لم تكن صناعة السيارات في البلدان النامية ومنها العراق تشيرالى المعنى الذي ينطبق على عملية الصناعة بشكل واقعي وحسب ما هو معروف في البلدان الصناعية الاخرى كاليابان وفرنسا والمانيا وغيرها من الدول المعروفة في هذا المجال الصناعي الرفيع . بل ان اطلاق تسمية ( صناعة السيارات ) في عدد من دول العالم لايعدو كونه محاولة لوضع القدم على اولى مراحل سلم الوصول الى البلدان الصناعية في مجال الانتاج الحقيقي للسيارات في العالم .وتلك المرحلة معروفة لدى جميع المهتمين بهذا القطاع هي (صناعة التجميع) والتي تتمثل بتركيب اجزاء السيارات وقطع الغيار من دول المنشأ الى معامل التجميع التي تستوجب تأمين كوادر فنية متخصصة لهذا الغرض وصولاً الى انتاج سيارة مركبة من الدول الاخرى كالعراق مثلاً . المواد الاولية وقطع الغيار ويبقى الفارق الجوهري ما بين الدول الصناعية الكبرى في انتاج السيارات والدول التي تحاول ان تصل الى هذا المستوى هو ان الدول المنتجة فعلاً لهذا النوع من الصناعة لاتحتاج سوى المواد الاولية للقيام بعملية الانتاج كالوقود لتشغيل المصانع والوحدات الانتاجية كالنفط والغازات الصناعية الاخرى وكذلك المعادن كالحديد والالمنيوم والبرونز ومواد البلاستك ضرورية لانتاج الاجزاء التي يتكون منها هيكل السيارة والمحركات التي يراد تصنيعها في احيان يتم تأمين تلك المواد الاولية محلياً في هذه البلدان لاحتواء اراضيها عليها وفي احيان اخرى يتم استيرادها من دول اخرى. اما الامر الثالث هو وجود الخبرات الفنية والكفاءات المهارية فيها كالمهندسين وعمال مهرة فضلاً عن الادارات المتخصصة لمعامل الانتاج ومفاصل العمل فيها اما البلدان النامية فالامر يختلف الى حد بعيد فهي ليس لديها القدرة على القيام لجميع العمليات الانتاجية مثل تحويل المواد الاولية الى اجزاء وقطع ومحركات السيارات هياكلها اضافة الى ذلك فهي لاتمتلك كوادر خبيرة في هذا المجال الصناعي ومداها الواسع والمعروف الا على نطاق ضيق ومحدود لايصل الى مستوى ماموجود في الدول الصناعية الكبرى بحيث تعتمد دول مثل العراق او مصر او ايران على استيراد القطع الجاهزة والمصنعة لتركيبها لكي تصبح سيارة حتى وان كانت هذه الدول تمتلك المواد الاولية للقيام مثل هكذا صناعة ونظراً لتلك الفوارق فان المتانة والكفاءة والخواص الفنية للسيارة الجديدة تختلف في الحالتين . منطلقات صناعة السيارات في العراق لم تكن صناعة تجميع السيارات معروفة في العراق قبل فترة السبعينيات من القرن الماضي تقريباً حيث أن العراق كان رائداً في صناعة وتجميع السيارات والشاحنات في المنطقة العربية وعلى مستوى الشرق الأوسط أيضاً، لكن هذا هو الواقع الوارد في التقارير التي توثّق تاريخ هذه الصناعة العراقية ومراحل أوجها ومن ثم أفولها نتيجة عقود من الحروب خاضها العراق ثم سنوات من العقوبات الدولية، أدت بطبيعة الحال إلى تراجع الأداء الاقتصادي لأدنى مستوى.وتشير المصادر الاقتصادية الى ان بدايات تصنيع الشاحنات والسيارات في العراق الى بداية السبعينيات الماضية فقد تأسسَ قسم إنتاج سيارات صلاح الدين بعقد مع شركة سافيم الفرنسية وهي عبارة عن شاحنة نقل مختلفة الحجم والنوع في عام 1971 .وقد تم إنتاج حوالي (1000) شاحنة من هذا النوع خلال فترة تقرب من خمس سنوات، كذلك ساحبات عنترالزراعية بداية السبعينيات وبعد ذلك أنهى العراق العَقد لأسباب سياسية.وفيما يخص إنتاج وتجميع حافلات نقل الركاب، فقد بدأ العمل فيها من خلال التعاقد مع شركة سكانيا السويدية عام1980، حيث تم انتاج نوعين من الحافلات وهي (باص بي أف2) 44 راكباً بدون تبريد، وباص متوسط سعة 23 راكباً، وقد وصل معدل الإنتاج من هذه الباصات إلى 250 باصا تقريباً في السنة.وفي مرحلة لاحقة تعاقد العراق مع نفس الشركة لإنتاج حافلات مكيَّفة وبمستوى عال من الفخامة حينها، سعة 49 راكباً، والشارع العراقي قد عرفَ هذا النوع الفعال من الحافلات باسم(الأزبري). مرحلة الاندثار بدأت تتعثرصناعة السيارات في العراق عام 1984 بسبب تداعيات الحرب العراقية الإيرانية حيث توقفت جميع خطوط الإنتاج والتجميع لكافة أنواع الحافلات والشاحنات.وفي عام 1990 تم توقيع عقدين ضخمين أحدهما مع شركة مرسيدس الألمانية لإنتاج ثمانية أنواع من الشاحنات، ونوعين من الحافلات بطاقة إنتاجية تصل لـ 10000 قطعة سنوياً، والآخر مع شركة جي أم الأمريكية لإنتاج سيارات الصالون بـ 16 نوعاً، ولكن هذين المشروعين قد وُلدا ميتين بسبب غزو العراق الكويت في 2 اب من عام 1990 وما تبع ذلك من ايقاف لأغلب النشاطات، وبهذا فإن الشركة تحولت إلى أعمال بعيدة كل البعد عن اختصاصها، منها إنتاج مصافي نفط صغيرة بطاقة 10000 برميل في اليوم الواحد. محاولات النهوض والعودة الى الانتاج وقال مدير اعلام الجهاز المركزي للاحصاء عبد الزهرة الهنداوي: ان من الخطة الخمسية 2010 -2014 التي وضعتها وزارة التخطيط الخطة الاولى من نوعها بالعراق تتضمن 2700 مشروع من مختلف المجالات منها متعلق بالنهوض بالواقع الصناعي من خلال تاهيل المشاريع السابقة صغيرة اوكبيرة او متوسطة وبناء مشاريع جديدة والشركة العامة للسيارات من خلال التعاقد مع شركات صينية وفرنسية وفي مرحلة ما بعد التغييروبعد سقوط النظام السابق بدأت إبان عام 2003 بقيت الشركة تقوم بأعمال مختلفة من إنتاج وتصنيع كرفانات، وتشارك في إعمار الجسور التي دمرها الإرهاب مثل جسر الصرافية وغيره، وتدريع سيارات وزارة الداخلية والدفاع وصباغتها باللون الخاص بها، وبقي الوضع ضمن هذه النشاطات حتى العام الماضي 2009، حيث تم توقيع عقد جديد مع شركة سكانيا السويدية لتجميع 500 شاحنة، كمرحلة أولى على أن يتبعها أعداد أخرى في مراحل لاحقة.كما تم توقيع عقد مع شركة مرسيدس لإنتاج 1000 شاحنة مختلفة الأحجام، وقد بوشر بتنفيذ العقد مع شركة سكانيا بشكل فعلي، وحالياً تعمل خطوط الإنتاج لتجميع هذه الشاحنات، التي تم الحصول على عقود بيع لها من بعض الجهات الحكومية، ولا يفوتنا القول انه يمكن تجهيز المواطنين بشكل مباشر من هذه السيارات.واكدت منافذ وزارة الصناعة والمعادن ان الوزارة تعمل على بناء إقتصاد قوي ورصين خاصة وان القاعدة الصناعية في العراق تعتبر قاعدة عريقة وثابتة .وأن الوزارة تتفاوض حالياً مع شركات عالمية كبرى في مجال صناعة السيارات كـشركات سكانيا, فولفو, مانوديملر بهدف ايجاد فرص للتعاون المشترك لإنتاج شاحنات ومعدات للسوق العراقية بسبب تقادم قطاع النقل البري العراقي ومازالت المفاوضات مستمرة ً الى انه من المؤمل أن تبدأ الشركة العامة للصناعات الميكانيكية ايضاً بإنتاج جرارات زراعية خلال الاشهر المقبلة.
لم تكن صناعة السيارات في البلدان النامية ومنها العراق تشيرالى المعنى الذي ينطبق على عملية الصناعة بشكل واقعي وحسب ما هو معروف في البلدان الصناعية الاخرى كاليابان