إنّ الذي سَنَّ قانُونَي الجاذبيَّة والحركة في السَّماء ، حَسَبَ كلَّ شيء حسابًا دقيقًا يعجزُ عن تصوُّره العقل ، فجعل قُوَى الجاذبيَّة تتوازن مع قُوَى الطَّرْد ليتماسك الكون ! بل ، ووضع كلَّ شيء في المكان الذي يجب أن يكون فيه بالضَّبط !
فلو أنَّ الأرض مثلاً كانت أقرب إلى الشَّمس مِمَّا هي عليه الآن ، لاحترقَتْ بِمَن عليها ! ولو أنّها كانت أبْعَد منها ممَّا هي عليه الآن ، لَتَجمَّد كلُّ شيء فوقها !
والذي سَنَّ هذين القانونَين عَلِم أنَّ الأرض ستمارسُ جاذبيَّتها على كُلّ مَن فَوقها من أحياء وجماد ، فيَلتصقُوا بها ، لا يستطيعون حراكًا . لذلك ، جعلها تدور حول نفسها لِتَكْتسب قوَّة طَرْد مضادَّة لجاذبيَّتها ، فيحصلُ التَّوازن ، ويستطيع الأحياءُ المشيَ والحركة !
وهذا الدَّورانُ محسوب أيضا بدقّة ، بحيث لو كان أسرع مِمَّا هو عليه الآن ، لَتَناثر كلُّ مَن على الأرض مِن بَشَر ودوابّ وغير ذلك ، ولو كان أقلَّ مِمَّا هو عليه الآن ، لَوَجد النَّاسُ صعوبة كبيرة في الحركة !
ولأنَّ الكونَ يسيرُ وفْقَ نظام واحد ، فقد سَنَّ خالقُه سُنَّةَ الدَّوران أيضًا على كلّ الكواكب والنُّجوم والأقمار الأخرى ، فجعلها كلُّها تدور حول نفسها !
والأعجب من هذا أنَّها كلُّها تدور من الغرب إلى الشَّرق ، على عكس دَوران عقارب السَّاعة إذا نظرنا إليها من فوق ، سواء عندما تدور حول نفسها ، أو عندما تجري في مدارها حول النَّجم أو المركز الذي تدور حولَه !
فالأرض تدور حول نفسها من الغرب إلى الشَّرق ، وتدور في مدارها حول الشَّمس ، أيضًا من الغرب إلى الشَّرق ! والقمر يدور حول نفسه من الغرب إلى الشَّرق ، ويدور مع الأرض حول الشَّمس ، أيضًا من الغرب إلى الشَّرق ! وكلُّ كواكب المجموعة الشَّمسيَّة تدور حول نفسها من الغرب إلى الشَّرق ، ويدور كلٌّ منها في مداره حول الشَّمس ، أيضًا من الغرب إلى الشَّرق ! والشَّمس تدور حول نفسها من الغرب إلى الشَّرق ، وتدور في مدارها حول مركز مجرَّة درب التّبَّانة ، أيضًا من الغرب إلى الشَّرق !
والأعجب من العجب أنَّنا إذا انتقلنا من المجرَّة ، التي هي أكبر شيء في هذا الكون ، ونظرنا في أصغر شيء فيه ، وهو الذَّرَّة التي هي أَصْل كلّ مادَّة ، لَوَجدناها تتكوَّن من نَواةٍ في الوَسط ، تدور حولها إلكترونات ، أيضًا من الغرب إلى الشَّرق ، في مداراتٍ كما تدور الكواكب حول الشَّمس ! فالنَّواة هي شمس هذه الإلكترونات ، و " من الغرب إلى الشَّرق " هي قاعدة ثابتة في هذا الكون !
ومن اللاّفت للانتباه حقّا أنَّ المسلمين عندما يؤدُّون فريضة الحجّ ، يقومون بالطَّواف بالكعبة ، فيدُورون حولها من الغرب إلى الشَّرق ! نعم ، مثل الكواكب والنُّجوم والإلكترونات !
أفلا يدعو هذا الأمر إلى التَّساؤل : أيكونُ المسلم هو الإنسان الوحيد الذي ينسجم مع هذه القاعدة الكونيَّة ، فيدور مع كلّ شيء في هذا الكون ، من الغرب إلى الشَّرق ؟!
أيكون الإسلام هو الدّينُ الحقُّ الذي اختاره خالقُ هذا الكون لعباده ، فبعثَ به كلَّ أنبيائه ، وسنَّ لكلّ نبيٍّ تشريعات تُناسب عصره ، حتَّى اكتمل الإسلامُ ببعثة محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم ، آخر الأنبياء والمرسلين ؟!
حقّا إنّه أمرٌ مهمٌّ ، لا بُدَّ من الوقوف عنده ! (يتبع ...)
أخوكم عامر أبو سميّة