نستقبل قريباً موسماً عظيماً من مواسم الطاعة، تتجلى فيه معاني التوحيد الخالص في أروع صوره، وتظهر فيه من أسرار هذا الدين وشموليته ما فيه زيادة لإيمان أولي الألباب. ففي حجة الوداع كان ملفتاً للنظر وصية الرسول الله صلى الله عليه وسلم بالنساء خيراً والتذكير بحقوقهن ومكانتهن، وهذا التوجيه في هذه المناسبة الحاشدة، التي حضرها أكثر من 100 ألف، فيه بيان للمسلمين في كل زمان ومكان أن هذا الدين هو الذي تجد فيه المرأة كل ما تحلم به من تكريم، وإعلان عالمي لحقوق المرأة دونه كل إعلان..
ما أجمل أن يعلن خطيب عرفة أمام هذا التجمع العالمي الرؤية الإسلامية العادلة لقضية المرأة، وما أعظمها من فرصة حيث تنقل الخطبة إلى كل مكان بالصوت والصورة مترجمة إلى كل اللغات الحية. وفي وقت تقام فيه الاحتفالات والفعاليات والمؤتمرات للمطالبة بحقوق المرأة بمناسبة يوم تحرير المرأة الذي لا يفصله عن يوم عرفة إلا خمسة أيام؛ فإن المرأة المسلمة تأمل من هذا التجمع الإسلامي العالمي أن يطرح قضيتها ويضع النقاط على الحروف لأكثر من ستة بلايين من البشر يعيشون هذه اللحظة.
وهنا أتساءل: ماذا أعدت المرأة الداعية القادمة للحج؟ ماذا في ذهنها من هموم وقضايا تطرحها على أخواتها؟ وماذا أعد الرجل الداعية أيضاً لأخته المسلمة مهما كانت لغتها ولونها وبلدها؟ وماذا أعدت مؤسسات الإصلاح للإفادة واستغلال هذا التجمع الفريد؟
هل يمر هذا الموسم العظيم على المسلمين دون أن يستثمر؟ وهل تمضي السنون وتجئ الجموع تلو الجموع وتذهب دون أن يضاف إلى الرصيد المعرفي والإيماني شيء؟ ودون أن يتم التعارف الأخوي الذي يزيد الإيمان؟ وكيف يغيب عن ذهن المسلمين استثمار هذا الحشد الكبير في تأصيل الانتماء والحرص على سلامة النهج؟
إنني أرى أنه يتعين على أهل الخير عمل الكثير، وتطوير التعامل مع هذا الحدث بما يليق به. الواجب أن تهتم المرأة والرجل ومؤسسات الإصلاح في كل البلاد الإسلامية بهذا الموسم العظيم؛ فتعمل جاهدة على استثمار كل دقيقة منه.. إنه من الخسارة أن تذهب الداعية للحج ولا تضع في ذهنها مثلاً بث الخير في النفوس بالكلمة الطيبة والوجه الباسم والحرص المخلص على معنويات صاحباتها في هذه الرحلة الإيمانية المباركة.
ليس بالضرورة أن يكون كل وقت الرحلة دروساً ومواعظ، بل يكون فيه وقت للّقاءات الاجتماعية الناضجة التي تقرب النفوس وتعزز التعارف لمستقبل علاقات إيمانية طيبة يتم فيها التعاون على نشر الخير، وأيضاً يكون للصلاة وقراءة القرآن والقراءة في الكتب النافعة نصيب، ويكون أيضاً فيه فرص للتخفيف عن النفوس بالمسابقات الثقافية والبرامج المختلفة..
تتجلى في موسم الحج العظيم معاني التوحيد الخالص في أروع صوره، وتظهر فيه من أسرار هذا الدين وشموليته ما فيه زيادة لإيمان أولي الألباب، ففي حجة الوداع كان ملفتاً للنظر وصية الرسول الله صلى الله عليه وسلم بالنساء خيراً والتذكير بحقوقهن ومكانتهن، وهذا التوجيه في هذه المناسبة الحاشدة (التي حضرها أكثر من مئة ألف) فيه بيان للمسلمين في كل زمان ومكان أن هذا الدين هو الذي تجد فيه المرأة كل ما تحلم به من تكريم، وإعلان عالمي لحقوق المرأة دونه كل إعلان..
ما أجمل أن يعلن خطيب عرفة أمام هذا التجمع العالمي الرؤية الإسلامية العادلة لقضية المرأة، وما أعظمها من فرصة حيث تنقل الخطبة إلى كل مكان بالصوت والصورة مترجمة إلى كل اللغات الحية، وفي وقت تقام فيه الاحتفالات والفعاليات والمؤتمرات للمطالبة بحقوق المرأة بمناسبة يوم تحرير المرأة الذي لا يفصله عن يوم عرفة إلا خمسة أيام، فإن المرأة المسلمة تأمل من هذا التجمع الإسلامي العالمي أن يطرح قضيتها ويضع النقاط على الحروف لأكثر من ستة بلايين من البشر يعيشون هذه اللحظة.
إنني أرى أنه يتعين على أهل الخير عمل الكثير وتطوير التعامل مع هذا الحدث بما يليق به. الواجب أن تهتم المرأة والرجل ومؤسسات الإصلاح في كل البلاد الإسلامية بهذا الموسم العظيم فتعمل جاهدة على استثمار كل دقيقة منه.. إنه من الخسارة أن تذهب الداعية للحج ولا تضع في ذهنها - مثلاً - بث الخير في النفوس بالكلمة الطيبة والوجه الباسم والحرص المخلص على معنويات صاحباتها في هذه الرحلة الإيمانية المباركة. ليس بالضرورة أن يكون كل وقت الرحلة دروساً ومواعظ، بل يكون للقاءات الاجتماعية الناضجة التي تقرب النفوس وتعزز التعارف دور في مستقبل علاقات إيمانية طيبة يتم فيها التعاون على نشر الخير، وأيضاً يكون للصلاة وقراءة القرآن والقراءة في الكتب النافعة نصيب، وتكون أيضاً فرص للتخفيف عن النفوس بالمسابقات الثقافية والبرامج المختلفة.
إن هذه الأفكار ينبغي على الحجاج مراعاتها، وخصوصاً الأخت الداعية، ومن ذلك: مراعاة ظروف الأخوات، فيختار الوقت الذي يناسب الجميع، وأن لا يثقل بالموعظة؛ فإن منهج الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يتخول أصحابه بالموعظة.
ومن المهم أيضاً - بجانب الحديث عن أمور الحج - الحديث عن بعض القضايا التي تهم الناس في حياتهم اليومية بالقدر المناسب.
المهم أن لا تمضى الأوقات في غيبة أو نميمة أو كلام لا يعود بالخير على القلوب، والمهم كذلك أن تستشعر المرأة المسلمة أن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، وأن الحج المبرور هو الذي لا يرتكب فيه صاحبه معصية مهما صغرت. ومما يساعد على ذلك: أن تشغل النفس بالطاعات الظاهرة والباطنة، ولاسيما أعمال القلوب من الإخلاص والتوكل والخشوع والإنابة والتوبة النصوح، فإن القلب متى ما اشتغل بالحق لم يجد الشيطان ثغرات يدخل منه ليسول له المعصية. وأيام الحج كلها معدودة فيا لخسارة من ضاعت عليها! ويا لسعادة من وفقت لاغتنامها وملئها بالنافع من القول والعمل. تذهب الأخت فتلتقي ضمن الحملة بأخوات لم يجمعهن في هذا المكان إلا إيمان بالله ورسوله ولم يحركهن إلا ابتغاء رضا الله؛ فيأتي التعارف محققاً للرابطة الإيمانية ومذكراً بأخوة العقيدة التي دونها كل صلة من قربى أو غيرها. وتتعود الأخت كذلك تحمل المشقة وتستشعر الاحتساب وأن لا يكون تحملها عادة أو موافقة لزميلاتها أو خشية نقدهن.. بل يكون هاجسها مراقبة الله وتذكر أخواتها المسلمات اللاتي يتعرضن إلى التشريد والجوع والتعب فتدعو لهن وتسأل ربها أن لا يكون ما هي فيه من نعم استدراجاً.
والأخت الداعية عليها مسؤولية تذكير أخواتها بهذه المعاني بمختلف الوسائل، كما تحرص على التلطف على المشاركات، فهذا أعظم مدخل على القلوب وأحرى بالتأثير.
ومن عظيم ما يجب على الداعية: التزود بالفقه، لا سيما في الأمور التي يكثر الاستفتاء حولها كمسائل الحج والطهارة والصدقة، ولكن ينبغي الحذر من الفتوى بلا علم.
والحج ضمن حملة منظمة تتوفر فيها كل أسباب الراحة فرصة كبيرة للدعوة والتأثير على الناس؛ ولذا فإني أتمنى من أصحاب الحملات أن يحرصوا على استقطاب الداعيات المتمكنات حتى يستفيد النساء ويتعلمن آداب الحج وأعماله اليومية. والداعية الذكية تستغل هذه الأيام التي تقبل فيها النفوس لتؤصل العقيدة في النفوس، وتسعى جاهدة لتقنع المؤمنات بضرورة الثبات والإقبال على شريعة الله أثناء الحج وبعده، وتجتنب مخالفة الحكم الشرعي.
إن من الخطأ - في رأيي - اهتمام حملات الحج بالطعام والشراب وتوفير وسائل الراحة - وهي مطلوبة - والغفلة عن العناية بتوفير الأجواء المناسبة للإفادة القصوى من هذا التجمع النادر. وأملنا أن نسمع هذه السنة في خطبة عرفة مناقشة لما يشغل المسلمين من مستجدات، وتوجيه للمرأة على وجه الخصوص، وتوجيه للرجال بالإحسان إلى النساء وحسن معاملتهن والقيام بالأمانة التي حملهم إياها رب العالمين. ومتى ما توافر كل هذا - مع تواص على الخير، وتعاهد على الالتزام بأوامر الله عز وجل أثناء الحج وبعده -؛ تحقق الهدف من هذه الرحلة الطيبة، ورجعت المؤمنة بنفس قد ملئت من معاني الإيمان ما لم يكن لها على بال!