يعاني كثير من الناس من نقاط ضعف في شخصيتهم يتمنون ان يتخلصوا منها، من دون ان يعرفوا كيف..هم يعترفون بين انفسهم وامام الآخرين ببعض هذه النقاط، الا ان ما لا يعرفونه هو ان اعترافهم ووصولهم الى التحديد المباشر لهذه السلبيات هو نصف الطريق لو قرروا السير فيه وصولا الى الافضل وما يطمح اليه كل منهم. ولعل اسلوب المحاولة وحده هو الذي قد يصل الى النجاح او الفشل...وقد يتبع المحاولة الاولى ثانية وثالثة، وقد لا يتبعها شيء.الا ان ذلك يعني في النهاية ان الامر يستحق الوقوف عنده ومحاولة تغييره الى الافضل. ولكن كيف ؟ اعتقد، بل أجزم، ان المحاولة لابد ان تكون مقرونة بالتحدي. فلو اختلى المرء بنفسه وسجل نقاط الضعف التي يشعر انها تؤثر على سلوكه وتعامله مع الاخرين وعلاقاته بهم،واعطى لكل نقطة الاولوية التي يراها، أي أن يرتب هذه العيوب حسب اهميتها واولويتها في علاقاته مع المحيط، والتي لا مفر منها في أي حال من الاحوال..فسيكون قد خطا الخطوة الاولى والصحيحة للارتقاء بشخصيته وسلوكه. ولا أفضل او أجمل من أن يتولى الانسان بنفسه تنفيذ هذه الخطوات جميعها. أما الخطوة الثانية..وأنا هنا لا اتحدث نتيجة لنصيحة من أصحاب الاختصاص أو نقلا عن تجربة واقعية، ولكن من واقع وضع نفسي في هذه الحالة، واختبار كيفية التغلب على ما آراه سلبيا في جانب من جوانب شخصيتي. ويشاطرني الكثير فكرة ان الانسان نفسه اقدر من الآخرين على وضع الحلول التي يرتاح اليها، فهو يعلم كل الظروف المحيطة به، ويعلم دقائق الامور عن نفسه التي لا يمكن ان يعرفها الآخرون عنه اكثر منه. وفي المرحلة الثالثة وهي المهمة..البدء بالتعامل مع نقاط الضعف بروح التحدي، اي بمعنى أن نحاول التخلص منها بشيء من التحدي. والتحدي يعني المحاولة تلو الاخرى، وعدم السام أو الملل لمجرد الاخفاق في الوصول الى المطلوب منذ البداية. والتحدي أيضا لا يكون الا بوضع البدائل، فاذا لم ينفع الحل الاول اجرب الثاني البديل الذي يحمل احتمالا آخر. وهكذا سنرى انفسنا نتغلب على جانب تلو الآخر، الاهك ثم المهم ثم الأقل أهمية، ولا يوجد ما هو غير مهم في هذا الموضوع. أما إذا بقي الانسان متمسكا بكل ما يحب او لا يحب، ما يفضل او لا يفضل، ما يراه صحيحا أكثر وما لا يراه كذلك، بغض النظر عن الظروف المحيطة والمسببات وغيرها من تفاصيل..فهو بالتأكيد سيبقى داخل دائرته، وسينفر الآخرون منه تدريجيا لمجرد احساسهم انهم امام حائط أو سد لا يمكن تخطيه لرؤية الجميل خلفه. والتمسك بالرأي، مهما كان صائبا او نصف صائب أو خاطئا، هو أحد العيوب التي نعنيها أو نتحدث عنها. فالرأي يحتمل الصواب والخطأ، والانسان قد ينجح وقد يخطئ. ومن ثم فإن التمسك بالرأي، خاصة اذا كان مخالفا للحقيقة، يحطم الانسان من دون أن يشعر. وهذا النوع من الناس ينفر منه المحيطون لصعوبة التعامل معهم، ويلجأون الى البديل عنه وان كان أقل قدرة منه..ولكنه على الأقل سهل لين، يأخذ ويعطي، يعترف بخطأ تفكيره ومن ثم رأيه، يرحب كثيرا بتصحيحه وتعديله بكل ثقة، من دون ان يفسر ذلك بأنه انتصار عليه. عيوبنا كثيرة وايجابياتنا كثيرة أيضا. ولكن ما أجمل ان تتغلب الثانية على الأولى، وما أروع أن تنحسر الأولى على حساب الثانية حتى تقل قدر الامكان. ولا يوجد إنسان كامل، ولكن هناك الكثيرون الذين يذكر لهم الآخرون حسناتهم وايجابياتهم دائما من دون ان يتطرقوا لسلبياتهم. فما يرونه منهم باستمرار لا يعطي مجالا لذكر غير ذلك.....