كاد وأخواتها غير ناسخة
الناقل :
SunSet
| الكاتب الأصلى :
نجمه عبد المحسن
| المصدر :
www.arabicstory.net
مداخلات لغوية
كاد وأخواتها غير ناسخة
أبو أوس إبراهيم الشمسان*
يرى النحويون أن (كاد وأخواتها) ناسخة مثل (كان)، ولكنا نجد في تركيب الجملة اختلافاً بيناً، وهو اختلاف أشار إليه النحويون هم أنفسهم، ولكن هذا الاختلاف لم يدعهم إلى مراعاته في التصنيف، ومن هذه الاختلافات أن خبرها يكون فعلاً مضارعاً، وهذه مسألة تدعو إلى التأمل؛ ذلك أن هذا الفعل هو الحدث المركزي في الجملة، وما (كاد) سوى فعل مساعد لهذا الفعل الأساسي، مثال ذلك قولك: كاد القدرُ يغلي. فالفعل الأساسي هو الغليان وأما (كاد) فدالة على مقاربة الفعل، وأما القدر فهو الفاعل للفعلين (كاد يغلي) وقد ساغ تقديم الفاعل لأنه لا يلتبس بالمبتدأ فليس هذا موضع ابتداء، وأرى أنه يمكن القول: كاد يغلي القدر. ومن ذلك قوله تعالى: {لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}(117)سورة التوبة، وقول ابن الدمينة:
مُستَشرِفا مَا بهِ قَد كادَ يَخبِلُهُ
وَجدٌ بِهَا مُستَهَامَ القَلبِ مُختَلَبَا
وقال الأعشى:
يَكادُ يَصرَعُها لَولا تَشَدُّدُها
إذا تَقومُ إلى جاراتِها الكَسَلُ
ولأن الفعل الثاني هو الفعل المركزي في الجملة كان النفي له وكان الأصل أن تدخل عليه أداة النفي، كما في قول الشماخ:
وَحَلأَها حَتّى إذا تَمَّ ظِمؤُها
وَقَد كادَ لا يَبقى لَهُنَّ شُحومُ
ولكن شدّة تلازم الفعلين، حتى صارا كفعل واحد، سوغت أن تتقدم أداة النفي على الفعل الأول وهو (كاد) وإن يكن المنفي الفعل الثاني، ونجد ذلك في قوله تعالى: {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ}(52) سورة الزخرف، وقول جرير:
ما كادَ تَبلُغُ أَطلاحٌ أَضَرَّ بِها
بُعدُ المَفاوِزِ بَينَ البِشرِ وَالنيرِ
وقد يحتج بأن اللام الفارقة تدخل على الفعل الثاني دخولها على الخبر كما في قوله تعالى: {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}(73)سورة الإسراء، وليس في ذلك حجة عندي؛ إذ هذه لام توكيد لابد من تأخيرها لكي لا تجتمع مع (إن) المؤكدة. وقد جاءت اللام المؤكدة داخلة على الفعل الأول، ومثال ذلك قول الحسن بن وهب:
ماذا بقلب أخيك مذ فارقته
ليكاد من شوق إليك يطير
وقول حيدر الحلّي:
ومسكتُ قلبي كي يقرَّ وإنَّه
ليكادُ يلفظه الزفيرُ فيحرق
والذي ننتهي إليه أن (كاد) ليست داخلة على الجملة الاسمية المؤلفة من المبتدأ والخبر، بل هي واقعة في جملة فعلية. ولذلك لا تعدّ ناسخة مثل (كان) الناقصة.
* أستاذ النحو - كلية الآداب - جامعة الملك سعود - الرياض
الجزيره