كثيرون منكم شاهدوا «حرامى» فى الشارع والمواطنين ممسكون به، وهذا يلكزه وذاك يضربه على قفاه وتلك تصرخ بصوت عال «حد ينادى البوليس»، رغم أن المخبر هو اللى ماسك الحرامى وبيضرب فيه إلى أن يظهر مَنْ صوته عال ويقول: «حرام عليكم يا ناس هو كان عمل إيه يعنى.. سيبوه خليه يروح لحال سبيله وكفاية اللى عملتوه فيه».
قصدت من هذه الحكاية المتكررة فى الشارع المصرى أن الشعب المصرى يتعاطف مع كل ما هو ضد السلطة وليس حباً فى الحرامى.
هذا المثل الذى ضربته ينطبق، فى شكله وليس موضوعه مع الفارق الكبير، على مسلسل «الجماعة»، الذى قام بتأليفه المبدع الكبير وحيد حامد.
المسلسل، الذى فرض نفسه كمادة للحكاوى على كل الجلسات الشعبية والرسمية وفى الصحف والفضائيات، كان متوقعاً له، قبل عرضه، أن «يشوه صورة الإخوان» فى الشارع المصرى لدرجة أن عناصر من الإخوان والجماعة فى مجملها كانت منزعجة وهاجمته على اعتبار أن المسلسل مكتوب من «وجهة نظر أمنية».. ولكن بعد أن تم عرضه فوجئت «الدولة والجماعة» – الاثنان معا لم يكن يتوقعاً ذلك - بالتعاطف الجماهيرى مع «الجماعة» كتنظيم وليس المسلسل ومع المرشد الأول الإمام الشيخ حسن البنا، حيث جاء التعاطف منقطع النظير،
فقد أدخل «المسلسل» فكر الجماعة وكلمة «الإخوان المسلمين» إلى كل البيوت المصرية من خلال الممثل الأردنى الوسيم إياد نصار- المصريون يتعاطفون مع الوسامة - وأسقط فى يد الدولة التى دفعت 22 مليون جنيه من أموال دافعى الضرائب لتذيع وتبث أفكاراً تعتبرها «جماعة محظورة» باسم القانون وأنا أعتبرها «جماعة محظوظة» باسم السياسة بأمارة «الـ88 كرسى بتوع مجلس الشعب»، الدولة تقول وتؤكد أنها تحاربها، وفى الوقت نفسه تشترى المسلسل وتذيعه على قنواتها الأرضية والفضائية فى الوقت الذى رفضت شراءه معظم الدول العريية.
سياسياً لابد أن نعترف بأن جماعة الإخوان المسلمين، سواء اختلفنا معها أو اتفق البعض منا مع أفكارها، هى جماعة سياسية موجودة على أرض الواقع حتى لو قال قادتها إنها جماعة «دعوية» معنية بالعمل الاجتماعى العام، «الجماعة» لها برنامج سياسى ولها كوادر سياسية وأذرع اقتصادية وتغلغلات فى الأحزاب المصرية وتلقى هوى فى الشارع الموبوء بفساد الحزب الوطنى وبالأحزاب الورقية الهامشية التى تخرج وتموت من عباءة هذا الحزب الذى ابتليت به مصر، وبحكومة لا يعلم إلا الله متى تنقشع غمتها من على أنفاس المصريين.
مسلسل الجماعة خدم الإخوان خدمة تاريخية قد لا تتكرر مرة أخرى خدمة لم يفكر فيها الإخوان أنفسهم وإذا فكروا فكيف السبيل إلى تنفيذها؟.. خدمة جاءت إليهم على طبق من ذهب، الدولة التى تحاربهم وتروج لهم فى آن واحد.
بقى أن نعرف أن الإخوان فى الماضى كانوا يبذلون ما فى وسعهم لنشر كلمة «إخوان» فى وسائل الإعلام بأى طريقة والآن الإعلام هو الذى يجرى وراءهم.
أحد قادة الإخوان قال لأحد الزملاء الصحفيين: إن مسلسل الجماعة خدمنا خدمة جليلة فقال الزميل كيف وهو تعمد تشويه صورتكم. فرد: قليل من الجهد فى المرحلة المقبلة يوضح الصورة التى شوهها المسلسل ولكن يكفينا أننا أصبحنا على كل لسان. إنها حقاً جماعة محظوظة المختصر المفيد: كل سنة وأنتم ومصر بخير ويكفينا الله شر الأيام المقبلة.