كيف نكافح الحساسية ؟ طبعاً، من المستحيل قطع دابر مصادر التلويث كلها، والقضاء تماماً على الجزيئات والأتربة غير المرغوب فيها كافة، وبعض الحشرات الصغيرة (من فئة الـ«قـُراديات») التي تشكل عوامل مساعدة لبعض أنواع الحساسية، لكونها تنقل جزيئات مسببة لها. تنطوي النصائح الآتية على فوائد كبيرة، تتمثل في تقليص احتمالات الإصابة بالحساسية، أو لمن هم مبتلون بها أصلاً، خفض احتمالات تكرار أزماتها ونوباتها المزعجة. وتلك النصائح مصوغة على شكل أسئلة مع أجوبتها، لعل قسماً منها ينطبق على بيئتكم المنزلية. 1 هل ينبغي فرش أرضيات الغرف بـ«طنفسة» (أو «موكيت») أم تغليفها بأرضيات أخرى (مثل السيراميك والـ«لينو»، وما إلى ذلك)؟ - الـ«طنفسة» (المسماة أيضاً «كارپت carpet» بالإنجليزية، وأحياناً «موكيت moquette» بالفرنسية)، شاعت أيضاً في بعض البلدان العربية من باب الموضة، على الرغم من انتفاء الحاجة إليها نظراً إلى اعتدال الجو عموماً. لكنها، مهما بلغت نظافتها، تظل مرتعاً للعديد من الأتربة، وللعفونة، وربما مواد مثيرة للحساسية من أصل حيواني، كأجزاء من وبر الحيوانات الأليفة (إذا كانت تربى في البيت). والأهم: لا يندر أن تشكل بيئة خصبة لتكاثر الـ«قـُراديات»، تلك الحشرات المجهرية الضئيلة، غير المرئية بالعين المجردة، التي تنقل جزيئات مثيرة للحساسية. لذا، يستحسن العزوف عن الـ«طنفسة»، لاسيما إذا كان عندكم أطفال يعانون حساسية ما أو قصوراً تنفسياً. ويفضل استخدام أرضيات أخرى، كالسيراميك (أو الـ«كاشي»)، وما يسمى «پاركيه» («parquet»)، الذي شاعت أيضاً موضته في بعض بيوت منطقتنا، وهو ممتاز إن كان حقاً من الخشب، وسهل التنظيف، ولا «يستضيف» الحشرات الضارة والأتربة بسهولة. وهناك أيضاً التغليف الأرضي المسمى «لينو»، وهو سهل العناية أيضاً. ولا بأس من تغطية تلك الأرضيات بسجاد بصورة مؤقتة، أثناء الشتاء، لتجنب البرودة المنبعثة من الأرضية، على أن يكون السجاد مغسولاً جيداً، ومعاملاً بالنفتالين أثناء تخزينه خلال أشهر الحر، وأن يُجرى كنسه بانتظام بالمكنسة الكهربائية. 2 هل ثمة نبتات ينصح بها في المنزل؟ - أثبتت دراسات عديدة أن للنبتات داخل البيت مفعولاً حميداً، إذ إنها تشفط الجزيئات الضارة والسامة، فتمتصها نوعاً ما، ثم تنقلها إلى جذورها. وهناك، تجرى إبادة الجزيئات بمفعول التربة المزروعة فيها. ومن النباتات ذات الفائدة المثبتة، يشار إلى أزهار الـ«صحراوية» (أو الـ«أزالية»)، التي تنفع في إزالة الأمونياك المنبعث من مواد التنظيف، لاسيما مزيلات البقع الدهنية. وهناك أيضاً نبتات «كلوروفيتوم» (chlorophytum) وهي من فصيلة الزنبقيات، وأصلها من جنوب أفريقيا، ولها أنواع عديدة متفرعة عنها. فهذه لها القدرة على امتصاص غازات أكسيد الكربون، الملوثة لجو المنزل. وهناك أيضاً اللبلاب أو الـ«عشقة» المتسلق، الذي يمتص محاليل الأصباغ والطلاء. لكن، بطبيعة الحال، لا يمكن تحويل صالون البيت، وغرفه، إلى مزرعة. إذ يُنصح بنبتة واحدة لكل 20 متراً مربعاً. واعلموا أيضاً أن ثمة زهوراً مقطعة، من تلك المبيعة على شكل باقات، تعدُّ غير مناسبة للمنزل أو الشقة. فتلك الزهور، على العكس، تشكل عوامل مساعدة للحساسية، حيث إنها تنقل جزيئات مثيرة للحساسية في نسغها، أو على الطلع أو الأوراق. ومنها بصليات الـ«خزامى» (أو «توليپ») والـ«سنط العنبري» (أو الـ«مستحية»، المسماة أيضاً «ميموزا»). وينطبق الأمر على زهور أخرى، يمكن تحديدها من خلال مراقبة ردود فعل أفراد الأسرة. فمثلاً، إن لاحظت أن طفلك يعطس مع وجود هذا النوع أو ذاك من الأزهار في البيت، فينبغي، ببساطة، التخلي عن تلك الأزهار، وتجربة أنواع أخرى. 3 كيف يمكن التقليص من رطوبة الحمام؟ - تشكل الرطوبة العالية في الحمام أرضية خصبة للعفونة، التي نحس برائحتها، أو نراها مرأى العين في الزوايا وأطراف المغطس المسودة، وفي فواصل سيراميك تغليف الجدران، وحول الحنفيات، إلخ. وعند تكاثرها، تبث في الجو «غبيرات البوغ» (وهي أجسام صغيرة، وظيفتها أداء التناسل اللاشقي). وتلك الغبيرات مسؤولة عن بعض أنواع الحساسية. وللحد من الظاهرة، ينصح بتنظيف الحواجز المشبكة لممرات التهوية الموجودة في الحمام، وإزالة ما يعلق بها من أتربة وأوساخ بشكل منتظم، ما يتيح تهوية أفضل، بالتالي تصريف تلك الغبيرات بصورة أسرع، وأيضاً تسهيل تفريغ بخار الماء، الذي ينقلها. إلى ذلك، يستحسن تفادي أخذ دشّ لمدة طويلة. كما ينصح بعدم نشر الملابس المغسولة، لتنشيفها، في الحمام، لتجنب أن تعلق تلك الغبيرات عليها، ما يؤدي إلى الحساسية عند لبسها. وفي الأحوال كلها، تظل التهوية واجبة عقب كل استحمام، لتخليص جو الحمام من غبيرات العفونة ومن بخار الماء. 4 هل تنفع التهوية؟ - بالطبع، التهوية ضرورية. فمع التكييف المنتشر في العديد من بلدان منطقتنا، نميل إلى غلق النوافذ. وفي بلدان أخرى، في الشتاء، تغلق النوافذ بسبب البرد. والبيئة المغلقة مناسبة لتكاثر العفن وحشرات الـ«قـُراديات». لذا، يجب تهوية المنزل لما لا يقل عن ربع ساعة يومياً، بفتح النوافذ كلها، من أجل طرد مهيجات الحساسية. 5 هل ثمة مواد تنظيف مضرة؟ - الحذر واجب من المواد المبخوخة، تلك التي ينشر رذاذها بأنابيب بخاخة لتعطير جو الغرف أو الحمامات والمرافق الصحية. ويحبذ أيضاً تجنب مواد تنظيف الزجاج التي تضم مركبات «أيثر غلايكول». فهي أيضاً تضم جزيئات قد تثير بعض أنواع الحساسية. أما عن إزالة الغبار عن الأثاث وغيره، فيكفي استخدام قطعة مبللة من القماش، من دون أي مادة تنظيف معينة. وهناك أنواع من الصابون الملطف، تظل أقل ضرراً من منظور الحساسية، فضلاً عن الخل الأبيض لإزالة الكلس والـ«طرطر»، لاسيما أن ذلك النوع من الخل يظل أرخص من مواد التنظيف الكيميائية. كما يمكن الاستعانة بـ«بيكربونات الصوديوم»، الأقل ضرراً، للتنظيف والتلميع. 6 ما هو الأثاث الأمثل لغرف الأولاد؟ - الأخشاب الصلدة أفضل من الأخشاب المضغوطة (أي المجمعة، أو المتكتلة)، التي تنبعث منها مركبات عضوية متطايرة، منها مادة «فورمالديفيد». وهذه قد تؤدي إلى إحداث التهاب في النسيج المخاطي الأنفي، وربما تفضي إلى ضيق التنفس والحساسية، وأحياناً إلى التهاب القصبات الهوائية. وفي الأحوال كلها، عند شراء أثاث لغرفة طفل، من الأفضل تركه للتهوية أسبوعاً بأكمله قبل بدء استخدامه. أما الأثاث المصنوع من الخشب الصلد السميك (غير المضغوط)، فعلى العموم لا ينشر مركبات عضوية متطايرة، شرط ألا يكون معاملاً كيميائياً. وينبغي التأكد من ذلك قبل شرائها. 7 وما هو أفضل فرش؟ - يستحسن تزويد السرير بقاعدة تضم ألواحاً عدة، متوازية، مرنة، يوضع فوقها فرش من مادة الـ«لاتكس» الصناعية، مغلف بـكيس تغطية مضاد لحشرات الـ«قـُراديات»، شرط ألا يكون معاملاً بمبيدات. فهذه المبيدات، في الواقع، غير فاعلة، لكن قد تنبعث منها مركبات وجزيئات تثير الحساسية. في جميع الأحوال، يستحسن اقتناء «كيس لحاف» و«أكياس وسادات» من القطن القابل للغسل بدرجة 60 درجة مئوية أو أكثر. 8 للجدران الداخلية، ما هي أقل أنواع الأصباغ ضرراً؟ - ثمة نوعان أساسيان لطلاء المنزل: الأصباغ الزيتية، والأصباغ المائية. الطلاء الزيتي مضر، مثلما أثبتته دراسات عديدة. حتى إن دولاً أوروبية عديدة بادرت إلى منعه تماماً (آخرها فرنسا، التي أصدرت تشريعاً بمنع الطلاء الزيتي بدءاً من 2010). أما الطلاء المائي، فنوعان أيضاً: المشبع بالـ«ڤينيل» والمشبع بالـ«أكريليك». كلاهما أقل إزعاجاً ورائحة كريهة من الطلاء الزيتي، وأسرع جفافاً بكثير منه. وعلى العموم، يرغم القانون مصنعي الطلاء على ذكر أنواع المركبات العضوية المتطايرة المنبعثة من أي صبغ، وذلك على علبته نفسها. لكن، حتى مع الطلاء المائي، يستحسن ترك الغرفة للتهوية أسبوعاً كاملاً قبل إعادة وضع الأثاث فيها واستخدامها. 9 هل من ضير في استخدام بخاخات تعطير الجو الداخلي؟ - نعم، هناك ضير في ذلك. وينبغي تفادي استخدام تلك البخاخات. فهي تحرر في الجو مركبات عضوية متطايرة ذات مفعول سيئ على الممرات التنفسية. بالتالي، هي ليست مناسبة لمن يعانون حساسية ما. ولإزالة الروائح الكريهة، مثلاً من المطبخ أو المرافق الصحية، لا شيء أفضل من التهوية الطبيعية. 10 هل يؤدي استخدام التسخين إلى مفاقمة الحساسية؟ - تحدثنا عن التكييف (راجع الفقرة 4). فماذا عن التسخين الذي يلجأ إليه أيضاً سكان بعض بلدان منطقتنا، طبعاً في الشتاء؟ هنا أيضاً، ثمة مضار صحية ينبغي الانتباه إليها. فمع مدفآت البترول، تنتشر جزيئات غازات أكسيد الكربون، ذات الضرر البالغ، المعروف للجميع. وهذا الضرر يزداد إذا ما عرفنا أن العديد يحرصون على إغلاق الأبواب والنوافذ، تفادياً لتسرب الحرارة. وهناك أيضاً أنظمة تدفئة مركزية، تبث ماء ساخناً، يسري في أنابيب ملتوية في الغرف لتدفئتها بفضل خاصية تيارات الحمل. في هذه الحال، يؤدي انبعاث بخار الماء إلى زيادة نسبة الرطوبة. وهذه، مثلما رأينا، غير مناسبة لمن يعانون الحساسية. لذا، من الأفضل الاعتدال في استخدام التسخين، وإطفاء المدفأة النفطية ليلاً، مع التدثر بأغطية سميكة، أو، في حال التدفئة المركزية، خفض منسوب الماء الساخن، وتوخي الإبقاء على درجات حرارة معقولة (في حدود 20 إلى 24 درجة مئوية)، إذ يميل البعض إلى الإفراط في استخدام المسخنات، بحيث ترتفع درجة حرارة المنزل بشكل غير مبرر (أحياناً حتى 30 مئوية وأكثر). وهذا الارتفاع مضر بالمجاري التنفسية، ما قد يسهم في مفاقمة الحساسية