السعي بين الصفا والمروة ركن من أركان الحج والعمرة على الصحيح من أقوال أهل العلم، والمشهور من أقوال الفقهاء أن يكون السعي بين الصفا والمروة بعد الطواف بالبيت، كما ينبغي الموالاة بين الأشواط فلا يكون هناك فاصل طويل بينها إلا لعذر، أو حضور صلاة مكتوبة.
ولهذا السعي سنن مأثورة، وآداب لا بد من مراعاتها فمن ذلك:
- يسن لمن فرغ من الطواف بالبيت، وصلاة ركعتين خلف المقام؛ أن يرجع فيستلم الحجر الأسود إن تيسر له ذلك تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم يخرج من باب الصفا (وهو الباب المقابل لما بين الركنين اليمانين) ليبتدئ سعيه بين الصفا والمروة.
- ومن سنن السعي التطهر من الحدث والخبث، وستر العورة.
- ويسن عند الصعود إلى الصفا قراءة قول الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} (سورة البقرة:158)، ويقول: "أبدأ بما بدأ الله به".
- الصعود للرجال دون غيرهم على الصفا والمروة حتى يتسنى لهم رؤية الكعبة
1، وذلك بقدر قامة كما عند الشافعية، كما يسن للمرأة الصعود إذا خلا المكان من الرجال، وإلا وقفت أسفلهما.
- استقبال القبلة، والتكبير ثلاثاً: "الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر"، ثم يدعو بهذا الدعاء المأثور: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده"، يقول ذلك ثلاث مرات، ثم يدعو بما شاء، ويسأل الله تعالى من خيري الدنيا والآخرة.
- إذا فرغ من الدعاء على الصفا فعليه أن يشرع في السعي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ فَاسْعَوْا))
2.
- المشي بخضوع وخشوع وتذلل لله عز وجل، حتى إذا وصل إلى العَلَمِ الموضوع (وهو عبارة عن ميل أخضر) فيسن للرجال أن يسعوا سعياً شديداً حتى يصلوا إلى العلم الآخر، فيتوقفوا عن الإسراع، ويمشوا مشياً عادياً حتى يصلوا إلى المروة فيصنعوا مثلما صنعوا على الصفا من الصعود، واستقبال القبلة، والتكبير، وذكر الله عز وجل، وكثرة الدعاء والابتهال إلى الله عز وجل، وأما المرأة فالسنة في حقها المشي، وعدم الإسراع.
- التنبه إلى أن السعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط، فابتداء الشوط الأول يكون من الصفا، وانتهاء الشوط السابع يكون في المروة، والمشي من الصفا إلى المروة يعتبر شوطاً كاملاً، والمشي من المروة إلى الصفا يعتبر شوطاً ثانياً.
- ينبغي أن يشغل العبد نفسه بالذكر والعبادة والدعاء، ويبتعد عن الكلام فيما لا طائل فيه، وعن الغيبة والنميمة، والضحك والهزل الذي لا يعود على المرء بفائدة استغلالاً لبركة المكان، وتعظيماً لحرمته.
- كما ينبغي لمن أراد السعي بين الصفا والمروة تجنب الزحام، والابتعاد عن التجمعات، وكذا عدم المشي على شكل جماعات لما في ذلك من إيذاء الحجاج والمعتمرين، وإرهاق لكبار السن، وتأخيرهم عن أداء العبادة.
تقبل الله منا ومنكم الطاعات، والحمد لله رب العالمين.
[1] قال الشيخ الألباني رحمه الله في كتابه مناسك الحج والعمرة: "ليس من السهل الآن رؤية البيت إلا في بعض الأماكن من الصفا، فإنه يراه من خلال الأعمدة التي بني عليها الطابق الثاني من المسجد، فمن تيسر له ذلك فقد أصاب السنة، وإلا فليجتهد ولا حرج".
[2]
السنن الكبرى للبيهقي (9635)، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (970).