أثر غذاء الأم في الجنين هذا هو جواب السؤال الذي يقول، لماذا اعتبرت الروايات رحم الأم هو الملاك في السعادة والشقاء ، وأغفلت ذكر صلب الأب ؟. إنه لا مندوحة لنا من القول بأن دور الأم في بناء الطفل يفوق دور الأب بكثير . نعم لو اكتفينا بملاحظة دور الأب والأم في تلقيح البويضة بواسطة الحيمن لايجاد الخلية الأولى للطفل لكانا متساويين في ذلك الدور ، إلا أن الواقع أن الأم تتحمل في دور الحمل مسؤولية كبيرة وبالخصوص فيما يتعلق بأسلوب تغذي الأم ونوعه. إن دور الأباء في البناء الطبيعي للطفل ينتهي بعد انعقاد النطفة وحصول التلقيح ، لكن دور الأم يستمر طيلة أيام الحمل ، فالطفل يتغذي من الأم ، ويأخذ منها جميع ما يحتاجه في بنائه . ولهذا فإن لسلامة الأم ومرضها ، طهارتها ورذالتها ، سكرها وجنونها ... أثراً مباشراً في الجنين : « إن الأب والأم يساهمان بقدر متساو في تكوين نواة البويضة التي تولد كل خلية من خلايا الجسم الجديد ولكن الأم تهب علاوة على نصف المادة النووية كل البروتويلازم المحيط بالنواة ، وهكذا تلعب دوراً أهم من دور الأب في تكوين الجنين » (1) « إن دور الرجل في التناسل قصير الأمد . أما دور المرأة فيطول إلى تسعة أشهر . وفي خلال هذه الفترة يغذى الجنين بمواد كيمياوية ترشح من دم الأم من خلال أغشية الخلاص » (2) إن الطفل أشبه ما يكون بعضو من أعضاء الأم تماماً ، عندما يكون في بطنها . وجميع العوامل التي تؤثر في جسد الأم وروحها تؤثر في الطفل أيضاً . إذا ابتلي أب ـ بعد انعقاد النطفة ـ بشرب الخمرة أو العوارض الأخرى فانها لا تؤثر في الطفل ، لأن صلة الطفل بأبيه إنما تكون ثابتة إلى حين انعقاد النطفة فقط ، لكن صلة الأم تستمر لمدة تسعة أشهر ، وعليه فإذا أقدمت الأم ـ في أيام الحمل ـ على شرب الخمر فإن الجنين يسكر ويتسمم أيضاً. إن أحد أسباب سلامة هيكل الطفل ورشاقة قوامه ، أو عدمها في أيام الحمل يتعلق بالغذاء الذي تتناوله الأم وهي حامل . وكذلك الغذاء الذي كان يتناوله الأب قبل انعقاد النطفة. « إذا كانت نطفة الأب مسمومة حين الاتصال الجنسي فإن الجنين يوجد ناقصاً وعليلاً ، وهذا التسمم ينشأ من تناول الأطعمة الفاسدة ، أو معاقرة الخمرة . إذن يجب الاجتناب عن الاتصال الجنسي حين التسمم والسكر بالخصوص » (3) « لقد قام أحد الأطباء الحاذقين في أوربا بجمع إحصائيات دقيقة للنطف التي تنعقد في ليلة رأس السنة المسيحية فوجد أن 80% من الأطفال المتولدين من تلك النطف ناقصوا الخلقة وذلك لأن المسيحيين في هذه الليلة يقيمون أفراحاً عظيمة وينصرفون إلى العرش الرغيد والافراط في الأكل والشرب ويكثرون غالباً من تناول الخمرة إلى حد يجرهم إلى المرض . وبما أن المطاعم وحانات الخمور تستقبل أكبر كمية من الزبائن في هذه الليلة فإنه يتعذر على أصحابها أن يطعموهم الأطعمة السالمة تماماً ويتموا بشأنها كغيرها من ليالي السنة » (4) « يصاب بعض الأطفال في الأيام الأولى من أعمارهم بقروح وجروح تسمى ( أكزما الأطفال ) وهذه القروح لا تزول إلا بعد أن تعذب الوالدين لمدة طويلة ، وهي ناتجة من سوء تغذي الأمهات في أيام الحمل . فإن الأم لو اكثرت في أيام الحمل من أكل التوابل والأطعمة الحارة كالخردل والدارسين وما شاكل ذلك فالطفل يصاب بالأكزما » (5). « إن الفواكه والخضروات التي تحتوي فيتامين ( B ) تعتبر العلاج القطعي للكنة اللسان . والأم التي تتناول من هذا الفيتامين أيام حملها ، فإن جنينها يأخذ بالتكلم مبكراً ولا يصاب باللكنة » (6). « إن المشروبات الروحية تعتبر خطة جداً للحوامل لأنها بغض النظر عن التسمم الذي توجده ، تهدم الفيتامينات التي تحتاجها الأم والجنين أيام الحمل ، فينشأ الطفل ناقصاً ومشوهاً » (7). « إن تناول الأطعمة الفاسدة واللحوم بالخصوص ـ حيث تؤدي إلى التسمم ـ يجعل لون الجنين داكناً مائلاً إلى الاصفرار » (8). ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) و(2) الانسان ذلك المجهول ص 79. (3) إعجاز خوراكيها ، تأليف سيد غياث الدين الجزائري ص 153. (4) المصدر السابق ص 154. (5) المصدر نفسه ص 175. (6) إعجاز خوراكيها ص 176. (7) المصدر السابق ص 177. (8) المصدر السابق ص 168.