انطق أبو عبيدة يوم بدر يصول بين الصفوف صولة من لا يهاب الردى ويجول جولة من لا يحذر الموت ، فهابه المشركون ، وحذره فرسان قريش ، وجعلوا يبتعدوا كلما واجهوه . ولكن رجلاً واحداً منهم جعل يبرز لأبا عبيدة في كل إتجاه ، فكان أبو عبيدة يتنحى من طريقه ويتحاشى لقائه . ولج الرجل في الهجوم وأكثر أبو عبيدة من التنحي ، وسد الرجل على أبي عبيدة المسالك ووقف حائلاً بينه وبين قتال أعداء الله . فلما ضاق به ذرعاً ضرب رأسه بالسيف ضربة فلقت عمامته فلقتين ، فخر الرجل صريعاً بين يديه . أما قلت لك إن عنف التجربة فاق حسبان الحاسبين ، وجاوز خيال المتخيلين ، وقد يتصدع رأسك إذا عرفت أن الرجل الصريع هو (( عبدالله بن الجراح )) والد أبو عبيدة بن الجراح ..... فهؤلاء هم الرجال حقاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه .