مقتل كعب عدو الإسلام ! أهدر الرسول دمه بعد أن فضح نساء المسلمين بشعره الماجن كان كعب بن الأشرف يهوديا.. وكان يبشر بقدوم نبي يعيد الأمور إلي نصابها، ويبشر بقيمه وفضائله للناس، ولكنه عندما علم بالدعوة حقد علي النبي عليه السلام وعلي المسلمين.. وكان كعب بن الأشرف شاعرا، واتخذ من شعره وسيلة للتشبيب من المسلمات، ومن هؤلاء اللاتي تعرضن لهذه في شعره أم الفضل بنت الحارث ، والتي قال فيها مثل هذه الأبيات: أراحل أنت لم تحلل بمنقبة وتارك أم الفضل بالحرم صفراء رائعة لو تعصر انعصرت من ذي القوارير والحناء والكنم إلي آخر أبياته الشعرية التي تدل علي عدم حرصه علي حرمات الناس. وقد بلغ به الفجور والوقاحة أنه رثي من قتل من المشركين في (بدر) وكان يريد بذلك إغاظة المسلمين .. فقد قال عن قتلي بدر: .. هؤلاء أشراف العرب وملوك الناس والله لئن كان محمد قد أصاب هؤلاء القوم لبطن الأرض خير من ظهرها!! بل أنه ذهب الي مكة يحرض الناس علي قتال المسلمين، ثم عاد ليشبب في نساء المسلمين في المدينة، بلا خوف من غضب الناس وهم يستمعون إلي أشعاره البذيئة في نسائهم، وبكل ذلك أوغر صدور المسلمين نحو هذا الذي غرٌّه أنه يملك اموالا كثيرة جمعتها له أمة من بني النضير. وماكان من الناس أن ذهبوا إلي الرسول عليه الصلاة والسلام متحدثين له عن هذا الشاعر الذي يهجو أعراض نساء المسلمين، وان هذا اليهودي سوف يشعل فتنة قد لاتخمد اوراها، وأنه آن الآوان للتخلص منه وقتله، حتي يأمنوا مؤامراته وسفالته ووضاعة لسانه.. قال الرسول عليه الصلاة والسلام من لي بابن الاشرف؟ قال محمد بن سلمة الانصاري: دعه يارسول الله لي لأقتله قال النبي صلي الله عليه وسلم فافعل ان قدرت علي ذلك فقال ابن مسلمة: يارسول الله ، إنه لابد من أن تقول قولا حتي نتمكن منه قال النبي عليه الصلاة والسلام قولوا مابدا لكم فالحرب خدعة. ولكن محمد بن مسلمة وجد أن الأمر ليس بالسهولة التي كان يتصورها فكعب بن الاشرف لايعيش بمفرده، وانما يعيش في حصن وحوله الفرسان، مما جعله يجمع بعض صحبه الذين كانوا يرون نفس الرأي بضرورة قتل عدو الله. *** فهذ الرجل اليهودي الذي يعلم أن رسول الله علي حق، وانه جاء بكتاب منزل، عندما ذهب الي مكة ليؤلب أهلها علي الرسول، عندما سألوه أن يمدح ألهتهم ويقول رأيه في محمد، لم يتورع ان يكذب عليهم ويقول مالايعتقد بأنهم علي حق، وان المسلمين علي الباطل، مما عبر عنه القرآن الكريم بقوله: 'ألم تر إلي الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت، ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدي من الذين آمنوا سبيلا. أولئك الذين لعنهم الله، ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا. النساء 5152 هذا رجل ملأه الحقد والحسد ولن يعود عن حقده وحسده. من هنا فقد ذهب ابن مسلمة ومعه بعض صحبه الذي يعرفهم ابن الاشرف.. وذهب إليه أحدهم وتحدث معه وتحدثا في الشعر، ثم قال لابن الأشرف: ويحك يا ابن الأشرف. إني قد جئتك في حاجة أريد ذكرها لك.. فاكتم عني' قال له كعب بن الأشرف: وماحاجتك. كان قدوم هذا الرجل يقصد النبي بلاء من البلاء.. عادتنا به العرب، وتجمعت علينا من أجله، وقطعت علينا السبل حتي جاعت العيال وقلٌّ المال. قال كعب: لقد كنت أخبرتكم أن الأمر سيصير إلي ماتقول. وقد أردت أن تبيعنا طعاما، ونرهن لك، ونوثق الرهن علي أن تحسن معاملتنا. قال كعب: ارهنوني أبناءكم ونساءكم!! هل تريد أن تفضحنا بين أحياء العرب؟ وأن معي أصحابا علي مثل رأي، فقد أردت أن أتيك بهم، فتبيعهم وتحسن إليهم في ذلك ، علي أن نرهنك من السلاح والدروع مافيه وفاء لدينك علينا قال كعب. أجل إن في الدروع وفاء. واتفق الرجل مع كعب بن الأشرف علي موعد، ورجع الرجل يحدث أصحابه بما تم من اتفاق بينه وبين كعب بن اشرف. *** وفي الموعد المحدد ذهب القوم الي حصن كعب بن الأشرف ، وكان الوقت ليلا، ونادي أحدهم عليه ليقابل أصحابه للاتفاق علي ماتم. وكانت الليلة مقمرة، وخرج إليهم كعب بن الأشرف، رغم انه كان حديث عهد بعرس، ورغم ان عروسه حذرته من الخروج. وتحت ضوء القمر الشاحب، ادعي أحدهم أنه يريد أن يشم الرائحة المنبعثة من رأسه، وعندما مال كعب، امسك الرجل برأسه وطعنه زملاؤه بالسيوف، ولم يتركوه إلا جثة هامدة.. وبذلك استطاع المسلمون ان يتخلصوا من لسانه البذيء.. ومن تحريضه علي المسلمين. وجاء في الخبر أن النبي صلي الله عليه وسلم أقر مقتله فعاب بعض المؤرخين الأوربيين ذلك وحسبوها خروجا من سنن القتال يشبه مافعله نابليون الكبير حين أمر باختطاف الدوق دنجان ومحاكمته يغير حق مع ما بين الحادثين من بون بعيد بيناه من قبل فلا نعود إليه. ويقول الاستاذ العقاد أيضا: إلا أننا نوجز هنا فلانزيد علي أن نشير إلي حكم القانون الدولي في أحدث العصور علي من يؤخذون بصنيع معيب كصنيع ابن الاشرف، وان لم يبلغ مبلغه من القدر والكيد والإساءة الي الاعراض. وذلك هو حكم الأسير الذي ينطلق بعهد الشرف ألا يعود الي القتال، فإن القانون الدولي يوجب عليه ان يوفي بعهده ، ووجب علي حكومته ألاتندبه الي عمل ينقص ماعاهد الاعداء عليه، ويقضي بحرمانه حق المعاملة كما يعامل أسري الحرب إذا شهر السلاح علي الذين أطلقوه ، أو علي حلفائهم المحاربين في صفوفهم. ويصح إذن يحاكم يحاكم المذنبون ويقضي عليه بالموت ويخرج الأستاذ العقاد من ذلك: فقوانين العصر الحديث إذن تعاقب بالموت جريمة أهون من جريمة أهون من جريمة كعب بن الأشرف بكثير، لانه تجاوز القدر الي التأليب والائتمار وثلب الأعراض وليس في توقيع هذه الأحكام قسوة ولارحمة، لان المرجع فيها الي الضرورة التي أوجبت القصاص، وفرضته علي الناس في أحوال السلم بين أبناء الأمة الواحدة، فضلا عن أحوال القتال بين الاعداء.. *** هذه صورة سريعة عن كعب بن الأشرف الذي ظن انه بماله الكثير الذي يملكه، وبسلاحة الكثير الذي يستحوذ عليه، وثقته بين قومه من اليهود الذين ألفهم العالم علي طول التاريخ وعرضه لايعرفون العهود والمواثيق ظن هذا الانسان الغبي السليط اللسان.. المتآمر .. ان كل هذه الأمور ستجعله في حصن حصين لايستطيع أحد أن يصل إليه بسوء، ونسي في غمرة غبائه العنصري أن الاسلام سوف ينتصر عليه بقيمة ومبادئه وفضائله.. وان الاسلام جاء ليبقي وينشر انواره المادية والمعنوية فيغزو القلوب والعقول ويمد ضوء الحضارة الي أقصي مدي.. ولو عاش كعب بن الاشرف قليلا لعرف ان المسلمين استطاعوا ان يهزموا اليهود في كل المواقع، وانهم رضخوا لمطالب المسلمين.. ولم يغن مكرهم ولاخداعهم عنهم شيئا. *** مراجع تاريخ الطبري النبي العربي احمد التاجي عبقرية محمد عباس العقاد رجال ونساء نزل فيهم قرآنا د. عبدالرحمن عميرة