله في السماء والزوج في الأرض! ولا شيء غير ذلك، مستغلين استغلالا سيئا بعض الأحاديث النبوية التي تحث المرأة على طاعة زوجها، متجاهلين أو جاهلين بأحاديث نبوية أخرى لا تستقيم هذه الطاعة إلا بها، وهي الأحاديث التي توصي بحسن معاشرة الزوجة، فهؤلاء ربما يجهلون أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يوص المسلمين بشيء أكثر من توصيته بإحسان معاملة المرأة.
وهو الأمر الذي ظل يحث عليه منذ البعثة حتى خطبة الوداع حيث قال: "ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك". وفي الحديث الذي روته عائشة رضي الله عنها يقول: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي".
ألا فليتق الله الذين يتعاملون مع نسائهم تعاملهم مع سقط المتاع، وليعلموا أن الإسلام من ذلك براء.
وليتذكر أصحاب دور النشر الإسلامي والجهات المهتمة بقضايا الأسرة المسلمة من باحثين ودارسين أن حق المرأة على زوجها كما يقرره ديننا الحنيف لا يزال مجهولا لدى الكثير من النساء والرجال، فليظهروه؛ حتى لا يتقوّل على ديننا المبطلون، وحتى يعلم بعض الأزواج الذين يجهلون ما أمر الله به، فتستقر العائلة المسلمة على شاطئ الوفاق، وتسلم من هموم النشاز، ومشكلات الطلاق.. فرفقا بالقوارير.