نشهد في هذه الأيام حملة مهووسة على الحجاب في أكثر من جهة أو جبهة في العالم .. ابتدأت هذه الحملة في شرقنا العربي، ثم انتقلت حُمّاها إلى الغرب الذي – يقول مراد هوفمان -: " يتسامح مع كل المعتقدات والملل حتى مع عبدة الشيطان ، و لا يُظهر أدنى تسامح مع المسلمين ، فكل شيء مسموح به إلا أن تكون مسلماً " .
وفي هذه الأيام قرأنا في خطابٍ متبجّحٍ مهووس :" الحجاب اعتداء .. و تباهٍ بالهداية ".. أمّا كون الحجاب تباهياً بالهداية ، فنعم ، ولكننا ليس بالحجاب وحده نتباهى .. نحن المسلمين ، نتباهى بأننا أتباع محمد وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام .. وبأننا أصحاب الرسالة الإلهية الخاتمة الخالدة .. وبأن كتابنا هو العهد الأخير للإنسانية الذي ينسخ كل عهد،والذي يهيمن على ما سبقه من كتب . وهو الكتاب السماوي الوحيد الذي لم تطاله يد التحريف ، والتخريف، والكذب على الله ، وعلى البشر .. ونحن المسلمين ، نتباهى بأن ديننا هو الدين الوحيد الذي حافظ على عقيدة التوحيد .. ونحن نحمد الله تعالى أنه ليس فينا من يعتقد بآلهة ثلاثة!! وليس فينا من يعتقد"بأن الصورة الهزيلة للمصلوب على الخشب هي صورة الله "!!على حد تعبير الشاعر الكبير غوته. ونحن المسلمين لا نطفىء سراج عقولنا لنتّبع غفّاري الذنوب ممن يبيعون الجنة بالدجل و المزاد .. وإذا كان غيرنا يخلع عقله قبل دخول المعبد ، فإنا لا نخلع إلا أحذيتنا على أبواب المسجد.. وليس في كتابنا قول المسيح لأمه :" إليك عني يا امرأة "!! وإنما في كتابنا قول المسيح عليه السلام : (( وبرّاً بوالدتي )).
إنّ عيبنا نحن المسلمين ، هو أننا لا نتباهى بديننا بالقدر الكافي، فلا ينقصنا إلا التعصب للإسلام وهو الدين الحق ، في مقابل من يتعصبون للباطل ..
وأمّا كون"الحجاب اعتداءً "! فهو حقاًّ اعتداء على الشيطان ، واعتداء على الفحش والفجور.. واعتداء على عشاق الشذوذ و الإيدز ، عذراً " السيدا " ! " الحجاب اعتداء "!! أما العري والسيدا واللقطاء ففيهم كل السكينة والسلام !!.. إن هذه الحملات العالمية المنظّمة ما هي إلا مؤشر صحي على تنامي ظاهرة الخير والصحوة والإيمان التي تجلت بعودة مئات الألوف من المسلمات إلى حصن الحجاب.. ونشكر وسائل إعلام المسعورة التي وفّرت بأقلامها المأجورة المناخ الطبيعي لقانون" التحدي والاستجابة " .
فكلما زادت الحملة الشيطانية زادت مواكب العائدات بهداية السماء إلى مظلة الستر والحياء .. وكلنا يعلم أنه قبل أن يشن العالم الصليبي " بصربه وكرواته وأممه المتحدة" حملة الإبادة لاستئصال الإسلام من البوسنة ، كان عدد المسلمات المتحجبات زهيدا جدا ..
وشاء الله أن يولد في البوسنة من رحم المأساة والتحدي جيل جديد يؤمن بدينه الحق الأصيل، وعادت المسلمات إلى فيء الحجاب، وعاد الشباب إلى ربهم عوداً حميدا..
لن أحاول أن أدلّل على خيرية الحجاب بالفلسفة ، فحجاب المرأة وحياؤها فطرة مركوزة في أعماقها ، وعسير إقامة البراهين على وجود الشمس.. وكما يقول شاعرنا " الزبيري " : شرحُ البديهياتِ إهدارٌ لفهم المدركينْ
***
ألا إنَّ الأرض والسماء ملكٌ لله وحده ، فيجب على الشيطان أن يذهب وأن يخليَ مكانه لعباد الله الصالحين.. باريسُ لا تتكبري فالله أكبرْ وتذكّري ليلَ الطغاة وظلمَهم في عهد هتلرْ إنّا هنا في أرضنا نبقى يُزيّننا الحجابْ لا لن نغادرَ أرضنا حتى ولو نبحَ الكلابْ إنا هنا والأرضُ ميراثٌ لنا فلترحلي من أرضنا أولى لكِ فالله مولى الصالحين وليس من مولى لكِ والله أكبرُ يا ظلومُ .. الله أكبرْ
نعم الأرض ميراث الصالحين، وسنغزو بالفكر وبالإيمان وبالحق وبالفطرة كل أفق وكل ضمير.. فالإسلام – يقول د. القرضاوي – :"أعمق جذوراً وأقوى سلطاناً وأعز نفراً ، وأكثر جنداً مما يظن الظانون . وستظل هناك ألسنة صدق ، وأقلام حق ، وأيدي عطاء ، ومصابيح هداية ، ومفاتيح خير ، يحملون أمانة الكلمة ، ويؤدّون رسالة الله (( وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ ))".
وأختم كلماتي بنصيحة للمفكر النمساوي محمد أسد ، في كتابه الفذ " الإسلام على مفترق الطرق": " يجب علينا أن ننفض عن أنفسنا روح الاعتذار الذي هو اسم آخر للانهزام العقلي فينا.. وبدلاً من أن نُخضِع الإسلام باستخذاء للمقاييس العقلية الغربية ،يجب أن ننظر إلى الإسلام على أنه المقياس الذي نحكم به على العالم ..
و يجب على المسلم أن يعيش عالي الرأس ، ويجب عليه أن يتحقّق أنه متميز ، وأن يكون عظيم الفخر لأنه كذلك ، وأن يعلن هذا التميز بشجاعة بدلاً من أن يعتذر عنه ! "..