شأن زيد بن حارثة وبادر زيد بن حارثة رضي الله عنه ، حِب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان غلاما لخديجة ، فوهبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا تزوجها . البخاري المغازي (3778) ، أبو داود النكاح (2061) ، أحمد (6/271) ، مالك الرضاع (1288) ، الدارمي النكاح (2257). وقدم أبوه حارثة وعمه في فدائه ، فقالا للنبي صلى الله عليه وسلم : يا ابن سيد قومه ، أنتم أهل حرم الله وجيرانه ، تَفُكُّون العاني ، وتطعمون الأسير ، جئناك في ابننا عبدِك . فأحسن لنا في فدائه . فقال صلى الله عليه وسلم : فهل غير ذلك ؟ فقالوا : وما هو ؟ قال : أدعوه فأخيره ، فإن اختاركم فهو لكم . وإن اختارني : فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني" قالوا : قد زدتنا على النّصَف ، وأحسنت . فدعاه . فقال : هل تعرف هؤلاء ؟ قال : نعم أبي وعمي . قال : فأنا من قد علمت . وقد رأيت صحبتي لك . فاخترني ، أو اخترهما . فقال : ما أنا بالذي أختار عليك أحدا . أنت مني مكان أبي وعمي . فقالا : ويحك يا زيد أتختار العبودية على الحرية . وعلى أبيك وعمك ، وأهل بيتك ؟ قال : نعم ، قد رأيت من هذا الرجل شيئا ، ما أنا بالذي أختار عليه أحدا أبدا . فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك خرج إلى الحِجْر . فقال : أشهدكم أن زيدا ابني ، أرثه ويرثني فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفوسهما . فانصرفا . ودُعِيَ : زيد بن محمد ، حتى جاء الله بالإسلام فنزلت : ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ من الآية 5 من سورة الأحزاب . قال الزهري : ما علمنا أحدا أسلم قبل زيد . - ص 83 - وأسلم ورقة بن نوفل . وفي جامع الترمذي : " أن النبي صلى الله عليه وسلم رآه في المنام في هيئة حسنة . ودخل الناس في دين الله واحدا بعد واحد . وقريش لا تنكر ذلك ، حتى بادأهم بعيب دينهم وسب آلهتهم وأنها لا تضر ولا تنفع . فحينئذ شمروا له ولأصحابه عن ساق العداوة . فحمى الله رسوله بعمه أبي طالب . لأنه كان شريفا معظما . وكان من حكمة أحكم الحاكمين : بقاؤه على دين قومه لما في ذلك من المصالح التي تبدو لمن تأملها . وأما أصحابه : فمن كان له عشيرة تحميه امتنع بعشيرته ، وسائرهم تصدوا له بالأذى والعذاب . منهم : عمار بن ياسر ، وأمه سُمَيّة ، وأهل بيته . عُذِّبوا في الله . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرّ بهم - وهم يعذبون - يقول : صبرا يا آل ياسر ، فإن موعدكم الجنة .
- ص 83 -