الاعتداد بالذات.. الفائق عن الحد

الناقل : SunSet | المصدر : www.annabaa.org

كتب المحرر الثقافي: ما معنى أن يكون المرء معتد بنفسه أكثر من الحد المعقول؟ أن الإنسان بطبيعته الاجتماعية يرى ما حوله من أناس نظراء له على الرغم من اختلافه معهم في بعض الخصوصيات لكن إدراكه إذا ما تعدى خط مصادرة الآخر.. فعندها يكون ذاك المرء مصاباً بمرض نفسي ويقتضي علاجاً.

بديهي أن الاعتداد بالنفس صفة محببة وضرورية لكل إنسان فبدون هذا الاعتداد لما أنجز الإنسان كل هذا التطور والسيطرة والتفوق في مجالات عديدة في الحياة. ولا شك أن الصدفة بأحيان كثيرة تخدم أناساً معينين وتحجب الخط الإيجابي عن أناس آخرين وهذا التخلخل بين ما يمكن تسميته بـ(أفراد وصلوا) وآخرين (لم يصلوا) إلى مراميهم أو أكثر مما كانوا يعتقدون من الوصول إليه تعزز حالة من عروض إجادة الدور المسؤول لما يتطلبه مركزهم الشخصي أو الاجتماعي أو الثقافي أو السياسي فمثلاً نرى أن إيماءة التحية عند الحكام للناس تختلف عن شكل التحية لمدير عام أو رئيس عشيرة.

وهذا المتطلب في طبيعة التحية يصاحبه شعور هو من ناحية أقرب إلى (تطبيق الاتكتيك) وموازٍ لـ(منطق الاعتداد) وهنا تكمن مسألة بماذا يمكن أن يتصرف الوجيه الكبير إذا كان ذا إنجاز اجتماعي كأن يكون عالماً أو مبتكراً أو سياسياً مناضلاً عن حق وحقيق أو رئيساً لعمل مشهود بنجاحه في مؤسسة خاصة أو عامة؟ مع أن الموضوع غير بعيد عما يعتمل في الذات الإنسانية لكن المطب يأتي عادة إذا ما شعر الإنسان الذي أصبح تحت دائرة ضوء الشهرة أو اعتقد هو بذلك خطأ إذا ما أصيب بمرض الاعتداد المريض بالذات أي الفائق عن حدود المطلوب.

وميزة الفكر كخاصية تتبع عادة النظرة إلى ثبات المرء الأخلاقي بحيث لا تجعله متكبراً إذا ما حصل على مركز أعلى في الوظيفة أو الحياة فقد أثبتت تجارب الحياة أن أنجح الأشخاص في الحياة هم أولئك الذين يزداد تواضعهم وعدلهم كلما ازدادت مسؤولياتهم المعنوية أو الجاهية في مجال معين.

واللامصدق لنفسه جراء حصوله على مال كثير أتاه بالصدفة (من وراثة أو صفقة ما) أو من جراء وصوله إلى وظيفة عليا أو يعتقد هو أنها وظيفة لا توجد وظيفة قبلها أو بعدها يرى حريصاً على ما وصل إليه وينسى أن واجبه يقتضي الإبداع في صرف وتوظيف ماله إذا كان مكسبه وظيفياً وإلا فإن ماهية ذاك المعتد بنفسه لحد الغرور إذا عاكس ذلك فهو يعني أنه قد خطى أول خطوة نحو سقوط الأجل حتماً.

إن التأمل بعمق في الموقف من الحياة يتعين على المرء فيه أن يبقى في حال تعين باعتداد يمتاز بمعرفة سمات الفضيلة للذات الإنسانية عنده وعند الآخرين فبذاك يمكن اجتياز مؤشر سلبية العلاقات.