تتصاعد المخاوف داخل المؤسسات الاتحادية الأوروبية في بروكسل، من أن تدخل منطقة اليورو في مرحلة جدية من الاضطراب وراء خلفية أزمة الديون السيادية ومتاعب المصارف التي يمر بها عدد من دولها.
وتهدد أزمة الديون في أوروبا بأن تدخل مرحلة ثانية ربما أكثر حدة وهي الأزمة التي تتمحور حول تفاقم المؤشرات السلبية في أيرلندا والبرتغال واليونان على وجه التحديد. وتكثفت الاتصالات على أكثر من مستوى خلال الساعات الأخيرة لجرِ أيرلندا نحو القبول بحزمة مساعدات ومنع تفشي العدوى لدول أخرى. وبعد أن نفت الحكومة الأيرلندية مثل هذه الاتصالات أقرت بها وأعلنت أنها ربما تتجه إلى مطالبة منطقة اليورو بتقديم دعم لقطاعها المصرفي ولكن ليس لموازنتها العامة رغم تفاقم العجز. وتبدو الأزمة الأيرلندية ذات شقين، الأول مصرفي، والآخر يتعلق بالعجز العام.
وتواجه البرتغال من جهتها متاعب داخلية شرسة في تمرير حزمة التقشف التي فرضها عليها صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي. ولوح وزير خارجية البرتغال لويس اماديو للمرة الأولى بإمكانية خروج لشبونة طواعية من منطقة اليورو مما زاد من ضغوط المضاربين على العملة الأوروبية. أما اليونان التي وصلها أمس وفد ثلاثي من المفوضية الأوروبية والمصرف المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي فإنها تواجه احتمالات عدم تمكنها من تسديد الديون، التي منحها لها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي في الربيع الماضي ، التي تبلغ 110 مليارات يورو.
وترغب ألمانيا مقابل هذه الأوضاع أن تقبل أيرلندا بمخطط إنقاذ أوروبي عاجل ورسمي وهو ما تتردد حكومة دبلن في القبول به حفظا على سيادتها الوطنية. كما أن برلين تريد إشراك المصارف ومؤسسات القطاع الخاص في إدارة أزمة الديون وهو ما يزيد من توتر أسواق المال، خاصة أن رئيس منطقة اليورو جان كلود جونكر كرر تشكيكه في هذا الطرح. ومن المتوقع أن يطرح مجمل إشكالية ديون منطقة اليورو خلال اجتماع وزراء الخزانة والمال لدول الاتحاد الأوروبي مساء اليوم وغدا في بروكسل.أمام ذلك، أعلن الاتحاد الأوروبي في مراجعة شاملة لبيانات الدول الأعضاء أن العجز اليوناني العام والديون للأعوام اللأربعة حتى 2009 فاقت كثيرا الأرقام السابقة، موضحا أن العجز اليوناني بلغ 15.4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في 2009. ودلت أرقام الاتحاد التي جاءت نتيجة عمليات تدقيق مفصلة أجرتها بروكسل على أن العجز في الميزانية اليونانية بلغ 15.4 في المائة في ارتفاع كبير عن نسبة 13.6 في المائة التي أعلنت في نيسان (أبريل).
وأظهرت المراجعة كذلك زيادة في السنوات الثلاث التي سبقت 2009، حيث ارتفعت النسبة من 3.6 في المائة إلى 5.7 في المائة في عام 2006، ومن 5.1 في المائة إلى 6.4 في المائة في عام 2007، ومن 7.7 في المائة إلى 9.4 في المائة في عام 2008، مما يدل على تدهور متسارع لوضع الحكومة اليونانية المالي قبل طلبها المساعدة من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وبلغت أرقام الديون، التي تظهر تراكم العجز السنوي نسبة 126.8 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2009، أي بارتفاع كبير عن نسبة 115.1 في المائة التي أعلنت في نيسان (أبريل). كما أظهرت المراجعة ارتفاعا كبيرا في أرقام الديون في السنوات الثلاث التي سبقت. وصرح رئيس الوزراء جورج باباندريو أن حكومته تجري محادثات حول إمكانية إطالة فترة سداد أموال الإنقاذ التي حصلت عليها بلاده إلى ما بعد المدة المقررة وهي 2015.