لماذا أصبحت مشاكل المسيحيين الزوجية مشروعاً جاهزاً لفتنة طائفية؟

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : كريم عبد السلام | المصدر : www.youm7.com

هل كل زوجة كاهن مسيحية غاضبة ستجر البلد إلى فتنة طائفية؟ ولماذا أصبحت مشاكل المسيحيين الزوجية مشروعا جاهزا للفتنة؟ عيب جدا ما يحدث، وعلى المسئولين فى الكنيسة والنشطاء الأقباط والأراخنة القيام بواجبهم الرعوى والتثقيفى والتربوى، بدلا من الصراخ بشعارات الفتنة وأسلمة المسيحيات، كلما أعطت زوجة ظهرها لزوجها.

تخيلوا معى أن السيدة كاميليا شحاتة زوجة الأب تادرس سمعان كاهن كنيسة مارجرجس بالمنيا، لم يتم العثور عليها، بعد غضبها من زوجها وتركها المنزل؟

إلى أين ستتصاعد اعتصامات الأقباط غير الفاهمين فى الكاتدرائية؟ وإلى من ستتوجه البيانات الغاضبة للنشطاء الأقباط الذين يسكبون الزيت على النار فى كل مناسبة بعد أن انهالت على وزير الداخلية؟

أصبح كل واحد منا يضع يده على قلبه كلما انتشر خبر اختفاء زوجة أو فتاة مسيحية، خوفا من تزايد الاحتقان بين المسيحيين والمسلمين، خاصة مع الأتوبيسات الجاهزة المحملة بالأخوة الأقباط الغاضبين ويافطاتهم التى تشجب وتدين تواطؤ وزارة الداخلية مع دعاة الأسلمة، رغم أن الموضوع وكل ما فيه يمكن ألا يخرج عن علاقة عاطفية ملتهبة أو زوجة زهقت من عيشتها وغضبت على زوجها.

ومرة بعد مرة لا نستوعب الدرس، وتخرج المظاهرات نفسها فى الكاتدرائية بالعباسية، ويعلو الصراخ على المنتديات القبطية التى تحول الحادث العاطفى إلى أزمة سياسية واجتماعية خطيرة، وتطير الأخبار متجاوزة مصر إلى العواصم الخارجية معلنة أن مصر يا رجالة على شفا الحرب الأهلية والنساء المسيحيات يتعرضن للعدوان المنظم من الجماعات الإسلامية، والعامة الذين تثيرهم هذه القصص مثل حكايات ألف ليلة وليلة.


هناك نقص شديد فى الدور التربوى والتثقيفى والرعوى داخل الكنيسة، وهناك نزوع من الكهنة والأساقفة إلى تحميل أجهزة الدولة هذا القصور فى الجانب الروحى ،لكن الحمد لله، عثرت أجهزة الأمن على كاميليا، وتبين أن اختفاءها كان لأسباب عائلية ولا يحمل شبهة طائفية ولا جنائية، حسبما أعلن الأنبا أرميا، الأسقف العام وسكرتير قداسة البابا شنودة على قناة "أغابى" الناطقة باسم الكنيسة المصرية.

ولمن لا يعلم، سلمت أجهزة الأمن السيدة كاميليا شكرى إلى أسرتها وهى الآن داخل مطرانية دير مواس لمن يريد الاطمئنان عليها، وكأن كل مهمة أجهزة الأمن هو العثور على الزوجات المسيحيات الغاضبات وإعادتهن إلى أزواجهن بالقوة، لماذا؟ لأن الكهنة والأساقفة بالكنيسة المصرية يطالبون وزارة الداخلية بأداء الدور المنوط بهم، وإلا فالمظاهرات جاهزة واليافطات عن الفتنة والاضطهاد موجودة فى المخازن.

تخيلوا معى لو كانت غيبة السيدة كاميليا قد طالت أو تم اكتشاف سفرها خارج البلاد أو لم تعثر عليها أجهزة الأمن لأى سبب من الأسباب، ماذا كان يمكن أن يحدث؟

أطرح هذا السؤال أمام الجميع مسلمين ومسيحيين، بعد التأكد أن كاميليا كانت لدى أحد أفراد عائلتها، ولم يتم اختطافها.


وأطرح سؤالى علَّنا جميعًا نتعلم الدرس، بعد ما جرى من عملية تهييج وإثارة منظمة قادها عدد من محبى الظهور والزعامة لدرجة إصدار الناشط ممدوح رمزى بيانا يصف فيه اختفاء السيدة كاميليا بالمنحنى الخطير على أمن واستقرار الوطن الذى يمر، حسب قوله، بظروف غاية فى الصعوبة داخليا وخارجيا!

ما الظروف الغاية فى الصعوبة التى يمر بها الوطن حسب تعبير ممدوح رمزى؟ هل نحن فى حالة حرب مع طرف خارجى مثلا؟ هل يجتاحنا وباء، أم أن الحرب الأهلية اندلعت دون أن ندرى؟ وكيف يزيد الصعوبات التى يعانيها الوطن اختفاءُ سيدة غضبت من زوجها و "زهقت من العيشة واللى عايشينها" ؟

لماذا أصبح " زعل" زوجة مسيحية من زوجها أزمة قومية كبرى، بينما لدينا ملايين من أطفال الشوارع وسيدات الشوارع وأبناء الشوارع الذين ليس لديهم بيت أصلا ولم يخرج أحد للاعتصام والتظاهر من أجلهم رغم غياب العشرات منهم عن الحياة يوميا!

ولماذا تحول تغيب كاميليا قبل معرفة دواعى غيابها، إلى مظاهرات وتنديدات واتهامات لكل أجهزة الدولة بالتواطؤ على خطفها؟

هناك تراكم من سوء الفهم وسوء التقدير بين الأقباط وأجهزة الدولة، أسهم فيه عدد من النشطاء الأقباط من محبى الزعامة، جعل من أى حادث عادى مشروع أزمة طائفية، وهو ما يحتاج إلى مراجعة حقيقية حتى لا نصنع الفتنة ثم نبكى عليها.