علم اليوجا هو علم منبثق من المعرفة الهندية القديمة (الفيدا) (VEDA )، أما كلمة "يوجا" فهي كلمة من اللغة السنسكريتية – لغة آسيا القديمة- وتعني الاتحاد بين الجسم والعقل والاتصال بالإله.. لا تفرق بين جسم الإنسان وعقله بل تجعلهما وِحدة واحدة. وفلسفة اليوجا تعرض مبادئ لها بصيرة نافذة في كل جوانب الحياة الروحية والعقلية والجسدية، وفيها الإنسان مركز لقوى متحركة وثابتة فكلما نما الجانب الثابت فيه زادت سيطرته على الجانب المتحرك. المجالات الرئيسية لليوجا ياما (YAMA): وهي خمس قواعد للسلوك في المحيط الخارجي للفرد الذي يتأثر دائما بأفكاره وأعماله وهي: الصدق اللاعنف عدم تقبل ممتلكات الغير. عدم الطمع العزوبية: أي الحالة التي تتواجد فيها الحياة في الفرد دائما في اتجاه سامٍ. <LI value=2> نياما (NIYAMA): وهي فضائل تتطور تلقائيًّا عند الوصول إلى حالة اليوجا وهي: النقاء والرضا والتقشف والبحث والتكرس لله. آسانا (ASANA): وهي الأوضاع والتمارين الجسدية التي تطور الجسم السليم للتمهيد للجلوس لفترات طويلة للتأمل. براناياما (PRANAYAMA): أي مجال التنفس وقوة الحياة، فالإنسان قد يعيش أياما دون ماء أو طعام ولكن لا يستطيع البقاء أكثر من دقائق معدودة دون هواء إلا في مستويات وعي مرتفعة حين يصل إلى حالة اليوجا حيث يمكن إيقاف التنفس لوقت طويل وبشكل تلقائي. براتياهارا (PRATYAHARA): أي انسحاب الحواس عن أغراضها ليتحرر الفكر من القيود الحسية والأنماط الاعتيادية للإدراك، وهذا يحدث في أول مرحلة من الغوص في أعماق الفكر. دهارانا (DHARANA): وهي الانسحاب من تعددية وعشوائية الأفكار وتوحيد الانتباه إلى موضوع داخلي واحد. ديانا (DHYANA): وهي تخفيف الاضطرابات الفكرية والوصول إلى مستويات أعمق من منهج التفكير في اتجاه منبع الأفكار. الصمادي (SAMADHI): وهي حالة اليوجا أي حالة توحد الوعي في حالة مطلقة تتميز باللامحدودية وقدرات فائقة. مزايا تمارين اليوجا وتُمارَس اليوجا من خلال مجموعة من التمارين العقلية والأوضاع الجسمية؛ بحيث تتناغم الحركة الجسمية مع التخيل العقلي مع طريقة التنفس، وقد صُمِّمَت تمارين اليوجا لضبط الضغط في النظام الغددي في الجسم؛ وبالتالي زيادة كفاءته، وزيادة كفاءة الصحة العامة. ونظام التنفس يقوم على مبدأ أن التنفس هو مصدر حياة الإنسان؛ فممارس اليوجا يقوم تدريجيًّا بزيادة ممارسة نظام التمرينات الرياضية والتنفس، ثم بعده يدرب جسده وعقله على التركيز والتأمل، وبالممارسة اليومية المنتظمة لنظام اليوجا يحصل الفرد على عقل صافٍ وواعٍ، وذاكرة قوية، وجسم صحي. في نظر اليوجا يتسم التمرين بأنه لا يستهدف الجسم المادي معزولا عن باقي مقوماته أو عن العقل فحسب؛ بل يستهدف الإنسان ككل؛ لكي ينميه تنمية كاملة حتى يصبح الجسد المادي صالحا لوجود الرُّوح فيه. ولحفظ خلايا الجسم في حالة طيبة من النشاط والحركة يلزم الاهتمام بالعوامل التالية: الأشعة فوق البنفسجية من أشعة الشمس. الأكسجين الطعام الطبيعي النقي. السوائل النقية مثل: الماء وعصير الفواكه والمشروبات الطبيعية كالأعشاب. التدريب البدني لتكوين الجسد بشكل يكون أكثر صلاحية لتحقيق الهدوء والتركيز وذلك بواسطة تمارين اليوجا المختلفة. لذا فممارسة اليوجا تساعد على تحقيق توازن طبيعي بين العقل والجسد والتي من خلالها تبرهن الصحة عن نفسها؛ فالصحة لا تعني فقط خلو الجسد من الأمراض؛ بل هي بالإضافة إلى ذلك صنع بيئة داخلية تسمح للفرد بالوصول لحالة التوازن الفعَّال للصحة. تُمارَس اليوجا منذ ما يزيد عن 5000 سنة بواسطة الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم؛ بل وتُعتَبَر من أكثر الاتجاهات الصحية تطورا واستخداما في الوقت الحديث؛ حيث تُعتَبَر اليوجا من أفضل الوسائل للهدوء النفسي والتخلص من التوتر، كما أنها فعالة في مساعدة المرضى على تحمل متاعب الأمراض مثل الربو وآلام الظهر، بل وحتى السرطان. فلسفة العلاج باليوجا وتعتمد فكرة اليوجا على العلاج الكلي المتكامل، حيث إن تمارين الجسم هي واحدة فقط من جوانب اليوجا، وتهتم جوانب اليوجا كلها بتدفق الطاقة في الجسم من خلال أساليب التحكم في التنفس والعقل. كما تساعد تمارين اليوجا على التخلص من الإحساس بالتوتر والتخلص من آثاره المزعجة ومضاعفاته العديدة؛ حيث ينصح خبراء الصحة العامة بممارسة تمارين اليوجا والتي تعتمد أساسا على التأمل والجلوس بوضعية ثابتة لوقت لا يقل عن نصف ساعة مع تثبيت النظر باتجاه واحد وخلال هذا الوقت يشعر المرء بأن الكثير من الشحنات قد تم تفريغها للخارج بدلا من أن تظل كامنة في الجسم محدثة العديد من الاضطرابات، وبالإضافة إلى ذلك يشعر المرء بأن جميع أعضاء جسمه قد نالت كفايتها من الاسترخاء الضروري لإعادة الحيوية للجسم الذي أنهكه التوتر والشعور بالوهن العام. كما أن بعض أنواع اليوجا تركز على دور التنفس في الصحة الجسمية؛ حيث أثبتت نظريات الطب الحديث أن التنفس ليس مجرد توصيل الأكسجين إلى الدم، ولكنه أيضًا يؤثر على استخدام الإنسان لعضلاته وصدره وبطنه، وذلك بدوره يؤثر على عملية الهضم، كما نجحت اليوجا كطريقة في التعامل مع أزمات الربو، حيث إن اليوجا تشجع على التنفس بطريقة صحيحة، وهذا يساعد على تقليل التهابات القصبة الهوائية وآلام الظهر ومشكلات الهضم والتنفس، كما أن التنفس الصحيح يُمكِّن الإنسان من التعامل مع حالات الرعب المفاجئ، وهي مرتبطة بالتنفس السريع والبطئ. كما استُخدِمَت اليوجا بنجاح مع حالات مرضى القلب. ويمكن لمرضى السكري استخدام اليوجا كأداة هامة وجديدة للعلاج؛ فمريض البول السكري لا يستطيع جسمه إنتاج هرمون الأنسولين بكفاءة، وهو الهرمون الذي يساعد على تحريك الجلوكوز (مصدر للطاقة) من مجرى الدم في الخلايا، وأظهرت الأبحاث الحديثة أن بعض أنواع اليوجا وهي الهاثا يوجا (HATHA YOGA) – وتعني التوازن وهذا النوع من اليوجا يمثل الفكرة المركزية لليوجا، وهي الترابط بين الجسم والعقل- توفر فائدة حقيقية في توازن السكر في الدم؛ حيث أثبتت الأبحاث التي أُجرِيَت على عينة من مرضى السكريّ أن التزام هؤلاء المرضى بممارسة اليوجا خمس مرات وبشكل يومي قد مكنهم من تقليص عدد جرعات الأنسولين التي يحتاجونها. وممارسة اليوجا مرة واحدة أسبوعيًّا لها فائدة كبيرة في مقاومة الضغوط النفسية والأمراض عموما، كما أن ممارسة اليوجا ملائمة لكل الأعمار، والمهم هو أن يطور الإنسان مهاراته في رياضة اليوجا بما يلائم قدراته الجسمية. ولا تقف أوجه استخدام اليوجا كعلاج عند هذا الحد؛ بل إنها يمكنها شفاء أنواع أخرى من الأمراض مثل: الالتهاب الشعبي- والبرد- والإمساك- والاكتئاب- والإنفزيما – وإجهاد البصر – والانتفاخ – والصداع – وعسر الهضم – وعدم انتظام الدورة الشهرية عند النساء – وضعف الأعصاب – والسمنة – ومشاكل البروستاتا – والروماتيزم – وعِرق النسا – والضعف الجنسي – ومشاكل الجيوب الأنفية – والتهاب الحلق – وتجاعيد البشرة؛ ومن ثم أصبحت أحد العناصر الأساسية في ممارسات الطب البديل في الغرب. تمارين اليوجا والصلاة والإنسان في وقتنا الحالي ينغمس في ماديات الحياة؛ فينسى حقيقة وجوده، وتصبح عباداته ومناسكه تأخذ شكلًا مظهريًّا دون التأمل في صنع الله والتركيز فيما يؤديه من عبادات بعيدا عن مشاغل الحياة ومتاعبها؛ لذلك فممارسة تمارين اليوجا تساعد على التركيز في أداء العبادات اليومية وإبعاد الحواس عن أغراضها وتوحدها للتركيز والتأمل في خلق الله، ومن العجيب في علم اليوجا أن هناك صلة مشتركة بينه وبين بعض تعاليم الأديان السماوية، والأعجب من ذلك هو أن هناك تشابها بين التمارين التي يقوم عليها أحد فروع اليوجا وهو ما يُسمَّى (هاثا يوجا) (HATHA YOGA) وبين عبادة الصلاة في الدين الإسلامي الحنيف. حيث يتشابه كلاهما في مجموعة من الحركات والأوضاع الجسمية التي تتم خلالهما كما أن تمارين الهاثا يوجا تمارس خمس مرات يوميًّا، وكذلك يقوم المسلم بالصلاة خمس مرات يوميًّا بشكل رئيسي-ولكن بالطبع هذا لا يعني أن كل الأوضاع التي تشملها الهاثا يوجا تُوجَد في الصلاة. ويؤكد العلماء الغربيون أن مراكز الطاقة في الإنسان ترتبط بالمراكز العصبية التي تتفرع من العمود الفقري؛ وبالتالي فإن الأوضاع التي يقوم بها المسلم في صلاته تحفز العمود الفقري لتصحيح ما يطرأ عليه من قصور نتيجة الممارسات اليومية للحياة؛ لذلك فالتمسك بتعاليم الدين الإسلامي وممارسة العبادات بشكل منتظم وتعويد النفس على التركيز والتأمل يساعد الإنسان على تحقيق التوازن العقلي والروحي والجسدي؛ وبالتالي تحسين الصحة العامة، والمحافظة على الاتصال بالله والإيمان بعظمة ديننا الحنيف.