مهما كثرت أنواع السلطات الخضراء المقدمة على المائدة اللبنانية والعربية، يبقى لسلطة الفتوش شكلها الخاص وحضورها المميز في وسط الطاولة.
فهي زينة الموائد الرمضانية، كما تعتبر من أشهر المقبلات الشرقية التي تفتح الشهية على الأكل بطعمها اللذيذ ونكهتها الخاصة، كما تساعد في عملية الهضم ولها فوائد غذائية عديدة.
انها سلطة الخضراوات الأولى بين السلطات، اذ تضم باقة غنية ومنوّعة من الخضراوات الشهية والطازجة التي تزهر وتثمر في كل المواسم.
الأمر الذي يجعل منها طبقاً يومياً يحبه الكبار والصغار، ويكاد لا يغيب عن مائدة كل منزل ومطعم.
انطلقت سلطة الفتوش من المطبخ اللبناني الذي طالما تميّز باحترافه لفن الطبخ، فارتبطت باسمه مجموعة كبيرة من الأطباق اللذيذة التي أصبحت جزءا من التراث اللبناني العريق.
ثم اشتهرت بها مطابخ عربية أخرى، وتحديدا في المطبخين الأردني والفلسطيني. وشهرة الفتوش انه الطبق اليومي على المائدة الرمضانية.
ولا غنى عنه، اذ انه يحتوي على باقة منوّعة من الخضراوات الطازجة التي تضم بدورها كميات كبيرة من الألياف الضرورية لجسم الانسان.
فخلال فترة الصوم والامتناع المؤقت عن الطعام، يحتاج الجسم الى نظام غذائي سليم يعتمد بالدرجة الأولى على الخضراوات الغنية بالفيتامينات والأملاح المعدنية.
وهذه الخضراوات تتوافر بأنواع كثيرة ومختلفة في سلطة الفتوش التي تتمتع بفوائد غذائية عديدة، وقد صنفها خبراء التغذية بأنها طبق صحي بامتياز.
وهي سلطة خضراء اللون مكوّنة من الخس والبندورة والخيار والنعناع الأخضر واليابس والبقلة والبقدونس والفجل والفليفلة الخضراء والبصل وأعواد البصل الأخضر، ويضاف اليها السماق والملح والبهار وعصير الحامض وزيت الزيتون، وطبعاً الخبز المحمّص أو المقلي. ويضاف اليها الثوم والخل حسب الذوق والطلب.
ولكل من هذه الخضراوات فوائده الغذائية الثابتة، فالخس يحتوي على أملاح معدنية وفيتامينات وهو فعال في تنشيط عملية الهضم، كما أنه مهدئ للأعصاب وفاتح للشهية.
أما البندورة والخيار فيحتويان على نسبة عالية من الألياف الغذائية.
والبصل أيضاً يساعد على تنقية الدم ويعتبر مضادا للغازات. والنعناع اليابس غني بفيتامين (أ)، كما ينشط ويسهل عملية الهضم. والبقدونس أيضاً يساعد على فتح الشهية وتسهيل عمل الجهاز الهضمي.
والفجل يحتوي على الكثير من الفيتامينات والأملاح المعدنية والمواد العضوية مثل الحديد والماغنيزيوم والفوسفور وغيرها.
أما البقلة فهي ذات فوائد غذائية وطبية عالية، لكونها غنية جداً بالكالسيوم، والحديد، والبوتاسيوم، والفيتامينات (أ) و(ب) و(ج).
وتعتبر البقلة من النباتات المقوّية للطاقة، وهي مدرة للبول وتفيد في علاج النزلة الشعابية والترسبات في الكلية والمرارة.
ولا نغفل فوائد زيت الزيتون الطبيعية، اذ أظهرت الدراسات والبحوث الأكاديمية في جامعات اميركية وفرنسية أنه يقاوم الأعراض الفيزيولوجية للشيخوخة، ويساعد الجهاز الهضمي على أداء وظائفه بكفاءة عالية، كما يحتوى على عدد من الفيتامينات الضرورية للجسم.
ولا يقل طبق الفتوش أهمية عن طبق التبولة أو غيره من المقبلات التي تزين المائدة اللبنانية. فهو من الوجبات السريعة التي يسهل تحضيرها بشكل يومي، كما ان محتوياته تتوافر في كل منزل لبناني وعربي.
كذلك يعتبر الفتوش من الأطباق الرئيسية على موائد المناسبات ودعوات الغداء والعشاء.
وما أفضل من تناول وجبة خفيفة وصحية من الخضراوات الطازجة قبل تناول أي وجبة غذائية أخرى سواء كانت خفيفة أو دسمة! كذلك تبرز قيمة الفتوش الغذائية عندما يحل طبقاً أساسياً على المائدة الى جانب صحن البطاطا المقلية، ويجتمع حوله أفراد العائلة والأصدقاء.
وقد جرت العادة عند اللبناني أن يدعو أصدقاءه الى أطيب أمسية فتوش، من تحضير والدته أو زوجته.
وترتبط سلطة الفتوش ارتباطاً وثيقاً بالريف اللبناني الذي اشتهرت نسوته منذ القدم بصناعة أطيب طبق فتوش على الاطلاق.
وذلك لا يعود فقط الى مهارة المرأة الجبلية في فن الطبخ، ولكن الأهم يكمن في استعمال أفضل نوعية خضراوات تخرج مباشرة من البستان الى المطبخ.
ومن الروايات المتداولة حول الفتوش أنه كان بالنسبة لأهالي الجبال بمثابة كوب الماء على المائدة.
وقد كانت المرأة آنذاك تُكرم زوجها عند المساء بأطيب صحن فتوش أعدته له بيديها وقلبها.
أما الشابات الصغيرات فكن يساعدن أمهاتهن في تحضير سلطة الفتوش، باعتباره الطبق الأحب الى بطن الرجل والطريق الأسهل الى قلبه.